أفريقيا برس – الجزائر. على غير العادة، بدت الساعات الأخيرة من سنة 2023 مختلفة تماما عن نهاية السنوات الماضية، في غياب الأجواء الاحتفالية، التي كانت تميز بعض المحلات والفنادق والمطاعم والخاصة بالمرطبات.
ففي قسنطينة مثلا، وصل الأمر ببعض محلات المرطبات في وسط المدينة، أن أغلق أصحابها أبوابها بعد زوال يوم الأحد، لتعلن مقاطعتها الطوعية لأي احتفال بقدوم السنة الميلادية الجديدة، وتفاديا لطلبات الزبائن، الذين اعتادوا على أخذ قطعهم من الحلويات من هذه المحلات أو ما يعرف بـ”لابيش”.
وقال صاحب محل مرطبات معروف بقسنطينة، السيد صاليح، بأنه من غير المعقول التفكير في صناعة حلوى وتقديمها لزبون، لأجل إقامة احتفالية في بيته، وبيوت قطاع غزة في أغلبها مهدمة ومدمرة، وتعيش دون انقطاع القصف الجوي والمدفعي الهمجي من الصهاينة، محرومة من الماء والكهرباء والهاتف، لأجل ذلك، فضّل الدخول في عطلة لمدة نصف يوم، لتفادي السؤال والجواب أيضا، وعمل أصحاب محلات الهدايا خاصة في المدينة الجديدة علي منجلي بشكل عادي، من دون التخصص الذي تعوّدوا عليه بمناسبة السنة الجديدة عبر الهدايا والعطور وباقات الزهور، ونكاد نجزم بأن لا محل مرطبات في عاصمة الشرق الجزائري قام ببيع الحلويات العمودية، وفي شكل جذع شجرة، كما كان الحال في مواسم ماضية.
نفس الأمر بالنسبة للمطاعم التي رفضت عمليات التزيين المعتادة بالأشجار المزركشة، والأضواء ومختلف الألوان، وعملت بشكل عادي دون أطباق خاصة وأسعار خاصة أيضا، وتقديم مغنين أو عازفين لمختلف أنواع الموسيقى، في الوقت الذي غابت العروض التي كانت تتهاطل من الفنادق المصنفة، التي كانت تقدّم سهرات خاصة بمناسبة حلول رأس السنة الميلادية، وتتواصل إلى غاية الساعات الأولى من الفاتح من جانفي، الذي كان هذه المرة عطلة مدفوعة الأجر فقط.
واعترفت موظفة بالنادي السياحي الجزائري، الكائن مقره برواق الجامعة الإسلامية “الأمير عبد القادر”، بنقص إلى درجة أقرب إلى الصفر، بالنسبة لطلبات السفر إلى خارج الوطن، لقضاء عطلة نهاية السنة الميلادية، وضربت مثالا عن الموسم الماضي، حيث كانت الطلبات بالعشرات بالنسبة للنادي السياحي الجزائري، إلى تركيا وتونس ومصر ودبي، ولم تسجل هذا الموسم سوى طلب واحد خاص بمدينة سوسة التونسية، من زوج، يبدو أنهما حديثي الزواج برمجا سفريتهما منذ فترة طويلة، قبل أحداث غزة الدامية.
.. تغيير احتفالية رأس السنة بالتضامن مع فلسطين
وتم تعويض الاحتفال برأس السنة الميلادية بالتضامن مع فلسطين، حيث نشطت مختلف فعاليات المجتمع المدني الناشطة بالمقاطعة الإدارية علي منجلي بقسنطينة، أول أمس الأحد، وقفة تضامنية مع غزة بصفة خاصة والقضية الفلسطينية بصفة عامة.
الوقفة التضامنية التي جاءت في شكل تظاهرة كبرى لعديد النشاطات الثقافية نظمتها دار الشباب “عبد الله بوهروم”، بالتنسيق مع فوج “القدس” للكشافة الإسلامية الجزائرية وجمعية “البركة”، وبإشراف مباشر للمديرية المنتدبة للشباب والرياضة للمقاطعة الإدارية علي منجلي، وبحضور طلبة فلسطينيين وعديد الوجوه الثقافية والرياضية والجمعوية بقسنطينة.
واكد رامي عبدلي، مدير دار الشباب، بأن تنظيم فعاليات هذه التظاهرة ما هو إلا أضعف الإيمان تجاه القضية الفلسطينية والتضامن مع غزة وحرب الإبادة الشاملة التي يتعرض لها القطاع، ويذهب ضحيتها المئات يوميا من الأطفال والنساء والشيوخ، “فلا يمكن الاحتفال برأس السنة الميلادية وأهلنا يعانون”.
وخلال عديد النشاطات الثقافية لبراعم فوج “القدس” للكشافة الإسلامية الجزائرية، التي أبدع كشافوها الصغار في نقل صور المأساة التي يعيشها الطفل الغزاوي والفلسطيني عموما جراء القتل وحرب الإبادة الممنهجة ضده، ذرف الحضور الدموع لتلك المشاهد المصورة فوق الأوراق وعلى ركح مسرح القاعة وهي تعيد، بكل ألم، تلك الصور التي ستظل وصمة عار في جبين الإنسانية التي تلتزم الصمت إزاء هذا الهولوكست الجديد.
وأكد كل المتدخلين بكلماتهم وحديثهم عن حقيقة المأساة التي يعيشها أطفال غزة وأطفال فلسطين من طرف الهمجية الصهيونية، وآلة الدمار التي تأتي على الأخضر واليابس ولم تستثن في ذلك بين البشر والحيوان، وبين الجامد والمتحرك، مجدّدين تثمين الموقف الجزائري المشرّف حكومة وشعبا.
ولم يفوت المتدخلون من البروفيسور نذير عميرش وعضو المرصد الوطني للمجتمع المدني، أحمد بن خلاف ورئيسة لجنة الاتصال والإعلام بالمجلس الولائي، راضية بالجدوي الدور الإعلامي الكبير الذي يقوم به مجمع “الشروق”، جريدة وتلفزيونا وموقعا إلكترونيا لمرافقة أحداث الحرب على غزة، مثمنين اليوم المفتوح عبر تلفزيونها، وتخصيص الجريدة لصفحات كثيرة بشكل يومي لنقل الحدث من مصدره وكشف جرائم الاحتلال الصهيوني.
ومن جهتهما، أكد الطالبان الفلسطينيان مهنا علي ومرعي جهاد، عن تأثرهما بالموقف الجزائري شعبا وحكومة، وهو الموقف الذي يرونه ويحسونه في كلام وعيون كل جزائري، مبرزين أن كل الضحايا الذين ارتقوا شهداء وكل آلام الجرحى الذين لا يجدون علاجا ولا دواء وكل المفقودين والمشردين واليتامى والثكالى، وكل الألم والحسرة، ما هو إلا تفاصيل أمام الحرية التي ستكون قريبا، بإذن الله.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس