أكد وزير الشباب والرياضة السابق، الدكتور سيد علي لبيب، في الحوار الذي خص به “الشروق”، بأن لجوء المكتب الفدرالي إلى مبدأ الصعود من دون نزول وتعيين بطل الموسم دون إكمال المنافسة يعد سابقة من نوعها، وستكون لها تبعات سلبية في المستقبل، مضيفا أن الكرة الجزائرية مرت بظروف أصعب خلال فترة العشرية السوداء، إلا أنه يتم في كل مرة الحرص على إنهاء الموسم حتى ولو تطلب الأمر تأخير ذلك إلى غاية موعد انطلاق الموسم الموالي، كما تحدث الدكتور سيد علي لبيب المنتخب الوطني الذي اعتبره بمثابة مؤسسة قائمة بذاتها، مثلما تطرق إلى تجربته في التسيير على رأس وزارة الشباب والرياضة خلال التسعينيات وقضية كعروف وأمور أخرى تكتشفونها في هذا الحوار.
بداية، ما رأيك في قرار المكتب الفدرالي الذي قرر إلغاء البطولة وفق خيار الصعود من دون نزول؟
أعتقد أنه كان من المفروض إكمال الموسم الكروي حتى يكشف عن البطل فوق الميدان، وهذا من باب الحفاظ على المنافسة الرياضية الطبيعية، لأن ما أقدم عليه المكتب الفدرالي يعد سابقة غير محبذة، وكان من المفروض تفادي مثل هذه السوابق. وطبعا كلامي هذا لا يقلل من قيمة شباب بلوزداد الذي اعرف تاريخه جيدا ونجومه الكروية السابقة منذ لالماس وسالمي وكالام والبقية، لكن في نظري كان على المكتب الفدرالي ألا يمنح البطولة بصفة إدارية، لو تم إكمال المنافسة لكان أفضل بكثير.
كيف تنظر إلى مخلفات هذا القرار؟
أكيد سيكون له تبعات سلبية في المستقبل، لأنه كان من الأفضل الحرص على مواصلة المنافسة بشكلها الطبيعي والنزيه، لأن ما حدث يعد سابقة خطيرة في تاريخ الحركة الرياضية، بدليل أنه رغم الظروف الصعبة التي مرت بها الجزائر في التسعينيات إلا أنه لم يحدث مثل هذا القرار، وكنا نحرص على إكمال المنافسة الرياضية بطريقة طبيعية.
كيف تفسر هذا القرار على ضوء الظروف التي مرت بها البلاد بسبب جائحة كورونا؟
مهما كانت الظروف أعتقد بأن ما حدث هو خرق للمنافسة الرياضية وخرق للفكر الرياضي النزيه، حيث لا يمكن اتخاذ قرار إداري بتعيين بطل الموسم قبل انتهاء الموسم، مثلما لا يمكن مثلا الإقرار بأن الأول في السداسي الأول هو الأول بالضرورة مع نهاية الموسم، وعليه كان بالمقدور استئناف المنافسة خاصة بعد قرار الرفع التدريجي للحجر الصحي والقيام بالإجراءات الوقائية للرياضيين والحكام والمسيرين.
هل ترى بأن ما حدث كان اضطراريا أو يمكن تفادي اللجوء إليه؟
أنا لا أشكك في نوايا المكتب الفيدرالي، لكن ما حدث من وجهة نظري هو بمثابة حيلة خرقوا بها القرار الوزاري، وهذا يفتح المجال للكثير من التأويلات، خاصة وأن الأمر يتزامن مع نهاية العهدة، ما يجعل البعض يفسر ذلك على أن هذا القرار الغرض منه وجود طموحات لرئاسة الاتحادية وحث الأندية على التصويت لهذا الغرض. وحتى إن افترضنا غياب خلفية في هذا الجانب فإن ذلك يجر الأندية لهذا العمل، وعليه فإن المتعارف عليه على المستوى الدولي هو ترك المنافسة تكتمل، لذلك أرى أن ما حدث يعد سابقة رياضية غير محترمة.
كيف تنظر إلى مستقبل الموسم المقبل على ضوء المعطيات الحالية، خاصة في ظل رفع عدد الأندية في كل قسم بعد تطبيق قرار الصعود من دون نزول؟
منذ عقدين أو أكثر كانوا دائما يجدون مشاكل في الرزنامة موازاة مع منافسة كاس الجزائر، والأكثر من هذا لاحظنا تصريحات ساخنة من سب وشتم وصعوبات في تسوية حقوق الحكام وغيرها، السؤال المطروح هو كيف نتحكم في رزنامة مكثفة بعد رفع عدد الأندية في وقت كانوا يواجهون متاعب بالجملة حين كانت البطولة مشكلة من 16 فريق، ناهيك عن المشكل المالي ومطالب الأندية بإعانات الدولة وتمويل من شركات وطنية.
على ذكر مطالب الأندية المالية، كيف تقيم واقع الاحتراف في الجزائر؟
السؤال المطروح، هل هناك احتراف وفق متطلبات التمويل الذاتي مثلما هو سائد في أوروبا. في الجزائر البقرة الحلوب هي الشركات الوطنية، ووقفنا على متاعب بالجملة حين كانت البطولة مشكلة من 16 فريقا، فكيف سيكون الحال بعد رفعها إلى 20 فريق. علينا التفكير في هذا الجانب، يجب النظر إلى الماضي القريب لأخذ العبرة، لأنه ستكون مشاكل مستقبلا ونحن لا نتمنى ذلك، لأن كرة القدم محبوبة من طرف الشعب ومتنفس الجميع ويجب أن نحافظ على هذا الفضاء من خلال إيجاد الحلول والديمقراطية في اختيار الرجال.
انتقادك لقرار وخيارات المكتب الفدرالي قد يفسره البعض على أنه نابع من خلافات أو خلفيات معينة، ما قولك؟
أنا لست ضد المكتب الفدرالي الحالي، لكن منذ البداية اخترقوا كل القوانين الرياضية، وخرج مكتب بطريقة معروفة، والجميع يعرف من كان وراء تعيين هذا المكتب وتعبيده الطريق لتولي زمام الاتحادية الجزائرية لكرة القدم.
كيف تنظر إلى مستقبل المنتخب الوطني على ضوء بروزه اللافت وتتويجه بـ “كان 2019″؟
أنا متفائل جدا بمستقبل المنتخب الوطني، وأعتبره بمثابة مؤسسة خارجة عن إطار الاتحادية في تمويلها وفي إدارة بعض الأشياء، هناك رجال في الطاقم الفني والإداري بقيادة المدرب بلماضي الذي سخر خبرته وحنكته في بناء منتخب محترف أصبح بمثابة البعبع على الصعيد القاري، وكل منتخب يحسب له ألف حساب، كما يملك المنتخب الوطني خزان من المحترفين وحتى المحليين، ما يؤكد أن المكانة ستكون غالية، حتى أن البعض يقول بأن لدينا 3 منتخبات وطنية، كما قرأت مؤخرا تقريرا تحت عنوان “لماذا انتصرت الجزائر وحازت على الكأس الإفريقية”، وخلص هذا التقرير إلى أن كرسي المنتخب الوطني هو أحسن من المنتخبات الأخرى.
ما رأيك في بصمة المدرب بلماضي على رأس “الخضر”؟
بلماضي معروف بماضيه وجديته وطموحاته، حيث لعب في أوروبا وعمل في الخليج، ما جعله يكسب الخبرة التي مكنته من صنع الفارق، ناهيك عن تحليه بقوة الشخصية التي مكنته من تسيير المجموعة بشكل فعال، وبالمناسبة أتمنى له التوفيق في تحدياته المقبلة مع المنتخب الوطني.
وكيف تنظر إلى هذه التحديات، على غرار تصفيات المونديال ورهان الحفاظ على لقب “الكان”؟
كل المنتخبات ترى أن المنتخب الوطني هو البعبع في الوقت الحالي، وعليه فهو يستحق كل الثقة والدعم، كما نلاحظ الكثير من التواضع والروح الوطنية في الطاقم الفني، وهذا ما يجعلنا نتفاءل بمواصلة التألق والتأكيد مستقبلا.
وكيف ترى تحديات الرياضيين الجزائريين في الألعاب الأولمبية؟
الألعاب الأولمبية القادمة هي فرصة للجزائر مثل كل الدول لضبط التحضيرات، أعتقد أن الوزارة متفطنة في هذا الجانب، من خلال ضبط الأمور اللوجيستية، كما أن الجزائر قادرة على استلام مرافق تعطلت إنجازها لمدة طويلة، لأن المنشآت الرياضية عنصر مهم للتحضير الجيد للألعاب الأولمبية، مع مراعاة وضعية اللجنة الاولمبية والاتحاديات.
توليت وزارة الشباب والرياضة خلال التسعينيات، فكيف كانت الحركة الرياضية في تلك الفترة؟
كانت قوية ومكثفة من حيث عدد المنخرطين، وهذا رغم الوضع الأمني الصعب الذي مرت به البلاد، لكن ذلك الوضع لم يمنعنا من اتخاذ تدابير مهمة لتشجيع الرياضة، مع تفادي كل القرارات الارتجالية، حيث ناقشنا مواضيع مماثلة على مستوى الوزارة ثم الحكومة، وحرصنا على المنافسة بصفة طبيعية. كثير من الرؤساء في التسعينيات دعوا إلى الصعود دون هبوط لكن تفادينا تطبيقه، حدث هذا رغم الظروف الصعبة وفي مقدمة ذلك المرحلة الانتقالية التي كانت تمر بها الاتحادية الجزائرية لكرة القدم، رفضت الفكرة من أساسها وساندت الجهات المعنية في عدم المساس بالمنافسة في تلك الفترة.
خلال توليك وزارة الشباب والرياضة كيف تم تأسيس الرابطة الوطنية لكرة القدم؟
الفكرة كانت من المرحوم رشيد خلواطي الذي أكد على أهمية هذه الهيئة في تسيير منافسة كرة القدم على أن يكون الطعن لدى الاتحادية، وبحكم العلاقة الودية التي تجمعنا فقد طلبت تحضير مشروع في هذا الجانب، وبعدما قدم لي المشروع كلفته بتولي المهمة، وبالتالي كان المرحوم خلواطي أول رئيس للرابطة الوطنية لكرة القدم في تلك الفترة.
هل أنت راض بالمبادرات والجهود التي قمت بها خلال فترة توليك حقيبة وزارة الشباب والرياضة؟
المرحلة كانت صعبة، لكن عملنا على رفع التحدي في عز الإرهاب، من خلال عدة مشاريع تصب في ترقية الشباب والرياضة، قمت بعدة مبادرات مثل تأسيس المجلس الأعلى للشباب، وتنظيم الجلسات الوطنية للشباب، حتى أننا جازفنا في اقتحام حي القصبة رغم الوضع الأمني الصعب، وعملنا على إقامة ملاعب جوارية ونادي الإعلام الآلي، حتى أن وسائل الإعلام كتبت في اليوم الموالي بالبنط العريض “الحكومة اخترقت القصبة”، للأمانة كان في الوزارة إطارات في المستوى، حتى أن البعض منهم تمت ترقيتهم إلى أمناء عامين. كانت نيتنا جلب الشباب ووجوه مقبولة بمقدورها منح الإضافة في مختلف الاتحاديات.
هل كان تعيين ماجر مدربا للمنتخب الوطني يصب في هذا الاتجاه؟
في تلك الفترة كان هناك مقترحان وهما مصطفى دحلب أو رابح ماجر، وبعد التشاور مع رئيس الاتحادية مولدي عيساوي وقع الاختيار على رابح ماجر، وهذا بحكم ماضيه الكروي وسمعته الدولية كلاعب محترف ودولي سابق.
هل يمكن أن تعطينا توضيحات بخصوص قضية كعروف التي حرمت الخضر من المشاركة في “كان 94″؟
كما يعرف الجميع، فإن قضية كعروف مرتبطة بإقصاء المنتخب الوطني من نهائيات “كان 94” بتونس، وقد أسسنا لجنة تحقيق على رأسها المفتش العام للوزارة ولجنة متساوية الأعضاء تخص الاتحادية والوزارة التي تمثل الدولة، وكان لزاما اتخاذ قرارات صارمة.
ما هي هذه القرارات؟
اللجنة توصلت إلى نتيجة وهي أن الخطأ ليس من اللاعب، كما أن هناك كلام يشير بأن المنتخب ذهب ضحية خيانة من الجزائر من طرف شخص لا يتفاهم مع الاتحادية وهو الذي باع المعلومة، لن لم يتسن لنا الحصول على دليل، وفي النهاية كانت المسؤولية بدرجات مختلفة، حيث تقرر معاقبة المدربين إيغيل ومهداوي ومسؤول إداري في المنتخب، ورغم كل هذا فقد حاولت بعد هذا التحقيق تقليص العقوبات لتفادي العقوبة القصوى.
ماذا تقول عن اغتيال رئيس الفاف السابق حرايق؟
اغتيال المرحوم حرايق كان صدمة كبيرة، وهو المعروف بجديته وحنكته، حيث قدم إلى الاتحادية من أجل توظيف مساعيه لتحسين وضعية الكرة الجزائرية، لكن للأسف ذهب ضحية اغتيال وهو الأمر الذي أثر فينا كثيرا كأسرة رياضية نعرف كفاءة ونزاهة الرجل.
ما هي أسباب خروجك من الوزارة؟
بكل تواضع، فإن الجهود التي بذلتها كسبت لي عدة أعداء، وكنت مرشحا لتولي مهام عليا، لكن ذهبت ضحية تيار عمل ما بوسعه من أجل الإساءة إلى سمعتي، من خلال “الضرب لخشين” الذي بدأ من الداخل.
سبق لك أن توليت زمام اللجنة الأولمبية الجزائرية، فهل أنت مستعد للعودة إليها مجددا؟
صحيح أن هناك من اتصل بي وعرض علي الفكرة، بل هناك من أكد بأن اللجنة الأولمبية في حاجة إلى خدماتي، لكن بصراحة لم أفكر في هذا الموضوع، لكن إذا كانت هناك إرادة في القاعدة أو على مستوى المسؤولين فمن اللازم توظيف جهود الجميع من أجل تحسين وضعية الرياضة وأمور اللجنة الأولمبية.
الجميع يعرف أنك تخصصت في الطب إلا أن الرياضة سرقتك ممارسة وتسييرا، كيف تفسر ذلك؟
في الحقيقة أنا كنت رياضي دولي لسنوات، وموازاة مع ذلك، فبعد أن نلت البكالوريا اخترت الدراسة في الطب (تخصص جراحة)، لكن أردت البقاء في مجال الرياضة فاخترت التحول إلى تخصص الطب الرياضي، وفيما بعد توليت عدة مهام تسييرية، سواء على رأس اللجنة الأولمبية الجزائرية وكذا حقيبة وزارة الشباب والرياضة وغيرها من المهام الإدارية التي توليتها في مجال الرياضة وغير الرياضة.