افريقيا برس – الجزائر. اعتمدت جبهة التحرير الوطني، إبان الثورة التحريرية، على هياكل قاعدية وتنظيمات سياسية وإدارية عسكرية محكمة، في جميع جهات الوطن، قصد مواجهة مخططات العدو الفرنسي. وكان من بين هذه الهياكل القاعدية المجالس البلدية للثورة، التي كان من بين مهامها تعميم النشاط الثوري في أوساط المواطنين، وإعداد المراكز الإستراتيجية لتمركز جيش التحرير الوطني ودعمه ماديا وماليا.
وكان المجلس البلدي للثورة بقصر غرداية، تحت رئاسة المجاهد إبراهيم رمضان، الذي ولد سنة 1918 بغرداية، ونقله والده إلى غليزان، بعد بلوغه ست سنوات، وبدأ هناك تعليمه بالمدرسة القرآنية، ثم التحق بالمدرسة الحرة، وتحصل أيضا على شهادة نهاية الدراسة الابتدائية بالمدرسة الرسمية.
عندما استكمل دراسته بغليزان التحق بمعهد الحياة بالقرارة، حيث حفظ القرآن الكريم، ونهل منه علما غزيرا في الدين والآداب من المشايخ والعلماء. في سبتمبر 1939، بدأ التدريس بمدرسة الإصلاح العامرة، متشبعا بالدين، مسلحا بالوطنية، وقد ترك في نفوس طلبته تأثيرا إيجابيا في حب الوطن وخدمة الدين والمجتمع.
وكان الحاج إبراهيم رمضان آنذاك مراقَبا من قبل أعوان الاستعمار، بسبب خطبه النارية وكلماته الحماسية، التي كان يلقيها ضد الاستعمار في المساجد وفي مختلف المحافل، وتم استدعاؤه وتهديده وسجنه.
وعندما هب الثوار لتحرير الجزائر، سَبَّل الحاج إبراهيم رمضان نفسَه فداء للجزائر، حيث ترأس المجلس البلدي للثورة لمدينة غرداية رقمه 1163 التابع للناحية الثالثة من المنطقة الثالثة للولاية السادسة، ووضع مقر سكناه ببوشمجان بغابة غرداية مركزا لتحضير العمليات الفدائية ومقرا لتموين المجاهدين والثورة الجزائرية بالمال والألبسة وبالمؤونة والذخيرة والسلاح والتي كان يجمعها مع رفاقه في النضال من إخوانهم التجار المزابيين بغرداية لنقلها إلى مراكز قيادة وحدات جيش التحرير بجبال عمور.
وألقى الاستعمار الفرنسي القبض عليه مجددا في فيفري 1957 مع اثنين من رفقائه المجاهدين وهما الناصري علي والحاج صالح بابكر، وأطلق سراحهم في جويلية من نفس العام بعد ستة أشهر من الحبس في ناحية الأغواط.
ورغم تهديدات المستعمِر له، واصل الحاج إبراهيم رمضان نضاله من أجل استقلال الجزائر وتجنيد الشباب المزابيين للالتحاق بصفوف جيش التحرير، فألقي عليه القبض مرة أخرى في جانفي 1960 مع رفيقه في التعليم بمدرسة الإصلاح وفي النضال الحاج إبراهيم دادي واعمر.
وقد كلفت جبهة التحرير الوطني الحاج إبراهيم رمضان في سجن بربروس بتعليم إخوانهم المجاهدين الجزائريين المسجونين علوم اللغة العربية،وقد حاول إبراهيم رمضان الهروب من السجن مع بعض إخوانه بعد اكتشاف خندق من جهة القصبة بغرض العودة إلى جبهات الكفاح، لكن الجيش الفرنسي تفطن للعملية وأحبطها بإطلاق الرصاص عليهم.
الحاج إبراهيم رمضان كان اسمه الثوري “الصادق” رئيسا للمجلس البلدي للثورة، وكان صديقه الحاج إبراهيم دادي واعمر اسمه الثوري “مُخْلِص” نائبا له مكلفا بالمالية، لقيا من الجلادين الفرنسيين كل أنواع التعذيب في سجون غرداية، والأغواط، والبرواقية، والبليدة، ثم أخيرا سجن بربروس (سركاجي) بالجزائر العاصمة.
ولم يتمكن الاستعمار، رغم الوحشية التي استعملها معهما، من انتزاع أي اسم للمجاهدين الذين كانوا معهم في المجلس ولا عن أسماء المزابيين الذين أمدوا الثورة بالمال والذخيرة. وقد واصل بقية أعضاء المجلس نشاطهم الثوري بعزم وثبات وهم محمد رمضان، يحي حواش، وحمو حجاج، وحمو بابكر، وعيسى عبونة. وأصبح محمد رمضان رئيسا جديدا لهذا المجلس البلدي للثورة، وواصلوا نشاطهم الكفاحي والجهادي إلى غاية استقلال الجزائر.
ع.ر