أفريقيا برس – الجزائر. قال الوزير الأول الفرنسي الأسبق، دومينيك دوفيلبان، إن العلاقات الجزائرية الفرنسية لا يمكن أن تسلك نهجا يعيدها إلى السكة، ما لم تعالج عوائق الماضي، التي تركت جراحا لم تندمل بعد، واعتبر حالة الهدوء الحالية التي تطبع العلاقات الثنائية مجرد “خفض محدود للتوتر”، الذي بلغ نقطة لم يسبق أن وصل إليها منذ العام 1962.
وسُئل دومينيك دوفيلبان من قبل القناة التلفزيونية الإخبارية “آل سي إي”، إن كان خيار وزير الداخلية الجديد، لوران نونياز، في التعاطي مع الجزائر، والذي جاء على أنقاض سلفه في قصر “بوفو”، برونو روتايو، المبني على القبضة الحديدية، جيد؟ فكان رده كمن يرثي الوضع الذي وصلت إليه الآلة الدبلوماسية الفرنسية.
وأوضح الذراع الأيمن للرئيس الفرنسي الأسبق، جاك شيراك: “لننطلق من الوضع الذي نعرفه عن فرنسا والتي بسبب الخيارات التي اتخذتها على الصعيد الدبلوماسي، وجدت نفسها تدريجيا خارج اللعبة في العلاقات مع الجزائر. لا يكفي أن تكون خارج اللعبة، بل يجب الحرص على ألا تكون هناك عراقيل على الطريق”.
وأضاف: “يجب العمل من أجل ألا تكون هناك عراقيل أمام أي تسوية، كما حدث مع بوعلام صنصال، ومن بين هذه العراقيل هناك من يعتقد بأنه انطلاقا من دبلوماسية الفتنة يمكن أن نحل المشكلة. من يعتقد هذا فهو خاطئ”، وهو يشير إلى أولئك الذين يتباكون على ضياع الخيار الذي رفعه وزير الداخلية السابق، برونو روتايو، والقائم على ما سمي “الرد التدريجي”.
وشدد رئيس الدبلوماسية الفرنسية الأسبق: “عندما نقصي هذا الخيار (يقصد خيار القبضة الحديدية) من الدبلوماسية في التعاطي مع الجزائر، ونقدم ما هو الأفضل في الحوار مع الجزائر أو من يسمى “ثلث الثقة”، يمكن الحديث عن حصول تقدم.. أنا سعيد بخفض قليل من التوتر مع الجزائر لحد الآن”.
وتعيش الساحة السياسية في فرنسا منذ أسابيع على وقع انقسام حاد، بين المؤيدين لخيار القبضة الحديدية الذي فرضه برونو روتايو على حكومة فرانسوا بايرو، وأولئك الذين يرفضون هذا الخيار، لكونه لم يحقق أي شيء لفرنسا باستثناء تأزيم وضعية العلاقات الثنائية وخسارة فرنسا للكثير من الأوراق في صراعها مع الجزائر، وهو الفريق الذي نجح في الأخير بإثبات فشل خيار وزير الداخلية السابق.
وفي سياق ذي صلة، تحدث السياسي الفرنسي المخضرم عن واجب الذاكرة الذي يتعيّن على فرنسا انتهاجه من أجل تصحيح العلاقة مع الجزائر، وقال: “هناك تاريخ يجب الاعتراف به، هناك 132 سنة بما شهدته من جرائم، كانت هناك سيطرة فرنسية، احتقار لشعب الجزائر.. عندها يمكن الحديث عن المستقبل، لاسيما أن الجزائر تواجه مجموعة من التحديات، على غرار الوضع في منطقة الساحل، وقضية الصحراء الغربية”.
وتعتبر مسألة الماضي الاستعماري من أعقد الملفات التي ساهمت في تسميم العلاقات الثنائية، وقد حاول الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، منذ العام 2017 حل هذه المعضلة، غير أنه تبين أنه غير قادر على مواجهة اللوبيات اليمينية واليمينية المتطرفة، التي لا تزال تحن إلى فترة “الجزائر الفرنسية”.
وأشار دومينيك دوفيلبان إلى الدور الذي يمكن أن تلعبه ألمانيا في الاحتقان الحاصل بشأن اتفاق الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي، وقال: “يمكن لألمانيا من موقعها في المعسكر الأوروبي أن تلعب دورا مهما في الاتفاق التجاري بين الجزائر وبروكسل، لأن الحماية الألمانية مهمة جدا للجزائر”.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس





