أفريقيا برس – الجزائر. تكشفت خيوط خطوة ابتزازية مفضوحة ضد الجزائر داخل الجمعية الوطنية الفرنسية، حيث أقدم نواب التجمع الوطني اليميني المتطرف، على تقديم مشروع قرار يستهدف نقض اتفاقية الهجرة المبرمة مع الجزائر في 27 ديسمبر 1968، في اليوم ذاته الذي عيّن فيه الرئيس إيمانويل ماكرون رئيس حكومته الجديد سيباستان لوكورني في 9 سبتمبر الجاري.
وتضمنت الوثيقة، الموقعة من طرف مارين لوبان وكتلتها البرلمانية، سيلاً من المغالطات، إذ زعمت أن الجزائر “لا تحترم التزاماتها الدولية” بحجة أن نسبة تنفيذ أوامر الطرد (OQTF) ضد الجزائريين لم تتجاوز 4,4 بالمائة بين 2019 و2022، متناسية أن آلاف الجزائريين يساهمون في مختلف القطاعات الحيوية بفرنسا، وأن 650 ألف بطاقة إقامة من أصل 4.3 مليون في 2024 هي انعكاس طبيعي لجالية تاريخية راسخة وليست “امتيازاً” كما يدعي اليمين المتطرف.
ولم يكتف معدو الوثيقة بذلك، بل حاولوا استدعاء نماذج فردية لتشويه سمعة جالية بأكملها، على غرار حادثة ميلوز في فيفري الماضي أو ملف مواطن طُرد في 2008، ثم عاد، وأدين لاحقاً في قضايا جنائية.
ورغم أن مثل هذه الحالات معزولة لا تمثل سوى أنفسها، فإن النص قدّمها كدليل على “خطورة الجزائريين”، في حين يغضّ الطرف عن الجرائم التي يرتكبها فرنسيون أصيلون داخل بلدهم.
كما لم تتردد الوثيقة في جر قضايا سياسية وحقوقية داخلية لتصفية حسابات، عبر التطرق إلى ملف الكاتب بوعلام صنصال أو الصحفي الفرنسي كريستوف غليز، مدعية أن الجزائر “تنتهك حقوق الإنسان”، في محاولة بائسة لتشويه صورة البلاد، واستغلال حقوقيين أجانب كورقة في صراع انتخابي داخلي، رغم أن القضيتين تتعلقان بسيادة الجزائر وأمنها.
وأكثر من ذلك، لجأ أصحاب المقترح إلى تبرير نواياهم بالحديث عن “سخاء فرنسا”، فذكروا ما زعموا أنها مساعدات تنموية تجاوزت 136 مليون يورو في 2023، رغم تأكيد الحكومة الفرنسية ووكالة التعاون الدولي على أنها لم تقدم أي إعانات مالية للجزائر وأن الأمر يتعلق بمنح للطلبة للدراسة في جامعات فرنسا.
ولم يخل النص من لهجة استعمارية واضحة، إذ طالب أصحابه بضرورة إخضاع الجزائريين لنفس القوانين المطبقة على باقي الأجانب، من خلال إلغاء الامتيازات الخاصة بالاتفاقية، سواء في الإقامات أو التأشيرات أو لم الشمل العائلي.
ويتضح من توقيت هذا المقترح البرلماني الذي تزامن مع أول يوم لمسؤول قصر ماتينيون، أن الهدف الحقيقي ليس “إصلاح اتفاقية قديمة” كما يزعم أصحابه، بل ممارسة ضغط مباشر على ماكرون عبر ورقة الجزائر، واستغلال موضوع الهجرة لتأجيج الرأي العام الفرنسي المتطرف، في وقت يعيش فيه النظام السياسي الفرنسي أزمة ثقة وصعودا مقلقا لليمين الشعبوي.
ولم تتوقف المناورة الابتزازية عند سرد المبررات الواهية، بل ختمت الوثيقة بمادة وحيدة تدعو بشكل صريح الحكومة الفرنسية إلى “التنصل” من اتفاقية 27 ديسمبر 1968، حيث جاء في نص المقترح، بلغة عدائية، أن هذه الاتفاقية “خلقت نظاما استثنائيا يسهل هجرة الجزائريين إلى فرنسا”، وأنه “لا يوجد أي مبرر لاستمرار تمتعهم بامتيازات قانونية” تتيح لهم دخول البلاد وإقامتهم في ظروف أفضل من غيرهم، رغم أن رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون ومتابعون للملف، أكدوا بالدليل أن الاتفاقية أفرغت من محتواها تماما بمرور السنين.
وما يعزز التوجه الابتزازي لهذه المبادرة، كونها تستهدف الضغط على رئيس الحكومة الجديد عبر ملف الجزائر، هو أن مثيلاتها سبق وأن أسقطتها الجمعية الوطنية وأيضا مجلس الشيوخ (السينا) في أكثر من مرة، بعد أن بادر بها نواب من اليمين المتطرف وحتى من الذين يسمون أنفسهم “جمهوريون” الذين ينسبون تشكيلتهم إلى التيار الديغولي.
المصدر: الشروق
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس