جهيدة رمضاني
أفريقيا برس – الجزائر. قررت أحزاب المعارضة في الجزائر المشاركة في انتخابات مجلس النواب أو الانتخابات البرلمانية مطلع سنة 2026، وأبرزها جبهة القوى الاشتراكية في الجزائر وهو أقدم حزب سياسي معارض، رفقة حزب العمال ذو التوجه اليساري، فيما ينتظر المشهد السياسي موقف التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية أو ما يعرف بـ”الأرسيدي”.
وعرف البرلمان منذ انتخابات مجلس النواب السابقة التي كانت منتصف سنة 2021، كتلة وحيدة معارضة وهي حركة مجتمع السلم، التي يرأسها عبد القادر حساني خلفا لعبد الرزاق مقري، وهي حركة محسوبة على التيار الإسلامي في الجزائر.
غياب أحزاب المعارضة جعل من مجلس النواب مجلسا تغيب عنه التيارات المعارضة التي صنعت نقاشات حادة في الماضي سواء من ناحية تمرير القوانين أو المصادقة عليها ما خلق ثراء يمثل مختلف التيارات والأطياف في الجزائر، ثراء غاب عن المجلس في العهدة الأخيرة التي تصل مدتها خمس سنوات.
وتجرى هذه الانتخابات في سياق يختلف عن سياق سنة 2021، سواء داخليا أو خارجيا، ما جعل مواقف الأحزاب تتباين منذ رئاسيات سبتمبر 2024.
قيادي بجبهة القوى الاشتراكية: لدينا مشروع مجتمع نريد تطبيقه من خلال المشاركة في الانتخابات التشريعية
قال القيادي بجبهة القوى الاشتراكية وليد زعنابي أن الجبهة قررت المشاركة في الاستحقاقات النيابية المقبلة، بعد مشاركتها في استحقاقات انتخابية ماضية أخرها المحلية 2021 والرئاسية 2024، وكل هذه الاستحقاقات لها أهدافها ورؤيتها.
وأضاف: “تأتي هذه المشاركة بعد عدم المشاركة في تشريعيات 2021، رافضا إطلاق صفة المقاطعة على الحزب.
وتابع: “رأينا حينها أن الشروط لم تتوفر للدخول في غمارها، خاصة أن التشريعات الماضية كانت في سياق الحراك الشعبي الذي اتسم بالغلق والتضييق على مساحات الرأي والنقاش، وكانت هناك حملة من الاعتقالات مست نشطاء الرأي والنشطاء السياسيين، واليوم نشارك بعد أن تم دراسة وتحليل الوضع السياسي العام داخليا وإقليميا، وعبر هيئاته قرر الحزب المشاركة سواء ما تعلق بالتشريعيات أو المحليات المقبلة”.
واعتبر وليد زعنابي أن الهدف هو الترويج عبر المحطات الانتخابية لمواصلة النضال لترسيخ مبادئ الحزب والترويج لمشروعه السياسي وإعادة الاعتبار للفعل السياسي في المجتمع والدفاع عنه ضد كل محاولات التشويه والمقاطعة.
وأردف أن الجبهة لمست محاولة ضرب وغلق مساحات النقاش، وسنعمل جاهدين من أجل إحيائه وتوسيع هوامشه ومساحاته، والدفاع عن حقوق المواطنين والحريات المكفولة دستوريا، كما سنعمل على مواصلة بناء حزبنا وتوسيع قواعده وانتشاره وطنيا.
وتابع: “سنستغل السياق العام الذي اتخذت فيه جبهة القوى المشاركة، فنحن نلاحظ في الحزب التغيرات العميقة التي يشهدها العالم الذي يستهدف العلاقات الدولية وتمس مباشرة سيادة الدول واندماجها ووحدتها الترابية”.
وأضاف زعنابي: “داخليا نلاحظ بأسف تزايد حدة خطابات الجمود والحفاظ على الوضع القائم وتضاعف الخطابات الشعبوية والعدمية والمتطرفة، ما يحتم علينا المشاركة لرفع صوت الحكمة والحوار في مواجهة التحديات القادمة، وكل أمام مسؤوليته لترسيخ هذا الخطاب خاصة في هذا السياق”.
كما أكد المتحدث أن الجبهة أيضا تلاحظ تنامي ظاهرة العزوف السياسي، ووجود أزمة بين الشعب ومؤسسات الدولة وهي فجوة تتوسع أكثر، الأمر الذي يهدد التناغم بين الشعب والسلطة، وأمام الجزائر اليوم تحديات كبيرة، ما يحتم على السلطة محاولة استعادة وبناء جسور الثقة بين الشعب والمؤسسات بأفعال وإجراءات تهدئة تهدف إلى الحوار، وسنجعل من الانتخابات التشريعية فرصة لذلك”.
واعتبر زعنابي أن منطقة القبائل غالية على الحزب وهي جزء من معاقله التقليدية، ومشاركة الجبهة ستستهدف كل التراب الوطني للحصول على مقاعد في كل الولايات في التشريعيات والمحليات.
وأشار إلى أن المقاطعة خلال السنوات الماضية كانت في عموم التراب الوطني، وكانت نسبة التصويت منخفضة ولم تقتصر على منطقة القبائل وهذا الأمر أصبح غير صحي، ويجب تجاوزه بمناخ هادئ وبإجراءات ملموسة سياسيا واقتصاديا.
قيادي بحزب العمال: هدفنا التعبئة من أجل اقتصاد قوي
قال جلول جودي، القيادي البارز في حزب العمال الذي ترأسه لويزة حنون، أن الحزب اتخذ قرار المشاركة في الانتخابات النيابية رغم المقاطعة سابقا، وقال إن الحزب له حرية اختيار المشاركة من المقاطعة، حيث قررنا المشاركة هذه المرة بعد أن فتحنا نقاش داخلي وهو من يحدد الموقف الرسمي من الانتخابات، وكان الأمر بناء على أهداف عدة هل سنساعد الأغلبية في نضالهم، في ظل الرهانات الكبيرة التي تعيشها الجزائر داخليا وخارجيا”.
وأضاف جودي: “قررنا أنه لا بد من تحمل المسؤولية تجاه البلد والشعب الجزائري، ومشاركتنا من أجل تحصين الأمة والدفاع عن الحقوق والحريات في البلاد، ولفتح مجال الديمقراطية، لنشرح ونعبئ من أجل بناء اقتصاد قوي، وليس اقتصادا هشا”.
وتابع: “مشاركتنا ستكون من أجل الحفاظ على مكتسبات الأمة، وستكون قوية لوقف كل الاضطهاد على المرأة، وإرجاع للثقافة مكانتها الحقيقة، ومن أجل إرجاع الطابع الجمهوري للمدرسة الجزائرية ومحاربة كل الآفات الاجتماعية وكل ما يمس بكرامة المواطن وتقوية النسيج الاجتماعي، ونزع العنف وعرض حلول مستدامة لمحاربة البطالة التي تمس كل الأعمار والمستويات الاجتماعية، مشاركتنا أيضا تحملنا مسؤولية كبيرة تجاه الشعب والدولة”.
واعتبر جلول جودي أن المشاركة في السباق السياسي هو قناعة حزبية، كانت سابقا الظروف غير مهيأة لها، ورأينا أنه اليوم من باب المسؤولية علينا الدفاع عن الاقتصاد، وهذا يملي علينا وعلى ضمير الحزب تحمل المسؤولية لعرض برنامجنا وبناء حزب قوي منتشر وطنيا، لنزيد تقوية القاعدة النضالية لحزب العمال”.
وأبرز جودي أهمية وجود منتخبين عن حزب العمال داخل المجالس النيابية، حيث يريد الحزب تقديم إضافة للبلاد ولا نتردد في هذا، ونسعى لتحقيق كل التطلعات من حقوق وحريات شعبية.
المحلل السياسي موسى بودهان: الأحزاب مدارس لخدمة المسار السياسي للجزائر وفقا للدستور
قال المحلل السياسي موسى بودهان إن الأحزاب كما يقول الدستور الحالي هي مدارس لتحضير النخب مركزيا ومحليا، في ممارسة التداول الديمقراطي على السلطة والمناصب، وهذا يقتضي أن تسهم الأحزاب وتدخل في معترك السباق الانتخابي والمناسبات الانتخابية وتسهم في تنشيط الحياة السياسية والثقافية والاقتصادية، من خلال المشاركة في المسار الديمقراطي للبلد.
وأضاف أن المواطنة لا تقتصر على الأفراد بل تتعداها إلى الأحزاب والجمعيات.
واعتبر موسى بودهان أن الأحزاب من حقها أن تنتقد وتعترض، لغايات سياسية قد تراها مناسبة، ولكن لا ينبغي لها أن تقاطع الانتخابات أو تدعو إلى المقاطعة، لأن هذا من شأنه أن يقلل من متطلبات المواطنة التي هي حق الإنسان والجماعات وهو مكفول بموجب قانون الانتخابات.
وأكد أنه وفقا لمشروع القانون العضوي الناظم للانتخابات السياسية، أن الأحزاب التي لا تشارك سياسيا تقصى بقوة القانون، وهو تفطن من قبل المشرع الجزائري، يخدم المشاركة المدنية والسياسية لإثرائها والانخراط في المسار السياسي.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس





