النطق بالأحكام في فساد الفنادق يوم 16 ماي

1
النطق بالأحكام في فساد الفنادق يوم 16 ماي
النطق بالأحكام في فساد الفنادق يوم 16 ماي

أفريقيا برس – الجزائر. أسدل القطب الجزائي الاقتصادي والمالي بسيدي أمحمد، ليلة الثلاثاء، الستار على محاكمة الفساد الذي طال الفنادق والمركبات السياحية بسيدي فرج وزرالدة، بالتماس جميع المتهمين إسقاط التهم الموجهة إليهم والإقرار ببراءتهم ورد الاعتبار لهم، في حين أعلن القاضي عن إحالة القضية للمداولة للنطق بالأحكام بتاريخ 15 ماي الجاري.

بعد غلق باب المرافعات، شرع قاضي الفرع الثاني للقطب الاقتصادي والمالي وفقا للإجراءات القانونية في المناداة على المتهمين للإدلاء بكلمتهم الأخيرة والتي كانت مختصرة جدا بشعار “البراءة”.

ومن جهتها، ثارت هيئة الدفاع ضد وقائع ملف الحال، بداية من الطلب الافتتاحي إلى مراحل التحقيق، وصولا إلى الأمر بالإحالة، معتبرة أن القضية “خاوية “.

ورافعت هيئة الدفاع بقوة عن الرئيس المدير العام لمجمع “فندقة سياحة وحمامات معدنية”، من أجل تبرئة موكلها واستعملت جميع الأدلة والقرائن لإسقاط التهم الموجهة إليه، وشددت على أن ملف الحال تم تضخيمه.

واستهل المحامي زكرياء خمخوم، مرافعته بالقول “سيدي الرئيس هذه القضية انطلقت بموجب تعليمات ممثل الحق العام لدى محكمة الشراقة وهي تعليمة غير قانونية وأتحمل مسؤولية ما أقوله.. بل الأكثر من ذلك فإن الضبطية القضائية مختصة في قانون العقوبات وليس في قانون مكافحة الفساد، فلماذا هي التي تحقق في ملف الحال الذي يعتبر تقنيا بامتياز.. وما هو دور ديوان قمع الفساد”؟

وأضاف خمخوم “قدمنا 41 وثيقة للضبطية القضائية وقاضي التحقيق لدى محكمة الشراقة وقاضي الغرفة الثالثة لدى القطب الاقتصادي والمالي، تضمنت تفاصيل العلاقة التي تربط موكلي بمجمع فندقة سياحة وحمامات معدنية.. ولعلمكم سيدي الرئيس موكلي ترأس وكالة عدل في وقت كانت لا تملك عتادا، وأشرف بذكائه وحنكته على إنجاز مليون و500 ألف مسكن لصالح المواطنين… ليتم المحاكمة، فهل هل هذا هو جزاء سنمار؟”.

وخاض الدفاع في أدق التفاصيل المتعلقة بالتهم الموجهة لموكله قائلا: “موكلي منذ الوهلة الأولى لترؤسه المجمع راسل جميع فروع مؤسسات التسيير السياحي الـ 17 وأمرهم بعدم التقيد بالتعليمات الشفوية…سيدي الرئيس ولا متهم أو مؤسسة من المتابعين في ملف الحال، قال إن موكلي أبرم العقد، أو صفقة أو توسط له، وأن كل الاتهامات التي وجهت له كانت من طرف المتهم ( س. أ) رئيس مجلس إدارة مؤسسة التسيير لزرالدة”.

وتابع المحامي خمخوم “سيدي الرئيس المتهم (س.أ) الذي كان يشغل منصب رئيس مجلس الإدارة مستواه التعليمي هو السنة السابعة متوسط وهو ما يعادل عون غابات، وجاء اليوم يقول إنه مدير للاتصال؟… موكلي عنده 17 مؤسسة و17 مجلس إدارة ويلتقي معهم مرة واحدة في السنة من أجل التقييم بل إن موكلي في هذا الاجتماع يشبه حالة معلم في إجراء الامتحان للتقييم، من عمل فقد أفلح ومن خاب فقد يرفع التقرير في حقه ونقطة إلى السطر.. لذلك لا دخل في تفاصيل الأشغال”.

ثم يطلب الدفاع من رئيس الجلسة الإشهاد على تصريحات وكيل الجمهورية بخصوص منح المقاول “ع. و” لـ6 مشاريع + 6 مشاريع بمجموع 12 مشروعا، ليستظهر عقود المشاريع التي تحدث عنها ممثل الحق ويثبت للقاضي أن العقود التي تحصل عليه المتهم “ع.و” ترجع إلى سنوات 2014، 2015، 2016 أي قبل تولي موكله منصب الرئيس المدير العام للمجمع، مؤكدا أنه لم يمنح أي مشروع.

كما رد المحامي على المتهم “س.أ” الذي قال إن موكله يتدخل في تسيير مؤسسات التسيير السياحي لاسيما مؤسسة زرالدة قائلا: “هذا غير صحيح فلا سلطة لمنتخب على منتخب وأن رئيس مجلس إدارة مؤسسة التسيير السياحي لزرالدة أنهت مهامه طبقا للمادة 611 من القانون التجاري، أي تم استبعاده بقوة القانون ولا دخل لموكلي في ذلك”.

والأكثر من ذلك، يضيف الدفاع، فإن المتهم “س.أ” وخلال العهدات المتتالية تجاهل محضر الجمعية العامة التي تنص على فتح تحقيق عن طريق القيام بتدقيق حول قانونية منح الصفقات ولم يقم بالتبليغ عن أي فساد وفقا لصلاحياته وطبقا للمادة 06 مكرر من قانون الإجراءات الجزائية وبعد إنهاء مهامه من طرف مجلس الإدارة ولإخفاء تورطه قام بمراسلات عشوائية بغية التنصل من المسؤولية.

واختتم خمخوم مرافعته مخاطبا هيئة المحكمة “سيدي الرئيس موكلي إنسان معروف، أفنى حياته في خدمة الدولة والجزائر، كما أنه إنسان نظيف والذمة المالية له أثبتت ذلك فهو لا يملك سوى شقة واحدة تحصل عليها في إطار التنازل عن أملاك الدولة، وعلى هذا الأساس أرجو منكم تبرئة ساحة موكلي، والتدقيق في جميع الوثائق التي قدمناها في ملف الموضوع ولكم واسع النظر”.

رفع تقارير مفصلة عن الفساد

ومن جهته، استغرب محامي الدفاع عن المتهم “س.أ”، رئيس مجلس إدارة مؤسسة التسيير السياحي بزرالدة، أحمد بوعيشاوي، من طريقة إقحام موكله في القضية، رغم أنه هو أول من قام بتحريك الدعوى الحالية بناء على مراسلته الوزير الأول مرفوقة بنحو 20 وثيقة تؤكد الخروقات التي قام بها المسؤولون المتابعون في ملف الحال.

وقال المحامي بوعيشاوي خلال مرافعته “سيدي الرئيس موكلي ماذا فعل؟ هل هذا هو جزاء السنمار؟ فهو من فجر ملف فساد الحال ليجد نفسه متهما، الأبعد من ذلك قاموا بجر موكلي الذي هو رئيس مجلس الإدارة واستبعدوا أعضاء مجلس الإدارة رغم أنهم صوت واحد ويتخذون القرارات بالإجماع”.

وأضاف الدفاع “سيدي الرئيس، رئيس مجلس الإدارة هو الرابط بين الإدارة والمجلس وليس له أي صلاحيات على الصفقات أو المدير العام، فالمخوّل بذلك محافظة الحسابات والجمعية العامة التي يترأسها رئيس المجمع.. كما أن مجلس الإدارة منذ جانفي 2017 لم يعد يطلع على الصفقات التي تبرمها المؤسسة، ولا علاقة له بالصفقات… وعلى هذا الأساس، فإن هذا الأخير أصبح بدون صلاحيات، فأين هي جنحة تبديد المال العام التي توبع بها موكلي؟

وعاد المحامي بوعيشاوي إلى جنحة إبرام صفقات عمومية المتابع فيه موكله، وشدد على أنه هذا الأخير لا يمكنه بأي حال من الأحوال إبرام الصفقات، باعتبار أنه منذ جانفي 2017 تم تعديل قانون إبرام الصفقات العمومية وموكله تمت تنحيته سنة 2019، متسائلا: “كيف يمكنه إبرام صفقة بصفته رئيس مجلس الإدارة وهو ما يتنافى مع المادة 26، كونه لم يكن موظفا عموميا؟.. زد على ذلك سيدي الرئيس، فإن موكلي قد أبلغ المدير العام لمؤسسة التسيير السياحي لزرالدة وكذا وزير القطاع عبر مراسلة تطرق فيها إلى جميع التجاوزات والخروقات، وقال لهم بالحرف الواحد والرسالة أمامكم سيدي الرئيس: من فضلكم عينوا لجنة تحقيق للتحري في الأمر.. لكن للأسف لم تكن هناك إجابة، وعلى هذا الأساس راسل الوزير الأول مباشرة”.

تنفيذ تعليمات وزير القطاع

ومن جانبها، حاولت هيئة الدفاع عن المدير العام السابق لمؤسسة التسيير السياحي لسيدي فرج، المتهم الموقوف “خ.م” استعمال جميع الأدلة والقرائن والنصوص القانونية التي من شأنها أن ترفع المسؤولية الجزائية عن موكلها وتبرئة ساحته.

وقال النقيب إبراهيم طايري، رئيس الاتحاد الوطني لمنظمات المحامين الجزائريين خلال مرافعته: “سيدي الرئيس، ما آلمني في ملف الحال هو توزيع العقوبات بشكل جزافي كصكوك غفران بدون تقديم أدلة وقرائن تثبت إدانة موكلي، الذي أدى مهامه على أحسن وجه وفقا للقوانين المعمول بها”.

وأضاف النقيب طايري: “الوزير وخلال الزيارة التي قام بها أعطى أوامر في عين المكان، بضرورة الانطلاق في عملية الدراسات من أجل ترميم وتهيئة العمارة H3 بعد حدوث حريق، وقد تم طرح مناقصة وتم اختيار مؤسسة ( ش.أ) وهذه هي الرواية الحقيقية بدون تزييف أو تضخيم، كما أنه لا تربطه أي علاقة مع صاحب مكتب الدراسات (ط.ي) ولم يتواطأ معه أبدا، والمشروع تم استلامه وهو قيد العمل وقيد الاستغلال”.

وينظر النقيب صوب موكله مخاطبا هيئة المحكمة: “سيدي الرئيس، هذا الشخص الذي أمامكم لا يملك لا حسابات ولا أملاك ولا هم يحزنون، فهو يسكن حاليا في قبو عمارة وسط العاصمة، وعلى هذا الأساس، نلتمس منكم تبرئته من التهم الموجهة إليه والسماح له بالعودة إلى عائلته وأولاده الذين ضاعوا، كفانا من كل هذا”.

مكاتب الدراسات ليست صاحبة المشروع

وبدوره، تساءل محامي الدفاع عن المتهم الموقوف “ط. ي”، مستشار بمكتب الدراساتCTAU ، محمد خلفات، كيف يتم متابعة موكله، بالرغم من أن مكتب الدراسات لا يخصه، ودوره يتمثل في تقديم استشارات هندسية بحكم خبرته التي تتجاوز الـ32 سنة.

وخاض خلفات في تفاصيل الوقائع المتابع فيها موكله، قائلا: “سيدي الرئيس، بحكم صعوبة ترميم وإعادة هيكلة البناية H3 بسيدي فرج لأنها مشيّدة بطريقة معمارية فريدة من نوعها، تستلزم خبرات وكفاءات خاصة لا يملكها مكتب الدراسات BEREG، مما أدى بهذا الأخير إلى كراء خدمات مكتب CTAU للاستعانة بها نظرا لخبرته في مجال ترميم الفنادق”.

وأردف الدفاع: “موكلي صرح أن تمديد الآجال جاء جراء الدراسات التي قام بها مكتب الدراسات الفرنسية، والذي لم يقم بأي دراسة جدية منذ سنة 2012، مما سبّب مشاكل تقنية أدت إلى إعادة الدراسة من قبل BEREG وعلى هذا الأساس، نتجت أشغال إضافية وملحقات أدت إلى زيادة نسبة 10 بالمائة من قيمة المشروع والتي كانت مبررة”.

وشدّد المحامي خلفات على أن مكتب الدراسات CTAU قام بالمهام المسندة له والتي وردت في العقد الذي أعده مكتب الدراسات BEREG وأن المكتب الأول تفاوض مع المكتب الثاني على منحه نسبة 70 بالمائة من المبلغ والذي تقتطع منه نسبة 19 بالمائة للضرائب، مقابل استئجار موظفين تابعين للمكتب الأول والذي سيكون مسؤولا عن تحديث وتصحيح المخططات ومتابعة الأشغال المنجزة بجميع التخصصات.

أما محامي الدفاع عن صاحب مكتب الدراسات “ح. م”، سعيد قاسمي، فقد التمس من هيئة المحكمة تبرئة موكله وإسقاط التهم الموجهة إليه، مشيرا إلى أن موكله مجرد صاحب مكتب دراسات لا غير، مهمته متابعة إنجاز أشغال فندق “الرمال الذهبية” بزرالدة، وأنه لا دخل له في اختيار المقاول المتعاقد، وليست لديه مسؤولية في تعديل نوعية المواد والخدمات وآجال الاستلام.

وقال الدفاع: “زد على ذلك سيدي الرئيس، فإن جميع الملاحق تمت بطلب من صاحب المشروع وأن محضر اختيار أغطية الأرضيات ممضى من طرف المدير العام، وهذا الأخير هو من قرر إبدال البلاط المبرمج في الدراسة الأولية بمادة الرخام من النوعية الأولى، مما أدى إلى أشغال إضافية تكميلية جديدة مع إبرام الملحق”.

وبخصوص جنحة تبييض الأموال على أساس قيام زوجة المتهم “ح.م” بشراء شقة بفرنسا، قال الدفاع: “إن شراء الشقة كان قبل بداية مشروع تهيئة فندق “الرمال الذهبية” بسنتين، وبالتالي، فإن شراءها لم يتم بأموال المشروع محل القضية الحالية، كما أن الحساب البنكي هو حساب واحد فقط وليس حسابين”.

أعضاء اللجان.. الحلقة الأضعف

كما وصفت هيئة الدفاع عن لجنة تقييم العروض وفتح الأظرفة، موكليهم بـ”الحلقة الأضعف” في ملف الحال، وقالت أنهم منذ انطلاق التحقيق، وهم يعانون الويلات والضغط الجسدي والنفسي، بل هناك من دخل في دوامة مغلقة لم يخرج منها إلى حد الساعة.

وقال المحامون، خلال مرافعتهم، إن هؤلاء الأعضاء مهندسون وتقنيون وقانونيون ليس لديهم أي علاقة بوقائع ملف الحال، وبراءتهم ظاهرة للعيان وواضحة وضوح الشمس، فهم لم يؤشروا على أي صفقة ولم يمنحوا أي امتياز، وليس لديهم أي صلاحية للقيام بذلك، باعتبار أن مسؤوليتهم تنحصر في تلقي العروض وفتحها والتثبيت من الوثائق المرفقة بها، ثم المباشرة في دراسة الجانب التقني والمالي وفي نهاية المطاف، تحرير محضر.

وفي سياق متصل، أكد محامي الدفاع عن رئيس لجنة الصفقات “التجهيز والتوريد” بمشروع مؤسسة التسيير السياحي لزرالدة المتهم “م.ع”، أن موكله مارس المهام الموكلة إليه وفقا للقانون، وأن هذا الأخير لا ناقة له ولا جمل في ملف الحال.

وخلال مرافعته، قال مسعود سكفالي: “سيدي الرئيس، هذه الصفقة أرست على أزيد من 300 مليون دينار، وبعدها انخفضت إلى 247 مليون دينار، كما أن الصفقات اعتمدت على الإجراءات القانونية المعمول بها، استنادا إلى دفتر الشروط ومحضر لجنة تقييم العروض وفتح الأظرفة والقانون الداخلي للمؤسسة”.

وتابع المحامي: “موكلي قام بجميع الإجراءات القانونية من دراسة الصفقة من الجانب الشكلي، إلى موضوع الصفقة، مرورا بالجانب المالي وصولا إلى الجانب التقني، كما أنه يحوز على خبرة عالية في تسيير الموارد البشرية”، متسائلا: “كيف يتم التأثير على موكلي رئيس لجنة الصفقات، من أطراف خارجية مادام لديه خبرة كملحق دبلوماسي بسفارة الجزائر في فرنسا أو من طرف أصحاب المال الفساد؟”

المستثمرون عماد الاقتصاد الوطني

ومن جهة أخرى، ثارت هيئة الدفاع عن المقاولين الفائزين بصفقات عصرنة وتجهيز وإعادة تأهيل الفنادق، ضد ما أسمته “تحطيم المستثمرين”، وأجمعت على أن الملف أخذ منعرجا آخر، باعتبار أن مثل هذه الملفات لا تشجع الاستثمار، كما أن السياحة سواء الداخلية أو الخارجية هي المرآة الحقيقية لأي بلد.

وفي هذا السياق، شدّد المحامي نبيل واعلي، المتأسس في حق المقاول على أن “المستثمرين هم عماد الاقتصاد الوطني وبراءة موكله في هذا الملف تفرض نفسها”، ملتمسا من هيئة المحكمة استبعاد الخبرة المنجزة من طرف مؤسسة التسيير السياحي لزرالدة، قائلا: “كان من المفروض أن يناقض الطرف المدني الخبرة القضائية، التي أمر بها قاضي التحقيق أولا وقبل كل شيء”.

وتابع واعلي: “سيدي الرئيس، موكلي يحوز على السجل التجاري وله باع طويل في مجال اختصاصه وتحصل على عدة مشاريع، كما أنه الوحيد الذي ضاعت أمواله وتكبّد الخسارة، ففي بداية الصفقة، كان مبلغ المشروع 53 مليون دينار وهو تحصل فقط على 47 مليون دينار، أين هو المال الذي بدّده موكلي، وكيف أثّر على الأعوان، وهو قد إتبع جميع الإجراءات القانونية المعمول بها ووفقا للشروط المحدّدة منذ البداية”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here