أفريقيا برس – الجزائر. زكّى أعضاء مجلس الأمة، بالإجماع، عزوز ناصري رئيسا للغرفة العليا للبرلمان، خلفا لصالح قوجيل الذي استكمل عهدته على رأس المجلس، وبهذا الانتخاب، يصبح ناصري خامس رئيس يتولّى قيادة الغرفة العليا للبرلمان منذ تأسيسه بموجب دستور 1996، ليفتح بذلك فصل جديد في مسار المؤسسة التشريعية.
في أول خطاب له أمام أعضاء مجلس الأمة، تعهد الرئيس الجديد عزوز ناصري بأن يكون رئيسا جامعا لكل أعضاء الغرفة العليا، بمختلف انتماءاتهم السياسية والكتلية، دعما للطابع الديمقراطي التعدّدي للمؤسسة.
كما توجّه بـ”خالص التقدير وعميق الامتنان إلى رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، لما أبداه ويبديه من حرص موصول على تعزيز مكانة السلطة التشريعية في منظومة الحكم، وتثمينه الدائم لأدوارها المحورية في تكريس دولة القانون وترسيخ الممارسة الديمقراطية”.
وأشاد في هذا الصدد، بالرعاية التي يوليها رئيس الجمهورية للمؤسسة البرلمانية، وهو ما يجسّد -مثلما قال- “قناعته الراسخة بأهمية التوازن المؤسسي، ويؤكد إرادته السياسية الصادقة في أخلقة وتشبيب السلطة التشريعية وإعلاء شأنها ضمن البناء المؤسساتي للدولة وتشجيع التداول الديمقراطي المسؤول”.
ولم يفوّت ناصري الفرصة لتوجيه رسائل مباشرة إلى من وصفهم بـ”أعداء الجزائر”، مؤكدا أن “الجزائر المسالمة، العصية على خصومها، لا تقبل المساس بقرارها السيادي المستقل من أي جهة كانت، بما فيها فرنسا التي لا تزال تحن إلى ماضيها الاستعماري، وتسعى إلى زعزعة استقرار مؤسساتنا الدستورية والتشكيك في نزاهة نظامنا القضائي”، في إشارة واضحة إلى موقف باريس من قضية الكاتب بوعلام صنصال.
ومضى ناصري في لهجة حازمة، مؤكدا أن الجزائر ترفض رفضا قاطعا كل أشكال الابتزاز السياسي والممارسات السياسوية الدنيئة، كما ترفض محاولات اختراق سيادتها تحت أي غطاء، بما في ذلك الغطاء الدبلوماسي، مضيفا في هذا السياق: “الجزائر متمسّكة بإرساء علاقات ثنائية قائمة على الندية والاحترام المتبادل والمصالح المشتركة”، داعيا الجانب الفرنسي الرسمي إلى تحمّل تبعات تصرفات مسؤوليه.
وفي ختام خطابه، الذي دام قرابة الساعة، وسط تصفيقات حارة من أعضاء المجلس، أكد ناصري التزام الغرفة العليا بالدفاع عن حق الشعوب في الاستقلال والسيادة وتقرير المصير، وعلى رأسها حق الشعب الصحراوي المشروع وغير القابل للتصرف في تقرير مصيره، وفق ما تنص عليه قرارات الشرعية الدولية.
وفي تغريدة لاحقة، كتب ناصري على حسابه الخاص عبر مواقع التواصل الاجتماعي: “أبدأ عهدتي كرئيس لمجلس الأمة برسالة امتنان للثقة التي حظيت بها، وأؤكد الإخلاص في أداء الأمانة كما عهدتموني: نوفمبر مرجعيتي ومصلحة الجزائر أولويتي وخدمة الشعب غايتي”.
كما تابع رئيس مجلس الأمة المنتخب: “سأبذل جهدي للارتقاء بأداء المؤسسة وتكريس الديمقراطية ودولة القانون، ولتبقى الجزائر شامخة منتصرة، ومن الله السداد”.
ومعلوم أن مجلس الأمة تأسّس بموجب دستور 28 نوفمبر 1996، ورغم محدودية صلاحياته التشريعية، فإن رئيس المجلس يعد الرجل الثاني في الدولة، ويتولّى رئاسة الدولة مؤقتا في حال شغور المنصب وفقا للدستور.
وتوالى على رئاسة المجلس خمسة رؤساء، أولهم بشير بومعزة، ثم محمد الشريف مساعدية، ثم عبد القادر بن صالح، الذي شغل المنصب لأطول مدة (18 سنة) حتى 2019، ليخلفه صالح قوجيل، قبل أن يستلم المشعل عزوز ناصري.
مسار قضائي وتشريعي حافل
وبالمناسبة، نشر مجلس الأمة لمحة عن السيرة الذاتية لرئيسه الجديد عزوز ناصري، حيث بدأ مساره الأكاديمي بالحصول على شهادة البكالوريا (شعبة فلسفة) عام 1966، ثم تخرّج من المدرسة الوطنية للإدارة – فرع القضاء عام 1970، إلى جانب حصوله على ليسانس في الحقوق من جامعة الجزائر.
ثم باشر مشواره المهني قاضيا بمحكمة الشلف (1971-1972)، قبل تقلّد مناصب عدة في سلك القضاء، منها نائب عام في مستغانم وسكيكدة وقسنطينة، ومدير بوزارة العدل (1985-1988)، ثم نائب عام مساعد بالمحكمة العليا.
وعيّن عضوا بالمجلس الدستوري (1989-1995)، ثم رئيسا أول للمحكمة العليا (1995-2001)، قبل أن ينتخب نائبا بالمجلس الشعبي الوطني عن ولاية سطيف (2002-2007). وفي 2022، عيّن عضوا بمجلس الأمة عن الثلث الرئاسي إلى غاية انتخابه رئيسا للغرفة العليا في 2025.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس