قلق عسكري وسياسي متزايد في الجزائر من حرب المعلومات المضللة

3
مزيان: الجزائر مستهدفة من قبل غرف الأخبار المظلمة
مزيان: الجزائر مستهدفة من قبل غرف الأخبار المظلمة

أفريقيا برس – الجزائر. يبدي مسؤولون في الجزائر في مستويات سياسية وعسكرية، منذ فترة قلقاً متزايداً، مما يعتبرونه حرب معلومات مضللة، وحملات تضليل موجهة لزعزعة استقرار البلاد، باستخدام الأخبار الكاذبة في سياق سياسي وإقليمي بالغ التوتر يفاقم من المخاوف الجزائرية.

وفي أحدث هذه التحذيرات، قال قائد أركان الجيش الجزائري، الفريق أول السعيد شنقريحة، خلال لقائه قيادات وضباط المنطقة العسكرية الرابعة، جنوبي الجزائر، إن “الأخبار الكاذبة والتلاعب بالمعلومات أصبحت أسلحة فتاكة تستخدم لتحقيق أهداف سياسية مشبوهة”، مشدداً على ضرورة “التصدي للاستخدام الخطير للدعاية الهدامة والمضللة، وتعزيز الحس الأمني لدى الأفراد والجماعات، في ظل التطور الهائل لتكنولوجيات الاتصال ووسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية”.

وطالب شنقريحة قيادات الجيش بـ”تعزيز الحس الأمني لدى الأفراد والجماعات، وترسيخ ثقافة إعلامية وطنية صلبة، من خلال تحفيزهم على التحقق من صحة المعلومات عبر الرجوع إلى مصادر موثوقة، والتثبت منها قبل تصديقها أو مشاركتها، وعدم الانسياق وراء العناوين المثيرة والمحتويات المضللة”، ودعا في السياق ذاته إلى جهد جماعي يعني كل القطاعات “للتصدي للحملات المغرضة، التي تستهدف الإضرار بصورة الجزائر، وواجب على كل وطني غيور على وطنه، إحباط هذه المخططات الدنيئة كافة، التي تستهدف أمن واستقرار بلادنا ووحدتها الترابية والشعبية”. وقال إن “تطوير التفكير النقدي يساعد في حماية مجتمعنا من الوقوع في شراك الدعاية، التي تستهدف التأثير على الرأي العام الوطني، وخلق حالة من الشك وعدم الثقة بين مؤسسات الدولة والمواطن، لتوجيهه وفق أجندات خفية”.

وأنشأت الجزائر قبل فترة المركز العملياتي للأمن المعلوماتي، بهدف مواجهة الهجمات الإلكترونية، وفرض السيادة السيبرانية للدولة على فضائها الإلكتروني، وتأمين الشبكة الافتراضية تكريساً لسيادة الدولة على مجال الرقمنة، وإنتاج محتوى رقمي وطني. وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2019، استحدث الجيش الجزائري مركزاً خاصاً لأنظمة المعلومات والحرب الإلكترونية، لتحضير الجيش والأجهزة الأمنية لحروب المستقبل والحروب الإلكترونية.

من جانبه، دعا وزير الاتصال الجزائري، محمد مزيان، إلى “استحداث جبهة إعلامية موحدة”، ضد حملات التضليل والمساس بالبلاد. وقال مزيان خلال اللقاء الرابع للصحافيين والإعلاميين حول واقع قطاع الإعلام والاتصال إن هناك مزيداً من “الهجمات المتكررة والمباشرة ضد الجزائر التي تتعرض لاستهداف ممنهج من غرف أخبار مظلمة، وأعداء الجزائر يختلقون سيناريوهات لتعطيل مسار التنمية وتقدم المجتمع عبر خلق البلبلة”، محذراً مما وصفها بحروب الجيل الخامس، و”الهجمات الأكثر مكراً التي تسكب سمومها، مستعملة الفضاء الرقمي لتنفيذ أجنداتها القذرة. وتدخل هذه العمليات ضمن ما يصطلح عليه بحرب الجيل الخامس، وهي حرب معرفية تسعى لتغيير سلوكيات المواطن تجاه بلاده ودفعه لمواقع يضعف بها قوام دولته”.

ولفت مزيان إلى خطر “المنصات والوسائط التي صارت في متناول الجميع، من خلال استعمالها من طرف أوساط امتهنت حرفة ضرب استقرار البلدان، وهذا ما لمسناه في الماضي القريب، لذلك يجب التشديد على أن هذه الأجندة الهدامة ما زالت سارية المفعول”، محذراً من خطورة الرسائل والمعلومات المغلوطة التي قد تستخدم لزعزعة استقرار الدول.

وبرأي الباحث في قضايا المعلومات والدعاية عبد كريم لعراج، فإن “القلق الجزائري المتزايد إزاء المخاوف من حروب المعلومات، مبرر على الأقل لسبيين، الأول يرتبط بوقائع قائمة في السياق الدولي والإقليمي أظهرت خطورة توظيف المعلومة والإعلام والتضليل كجزء من أدوات الحرب والإنهاك الداخلي للمجتمعات، وهو ما تسعى الجزائر إلى الوقاية منه، والعامل الثاني يرتبط بالسياق الإقليمي القلق والمتوتر ودخول الجزائر في نطاق أزمات مع دول في المنطقة، تخوض منذ فترة حملات منظمة ضد الجزائر، وهو ما يدعو إلى الاحتياط والانتباه المبكر لمثل هذه الحملات وتجنب أن تؤدي غرضها أو تنجح في إثارة قلاقل ومشكلات داخلية في الجزائر”.

وضمن السياق نفسه، كانت الجزائر قد شهدت قبل أسبوع حدثاً استثنائياً وغير مسبوق، يتعلق بتنظيم جهاز الاستخبارات وللمرة الأولى في تاريخه، فعالية علنية، بمناسبة ورشة لمكتب شمال أفريقيا للجنة أجهزة الاستخبارات والأمن الأفريقية، حول “المعلومات المضللة والأخبار الزائفة وتداعياتها على أمن واستقرار الدول”، وظهر للمرة الأولى قائد جهاز الوثائق والأمن الخارجي (الاستخبارات الجزائرية) العميد رشدي فتحي موساوي، متحدثاً خلال هذه الفعالية التي قال فيها إن “الجزائر تخوض معركة وجودية ضد المعلومات المضللة والتضليل، وضد الأخطار المحدقة، وفي مقدمتها الحروب الإعلامية والهجمات السيبرانية التي تستهدف زعزعة استقرار الجزائر، ومحاولة التشكيك والتفكيك”، خاصة مع “سهولة تداول الأخبار دون رقابة أو تحقق مما أدى إلى انتشار ظاهرة الأخبار المغلوطة التي تستخدم أداة لضرب استقرار المجتمعات والدول”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here