أفريقيا برس – الجزائر. أصدرت محكمة الجنايات بالطارف في أقصى شرق الجزائر، أحكاما بالبراءة لصالح نشطاء في الحراك الشعبي، منهم من قضى 18 شهرا رهن الحبس المؤقت، وهو ما يشير للتوجه العام لدى القضاء بتصفية قضايا المتابعين من النشطاء السياسيين بتهم الإرهاب.
وقضت المحكمة بتبرئة كل من صالح زرفة ولطفي قوري وحسن عوادي ومزهود حسان ومحمد تباينية وعيسى فيلالي ومحمد فوزي أونيسين بعد سنة ونصف من إيداعهم الحبس المؤقت. كما تمت تبرئة مَن هم في حالة الإفراج وهم زوجة صالح زرفة وزوجة محمد تباينية وحورية بكوش.
وأدلى المتابعون وفق ما نقله المحامي المدافع عن قضايا سجناء الحراك، بتصريحات مؤثرة أمام هيئة المحكمة. وقال المتهم صالح زرفة: “أنا مواطن بسيط، لا أنتمي إلى أي حزب، تعرضت لضغط كبير أنا وعائلتي، لم أسرق ولم أخن وحالتي الاجتماعية تدل على ذلك”. وأضاف: “الحراك الشعبي أعاد فيّ الروح وبعث فيّ الأمل من أجل جزائر أفضل حتى لا يظلم الزمان أولادي مثل ما ظُلمت أنا و زوجتي. أنا لم أتآمر على أي كان ومستواي لا يسمح لي بذلك، وأدعو إلى وحدة الوطن ولا أقبل أن يمس شبر واحد من بلدي الطويل العريض ولم أسب أياً كان”.
وصرح المتهم لطفي قوري من جانبه: “أنا عامل يومي ومستواي بسيط، رأيت محامين وقضاة وأطباء وغيرهم خرجوا إلى الحراك الشعبي، هؤلاء معيشتهم أحسن مني بآلاف المرات وأنا المعدوم، فكيف لا أخرج وأشارك في الحراك الشعبي وأطالب بالدولة التي يطالب بها هؤلاء، لهذا السبب فقط، وجدت نفسي محبوسا لأزيد من ثمانية عشر شهرا”. وتابع: “توفيت زوجتي خلال مرحلة حبسي، ووجد ولداي نفسيهما يتيمي الأم والأب”.
ومنذ انطلاق افتتاح الدورة الجنائية في المحاكم الجزائرية، في شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أحصى النشطاء الحقوقيون، خروج العشرات من السجناء المتابعين في قضايا الحراك الشعبي، ما يؤكد وفق قراءات أن ثمة توجها في الأساس لطيّ ملف النشطاء السياسيين المتابعين بالإرهاب.
ولاقى هذا التوجه، إشادة من تشكيلات سياسية، مثل حزب العمال الذي أعرب عن ارتياحه لرؤية المزيد من سجناء الرأي ينضمون إلى عائلاتهم. وأبرز أن ما يجري، “يؤكّد أنّنا أمام مسار سياسي كنا قد دعينا إليه لأنّه بالنسبة لنا لا شيء يعلو على مصالح أغلبية الشعب والوطن”. لكن إجراءات التهدئة السياسية هذه، وفق الحزب الذي تقوده لويزة حنون، تتناقض من ناحية أخرى، مع المتابعات القضائية الجديدة ضدّ مواطنين على خلفية آرائهم أو مهنتهم كصحافيين.
واللافت في المحاكمات الجارية، أن أغلبها أسقط المتابعة عن المتهمين بمضمون المادة 87 مكرر المتعلقة بالإرهاب، والتي هي محل جدل واسع وطنيا ودوليا، بعد تعديلها سنة 2021 على يد وزير العدل السابق بلقاسم زغماتي، لتشمل تهمة الإرهاب، كل مسعى لتغيير النظام خارج الأطر الدستورية حتى ولو كان عملا سلميا.
وكانت المادة “87 مكرر” من قانون العقوبات، مادة دسمة لملاحظات الدول الغربية خلال تقييمها ملف الجزائر الحقوقي خلال الاستعراض الدوري الذي أقيم بمجلس حقوق الإنسان الأممي في جنيف. وأبدت ممثلة الولايات المتحدة، عدم رضاها على هذه المادة التي لا تنسجم حسبها مع التعريف الدولي للإرهاب، ووافقها في ذلك ممثلو باقي الدول الغربية مثل إسبانيا وألمانيا وإيرلندا وغيرها الذين أوصوا بإلغاء هذه المادة.
وعلى الرغم من أن وزير العدل رشيد طبي، خلال تدخله في جنيف، دافع على المادة 87 مكرر من قانون العقوبات، واعتبر أنها منسجمة مع قرارات مجلس الأمن ولا تتناقض مع لوائح أممية في الجانب المتعلق بالوسائل والأدوات المستخدمة في الأعمال الإرهابية”، إلا أن التوجه بإسقاط المتابعة بها يظهر من جانب آخر الحرج الذي تسببت به، خاصة مع انتخاب الجزائر عضوا في مجلس حقوق الإنسان الأممي، والانتقادات المتواصلة التي توجهها منظمات غير حكومية دولية لطريقة تسيير الملف الحقوقي في الفترة التي أعقبت الحراك الشعبي في البلاد.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس