هل الإعلام الغربي يدق طبول الحرب بين الجزائر والمغرب؟

55

بقلم: فريدة شراد

أفريقيا برس – الجزائر. في الأشهر الأخيرة برزت إلى السطح خلافات حادّة بين الجزائر والمغرب، اتخذت واجهات متعددة من الشد والجذب، ووصلت هذه الخلافات إلى ذروتها مع إعلان الجزائر لمقتل ثلاثة من مواطنيها على يد المملكة المغربية.

واتهمت الرئاسة الجزائرية المغرب بقتل ثلاثة من مواطنيها في قصف “بسلاح متطور” وقع في المنطقة الحدودية بين موريتانيا والصحراء الغربية وتوعدت أن الأمر “لن يمر دون عقاب”.

وجاء موقف الرئاسة الجزائرية بعد أيام قليلة عقب قرار الرئيس عبد المجيد تبون القاضي بعدم تجديد عقد استغلال خط أنابيب الغاز الذي يزود إسبانيا بالغاز الجزائري مروراً بالمغرب، ما يعني أن إمدادات الغاز الجزائري لإسبانيا ستقتصر على أنبوب الغاز البحري ميدغاز الذي وضع في الخدمة عام 2011.
وقد انتهى عقد العمل المبرم بين الجزائر والمغرب، لنقل الغاز الجزائري، عبر الأراضي المغربية، إلى إسبانيا، في منتصف ليل 31 أكتوبر. وسبق كل هذا إعلان وزير خارجية الجزائري رمطان لعمامرة عن قطع بلاده لعلاقاتها الدبلوماسية مع المغرب، في شهر أوت الماضي متهما الرباط بالقيام بـ”أعمال عدائية”.

وعلى خلفية كل ما سبق أصبح الخلاف الجزائري المغربي مادة دسمة للإعلام الأجنبي الذي أصبح يصدر الكثير من التقارير حول الأزمة وجلها يدخل ضمن التقريرات الاستخبارية والتي تنقل معلومات ومعطيات على خلفية عسكرية بحتة.

المخابرات الإسبانية تدخل على الخط

حمل تقرير لصحيفة “إلباييس” الإسبانية نُقل عن مصادر استخباراتية إسبانية وقوع حادثة قصف شاحنتين جزائريتين في منطقة بئر لحلو في الصحراء الغربية، على الطريق الرابط بين موريتانيا والجزائر. وكشفت المصادر ذاتها أن الهجوم الذي وقع مطلع الشهر الجاري نُفذ بطائرات مسيّرة، واستبعدت “بشدة” في أن يكون قصف الشاحنتين بالخطأ. وحذّرت المصادر الاستخباراتية من أن الوضع بات “خطير للغاية” بين البلدين بعد وقوع هذه الحادثة، وتلقي المغرب لمعدات عسكرية متطورة من دولة الاحتلال الإسرائيلي.

وكشف موقع مينا ديفونس المتخصص في الشؤون العسكرية، في 02 نوفمبر الجاري، تعرّض شاحنتين جزائريتين للقصف من قبل قوات عسكرية مغربية. وقال الموقع، إن القصف وقع بين منطقتي عين بنتيلي وبئر الحلو في الأراضي الصحراوية المحررة وأودى بحياة ثلاثة جزائريين كانوا على متن الشاحنتين المتوجهتين إلى موريتاتيا.

الإعلام الغربي والأزمة المغاربية

الدكتور سمير محرز، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية

أكد سمير محرز، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، في حوار خص به موقع “أفريقيا برس” أن الفتور في العلاقات الجزائرية المغربية قديم، مرجحا أن يطول الخلاف هذه المرة. وحسب مُحدث “أفريقيا برس” فالاهتمام الاعلامي للازمة بين البلدين يعود لحساسيتهما وقوة تأثيرهما التي تتجاوز دول الجوار إلى المشهد العربي والأفريقي والمتوسطي.

طفى إلى سطح في ظل الأزمة الكثير من التقرير الإعلامية أمنية وعسكرية التي تزيد من التوتر القائم واللعب على وتر الخلافات الحساسة بين البلدين، في رأيكم ما هو الهدف منها؟

وقد بدى واضحا جدا خاصة بعد الأحداث الأخيرة التي حدثت في أراضي الصحراء الغربية من خلال قتل ثلاث جزائريين ناقلين، حيث ساهمت هذه التقارير الاعلامية في نشر المعلومات بغض النظر عن حقيتها ومصداقيتها، فمثلا أكدت مصادر استخباراتية واعلامية كالموقع الاخباري “ألباييس الإسبانية” وقوع حادثة قصف شاحنتين جزائريتين في منطقة بئر لحلو في الصحراء الغربية، على الطريق الرابط بين موريتانيا والجزائر، وقد تم نشر المعلومة مباشرة بسويعات بعد الحادث ولكن ما يسجل عن هذه المواقع أنها تؤجج الصراع أكثر من خلال خطابها الاعلامي.

مثلا في “موقع الباييس الاسبانية” ذكرت في احدى تقاريرها بأن  الوضع بات “خطير للغاية” بين البلدين بعد وقوع حادثة قصف المغرب للتجار الثلاث الجزائريين وتلقي المغرب لمعدات عسكرية متطورة من دولة الاحتلال الإسرائيلي، هذا  نوع من أنواع تأثير التقارير الأمنية والاعلامية في المشهد بين البلدين.

ومن زاوية مشابهة كشف “موقع مينا ديفونس” المتخصص في الشؤون العسكرية، تعرّض شاحنتين جزائريتين للقصف من قبل قوات عسكرية مغربية، و موقع اخباري واعلامي متخصص في الشأن الامني والعسكري “غلوبال فاير باور” بتقديم تقرير مفصل عن المعدات و العتاد الحربي الجزائري اين صنقتها صمن أكبر 10 قوات جوية في منطقة الشرق الأوسط في عام 2021،  من خلال احتلالها الرتبة السادسة بـ551 طائرة حربية، متقدمة بذلك على إيران التي جاء تصنيفها في المرتبة السابعة بـ516 طائرات متنوعة، وبالتالي يمكن القول بأن هذا النوع من التقارير تؤثر كثيرا في عملية صنع القرار الأزمات بين البلدين.

هذه الأمثلة التي قدمتها ما هي إلا نماذج عن كثير التقارير الأمنية والعسكرية بشان الصراع المغربي الجزائري وبكل لغات العالم، ولهذا  أرى من الواجب اهتمام الدولة الجزائرية بتأسيس مواقع اعلانية اخبارية متخصصة في الشأن الامني والعسكري و باللغة العربية والانجليزية ليرد على هكذا تقارير و يقدم توضيحات للراي العام لأن هذه المواقع الاخبارية غايتها تأجيج الوضع الأمني والعسكري أكثر في المنطقة المغاربية.

ما دور الجهات الخارجية في تشديد الخلافات بين الجزائر والمغرب؟

في الشق السابق من حوارنا تحدثنا عن تأثير المواقع الاخبارية والاستخباراتية في تأجيج الصراع، هنا يمكن أن اضيف بأن هناك عدة عوامل مؤثرة اقتصادية ثقافية ورياضية وفنية تؤثر في العلاقات بين البلدين، إضافة لوجود العديد من الدول ترغب في بقاء الصراع على حاله ولا يساعدها التنسيق والتعاون وتثمين الصداقة الجزائرية المغربية وهذا كله من أجل التموقع أكثر في منطقة شمال افريقيا والصحراء الكبرى من أجل فرض سياساتها واجنداتها الاقتصادية والدبلوماسية كفرنسا وتركيا واسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية والصين هذه بعض الدول التي لها أجندات كبيرة في المغرب العربي .

وبالتالي هذه الادوار تسعى العديد من الاطراف توظيفها للتموقع القوي اقتصاديا امنيا استثماريا بالخصوص في الصحراء الكبرى التي تتشارك فيها المغرب والجزائر و التي تعتبر من اهم الصحاري في العالم وغنية بكل الثروات المادية والحيوية والاستراتيجية ، وبالتالي اي تدخل  ورغبة في الوساطة بين البلدين إلا ونلمس أهداف خفية من هذه الوساطات، ولهذا أشدد شخصيا بأن تكون اي مبادرة اصلاح لن تخرج عن الجامعة العربية أو الاتحاد الافريقي وبعدها توظيف مبعوثي الامم المتحدة من أجل حلحلة الصراع بين الجزائر والمغرب، هذا في حالة ما تراجعت المغرب عن بعض مواقفها ضد الجزائر بالدرجة الأولى.

كيف ترى العلاقات الجزائرية والمغربية في الوقت الراهن؟

العلاقات تشهد فتورا سياسيا واقتصاديا وبرودة دبلوماسية، والكل تابع التطورات التي حصلت في مشهد قطع العلاقات بين البلدين، فلو نقدم مسحة عامة للمشهد نجد أن المغاربة هم من كانوا المبادرين في استفزاز الطرف الجزائري بدءا من تصريح القنصل المغربي في وهران في لقاء مع جاليته المغربية العام الماضي بعد ما قال بأن مباشرة بأن الجزائر بلد عدو.

بعدها دعوة المغرب من خلال ممثلها الدبلوماسي في الأمم المتحدة أثناء لقاء حركة عدم الانحياز بتوزيع نشريات تدعوا لاستقلال منطقة القبائل وهذا تدخل خطير في الشأن الجزائري.

وبعدها استفزاز المخزن للجزائر بعد استدعاء الطرف الاسرائيلي للمغرب وتقديم تصريحات نارية ضد الجزائر، ما جعل الجزائر تقطع علاقاتها الدبلوماسية لغاية مراجعة المغرب مواقفها وقراراتها تجاه الجزائر مما جعلها تقطع إمداد الغاز للمغرب كخطوة تصعيدية ضد تصرفات المخزن التي قامت بدورها بقتل ثلاثة مواطنين جزائريين في قصف “بسلاح متطور  للجيش المغرب المتواجد في حدود الصحراء الغربية” والذي وقع في المنطقة الحدودية بين موريتانيا والصحراء الغربية مما جعلت الرئاسة الجزائرية تتوعد الطرف المغربي بأن الأمر “لن يمر دون عقاب” مما يجعلنا نجيب على سؤالكم بأن العلاقات الجزائرية المغربية ليست جيدة وباعتقادي ستطول هذه الأزمة نظرا للتصعيد المغربي الخطير في كل مناسبة ضد الجزائر وبدون أسباب واضحة.

ولعل القرارات الاقتصادية التي اتخذتها الجزائر من خلال قطع الخط الجوي الجزائري وبعدها إصدار الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون قرارا بعدم تجديد عقد استغلال خط أنابيب الغاز الذي يزود إسبانيا بالغاز الجزائري مرورا بالمغرب، ما يعني أن إمدادات الغاز الجزائري لإسبانيا ستقتصر على أنبوب الغاز البحري ميدغاز الذي وضع في الخدمة عام 2011، دون توظيف الانبوب الذي يمر على المغرب ما يجعل الأخير له خياران سياسيان يا إما التصعيد وهذا ليس في صالح الجارة الغربية، يا إما أن تتراجع وتعدل عن قراراتها المستفزة وهذا ما يخدم المغرب مستقبلا .

الأزمة الجزائرية مع المغرب مؤخرا أصبحت مادة دسمة للإعلام العالمي في رأيكم لماذا كل هذا الاهتمام بالقضية؟

سأجيبك من زاوية جيوسياسية وبعدها أجيبك عن اهتمام القنوات العالمية لموضوع الأزمة الجزائرية المغربية، وبالتالي يمكن القول بأن الاهتمام الاعلامي زاد مع تصاعد الازمة بين البلدين وهذا أمر طبيعي جدا نظرا لتواجد البلدين في منطقة تعتبر من أكبر اهتمامات القوى العالمية الكبرى، حيث تصنف واشنطن البلدين من أهم المناطق الاستراتيجية بمنطقة mena  وكبوابتين للقارة الأفريقية.

وبالتالي مادام هذا الاهتمام من طرف دول عظمى للدولتين نظرا لأهميتهما الاستراتيجية وخصوصا الجزائر، فطبيعي جدا بأن يكون هناك اهتمام كبير للقنوات العربية والعالمية الكبرى .

وعليه يعود الاهتمام الاعلامي للازمة بين البلدين نظرا لحساسيتهما وقوة تأثيرهما التي تتجاوز دول الجوار إلى المشهد العربي والافريقي والمتوسطي، وهذا ما يبرز من خلال أي حدث عاجل يندرج في اطار الأزمة والخلاف الدبلوماسي بين البلدين إلا ونشهد فتح بلاطوهات مباشرة من البلدين لتحليل الحدث سوآءا من الجزائر أو الرباط.

كما يمكن الإشارة بأن القنوات العربية الكبرى خصصت جزءا من اهتماماتها الاعلامية والجلسات النقاشية لهذا الموضوع وأذكر بالخصوص هنا قنوات فرانس 24، الجزيرة، سكاي نيوز، الحرة، وقنوات Bbc  والعربية، وكل هذا الاهتمام له سياسات خفية وأجندات دبلوماسية غايتها المتوقع إعلاميا أكثر في البلدين.

وتجدر الإشارة أيضا إلى نقطة مهمة جدا؛ بأن هذا النوع من إعلام الازمات يؤثر كثيرا في مسار العلاقات بين البلدين، وقد لاحظنا اهتمام الجانب المغربي في الكثير من الحصص الاخبارية في القنوات التي سبقت ذكرها تسعى بأن تظهر براءتها السياسية والخروج بثوب الضحية بأنها الطرف المظلوم وما قامت به المغرب لا يستدعي كل هذا الرد الجزائري العنيف، كما سجلنا بالمقابل وبكل أسف ضعف الرد الاعلامي الجزائري وتأثيره في المشهد العربي سواء من الجزائر عبر قنواته التلفزيونية أو عبر قنوات اخبارية عربية شهيرة، ولهذا أرى بأن الجزائر وجب عليها مراجعة سياستها الاعلامية في الدفاع عن قضاياها الدبلوماسية والسياسية الكبرى.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here