المؤرخ الفرنسي: قرار البرلمان الفرنسي مراوغة جديدة خضعت لتغييرات كبرى

2
المؤرخ الفرنسي: قرار البرلمان الفرنسي مراوغة جديدة خضعت لتغييرات كبرى
المؤرخ الفرنسي: قرار البرلمان الفرنسي مراوغة جديدة خضعت لتغييرات كبرى

أفريقيا برس – الجزائر. اعتبر الباحث والمؤرخ الفرنسي المتخصص في التاريخ الاستعماري أوليفييه لوكور غرانميزون مصادقة الجمعية الوطنية (الغرفة السفلى للبرلمان) على مقترح قرار يدين ويعترف بمجازر 17 أكتوبر 1961 ضد المتظاهرين السلميين الجزائريين بالعاصمة الفرنسية، بأنها “مراوغة جديدة” من باريس، جاءت بعد “تعديلات كبرى” فرضها قصر الإيليزيه، مشددا على أن الجريمة كانت “مجزرة” وجب على الدولة والجمهورية الاعتراف بها.

وأوضح المؤرخ الفرنسي المعروف بأبحاثه عن الثورة التحريرية والاستعمار الفرنسي للجزائر، أنه بعد تعديلات كبرى فرضها الايليزيه، صادقت الجمعية الوطنية في 28 مارس 2024 على القرار المتعلق بما حدث في 17 أكتوبر 1961، بمبادرة من النائب عن الخضر، صابرينة صبايحي.

وشدد المؤرخ الفرنسي على أنه مما لا شك فيه أنه سيتم الإشادة بها كخطوة شجاعة من قبل الأغلبية الحالية والحكومة ورئيس الدولة وبعض المؤرخين-المستشارين، الذين سيسعون حسبه للتوضيح على أنها خطوة جديدة إلى الأمام.

وأضاف المؤرخ لوكور غرانميزون أن ما حدث يعتبر “مراوغة أخرى تتماشى مع سياسة إيمانويل ماكرون في هذه المسائل”، مشيرا إلى أن الحلول الوسط ضرورية في بعض الأحيان، ولكن النص الذي تم التصويت عليه يظهر تنازلات غير مقبولة، لأنها تتعارض مع الحقائق التي طالما تم إثباتها وتوثيقها وتحليلها من قبل المؤرخين وسياسيين فرنسيين وأجانب.

وحسبه، فإنه وفي أعقاب العمل اللافت الذي قام به المؤرخ جون ليك إينودي، قدمت هذه الدراسات وغيرها صورة أكثر دقة من أي وقت مضى عن المجازر والتسلسل الهرمي للقيادة والأساليب التي استخدمتها الشرطة والحركى، على غرار الاختفاء القسري والتعذيب والإعدام والإغراق – في العاصمة وضواحيها.

ويرى محدثنا أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وتماشيا مع نهجه في التعامل مع هذه القضايا، وبقائه وفيا لها، فإنه ينكر وبعناد ما أصبح معروفا الآن.

وقال في هذا الصدد “الرجال والنساء الذين استجابوا لنداء جبهة التحرير الوطني وتظاهروا سلميا في باريس وأحياء الطبقة العاملة احتجاجا على حظر التجول العنصري الذي فرضه عليهم محافظ الشرطة موريس بابون، بموافقة الحكومة، منذ 5 أكتوبر 1961، كانوا ضحايا مجزرة”.

وشدد لوكور غرانميزون على أن هذه المجزرة أو المذبحة كان لها عنوان معروف ومنذ فترة طويلة، إنها الدولة الفرنسية، ولهذا السبب، حسبه، يجب أن تصنف على أنها جريمة دولة.

وبالعودة إلى قرار الجمعية الوطنية، يرى المؤرخ أنه يحصر مسؤولية ما حدث في محافظ الشرطة وحده دون غيره، وذلك نزولا عند رغبة رئيس الجمهورية (يقصد ايمانويل ماكرون)، الذي يهتم بالسياسة الداخلية والاعتبارات الدبلوماسية، لإعادة علاقات مقبولة مع الجزائر والتحضير للزيارة الرسمية للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، أكثر من اهتمامه بالحقيقة التاريخية.

وعلق بالقول “إنها حكاية سيئة من شأنها أن تكون مثيرة للسخرية لو لم تكن فاحشة بسبب خطورة الحقائق التي تخفيها وغموض العلاقات الهرمية التي كانت قائمة عليها في ذلك الوقت”.

ومضى المؤرخ الفرنسي مشددا على أنه قد ثبت أن موريس بابون (محافظ شرطة باريس في ذلك الوقت) تصرف قبل 17 أكتوبر 1961 وأثناءه وبعده، بدعم من مسؤوليه المباشرين، وهما وزير الداخلية روجيه فراي، ورئيس الحكومة ميشال دوبري، اللذان كانا مصممين ومهما كان الثمن، حسبه، على منع “استعراض القوة” من قبل جبهة التحرير الوطني في العاصمة باريس.

وقال في هذا الصدد “لقد كان الأمر متروكا للمحافظ لتنفيذ هذه المهمة التي كانت تعتبر ذات أهمية خاصة وهكذا تم ذلك”.

ووصف لوكور غرانميزون رواية قصر الإليزيه بأنها “حكاية كاذبة”، صاغها إيمانويل ماكرون لتبرئة الدولة الفرنسية وموظفيها في ذلك الوقت من أي مسؤولية عن مجازر 17 أكتوبر 1961، ووظيفتها واضحة على حد تعبيره، وهي تجنب أي فضيحة، والحفاظ على الأسطورة الوطنية والتوافقية، في اليمين ولدى جزء من اليسار، التي مفادها بأن الحكومة آنذاك والجنرال ديغول بطبيعة الحال، والجمهورية، لا علاقة لهم بما حدث.

وختم المؤرخ أوليفييه لوكور غرانميزون بالتأكيد على أن الذين يدّعون تجسيد بديل تقدمي ويدّعون الالتزام بالحقيقة والعدالة، لا يمكن أن يرضوا بهذا التخاذل المتكرر والاحتقار لعمل المؤرخين ومطالب الضحايا وأحفادهم وكل من يدعمهم.

وقال مخاطبا ممثلي تيار اليسار “قبل احتفالات 8 ماي 1945، اقترحوا تقديم قرار جديد يطالب بالاعتراف بمجازر سطيف وقالمة وخراطة كجرائم ضد الإنسانية واستغلوا النقاشات التي ستتولد عن ذلك لجعل الاعتراف يشمل كافة الجرائم الاستعمارية التي ارتكبتها فرنسا في أراضي إمبراطوريتها وفي فرنسا نفسها”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here