هدوء فرنسي رسمي وإعلامي لافت في التعاطي مع الجزائر

هدوء فرنسي رسمي وإعلامي لافت في التعاطي مع الجزائر
هدوء فرنسي رسمي وإعلامي لافت في التعاطي مع الجزائر

أفريقيا برس – الجزائر. أتحكم في كل كلمة أقولها” عبارة قالها صنصال في أول “خرجة” إعلامية له منذ وصوله إلى التراب الفرنسي، تلخص السياسة الفرنسية تجاه الجزائر في الآونة الأخيرة، قوامها النزوع إلى تهدئة تبدو ماكرة، طالما أن هناك مطالب فرنسية عالقة تستهدف تحقيقها، وعلى رأسها الحصول على مخرج آمن لقضية الصحفي الرياضي، كريستوف غليز، والذي ينتظر مثوله في جلسة الاستئناف مطلع الشهر الداخل.

التوجيهات الرسمية الفرنسية بتفادي أية لهجة من شأنها أن تؤدي إلى التصعيد، كانت ملامحها واضحة على الكاتب الفرانكو جزائري، بوعلام صنصال، في مختلف خرجاته الصحفية لأكثر من وسيلة إعلامية فرنسية، فقد بدا وكأنه يسير في حقل من الألغام، حريص على عدم استثارة الجانب الجزائري، الذي كان من دون شك يسجل أي همز أو لمز في تصريحاته.

صحيفة “لوموند” الفرنسية كانت قد توقفت بشيء من التحليل لاستقبال الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، لبوعلام صنصال في قصر الإيليزي، مباشرة بعد التحاقه من ألمانيا، وسجلت غياب أي صورة أو فيديو لهذا الاستقبال الذي كان غير عادي بالنظر للمستوى الذي رُفع إليه الكاتب المعفو عنه، بقرار رئاسي في الجزائر، من قبل الساسة اليمينيين الفرنسيين وكذا المنابر الإعلامية الدائرة في فلك هذا التيار المشحون بالعداء لكل ما يمت بصلة للجزائر.

وقد علقت “لوموند” على الحادثة قائلة: “.. على أعلى مستوى، لم تألُ الحكومة الفرنسية جهدًا في إظهار الاحترام للكاتب. ولكن من دون أي ضجة إعلامية. لم تُستخدم الصور ولا الصوت لتخليد هذا التكريم الرسمي.

وكأن التواصل البسيط ضروري، في ظل دخول العلاقات الفرنسية الجزائرية مرحلة هدوء هشة بعد أزمة عنيفة استمرت خمسة عشر شهرًا، وهي الأشد منذ استقلال الجزائر عام 1962”.

يؤكد الفرنسيون على مدار أزيد من سنة قضاها بوعلام صنصال في السجن بسبب إدانة يستحقها، على أن حرية التعبير مقدسة عندهم، ولكن عندما أصبحت القضية تتعلق بمصلحة فرنسا، تنازلوا عنها، وهم الذين أقاموا الدنيا ولم يقعدوها عندما سجن صنصال بزعم أن القضية كانت تتعلق بحرية التعبير، فإذا بهم اليوم يلجمونه وهم يدركون أنهم وقعوا في تناقض مع ما صرحوا به من قبل.

من بين ما ردده المسؤولون الفرنسيون منذ صدور العفو الرئاسي عن صنصال وما ردده هذا الأخير أيضا، أنهم يفكرون في مصير الصحفي كريستوف غليز، الذي يوجد هو بدوره في السجن وينتظر جلسة الاستئناف مطلع شهر ديسمبر المقبل، بتهم الإشادة بالإرهاب ودعمه، فهل سيكون هذا الهدوء الفرنسي، هو ذلك الذي يسبق العاصفة؟

يعرف الفرنسيون في علاقاتهم مع الجزائر بأنهم لا عهد لهم، كما لا يعرفون للصداقة معنى، ففي عام 2005، وبينما كان البلدان يستعدان للتوقيع على معاهدة صداقة في أعقاب زيارة الرئيس الفرنسي الأسبق، جاك شيراك، خرج البرلمان الفرنسي بقانون يمجد الممارسات الاستعمارية الفرنسية في الجزائر، بتدريسها في المدارس، فانهار مشروع تلك المعاهدة إلى غاية اليوم.

وفي الصائفة قبل الماضية وبينما كان الحديث متواترا عن زيارة مرتقبة للرئيس عبد المجيد تبون إلى فرنسا، ردا على زيارة نظيره الفرنسي، وجه هذا الأخير طعنة في ظهر الجزائر، بانحيازه لموقف النظام المغربي من قضية الصحراء الغربية، وهو الموقف الذي أدخل العلاقات الثنائية في أزمة لا تزال مستمرة إلى غاية اليوم، ومع ذلك لا يزال الجانب الفرنسي يأمل في تحقيق المزيد من مطالبه بعد العفو عن بوعلام صنصال، متجاهلا تماما المطالب الجزائرية المشروعة.

الهدنة الفرنسية هذه الأيام تبدو ماكرة، ومهندسوها لهم حسابات لم تعد خافية على المتابعين للعلاقات الجزائرية، ولعل أبرزها الحصول على حل عاجل لقضية الصحفي الرياضي، كريستوف غليز، وهو ما يدركه جيدا المسؤولون في الجزائر.

المصدر: الشروق

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here