أفريقيا برس – الجزائر. تساءل أعضاء بمجلس الأمة عن مدى جاهزية الحكومة لتفعيل مشروع قانون التعبئة العامة، مؤكدين ضرورة تحديد المساهمات المالية للوزارات المعنية، وضبط مفاهيم أساسية كـ”الخطر الداهم” و”الضرورة العسكرية”. كما أثاروا مسألة تسخير الممتلكات الخاصة والضمانات القانونية لحماية الحقوق خلال فترات التعبئة، في ظل تحديات إقليمية تتطلب استجابة دقيقة ومتكاملة.
وقد جاءت هذه الانشغالات ضمن التقرير التمهيدي لمشروع القانون المتعلق بالتعبئة العامة، حيث أبدى “السيناتورات” ملاحظات بشأن الطابع الإجرائي والتنظيمي لهذا النص، خاصة فيما يتعلق بعدم وضوح العلاقة بينه وبين القانون المتعلق بالاحتياط العسكري، فضلا عن مطالب بتوضيحات حول مدى ارتباط تفعيله بإعلان حالة الطوارئ أو طريقة تنفيذه في حال وقوع تهديدات داخلية.
وفي الجانب المالي، تساءل بعض الأعضاء عن سبب عدم تحديد المساهمات المالية الدقيقة لكل وزارة معنية بتنفيذ بنود المشروع، وعن طبيعة الاعتمادات المالية المرصودة لهذا الغرض.
كما طرح “سيناتورات” تساؤلات تتعلق بمدى إشراك القطاع الخاص والمجتمع المدني في هذه المنظومة الوطنية، وما إذا كان النص يُلزم بإحداث آليات للمتابعة والمراقبة تضمن نجاعة التنفيذ مع الالتزام الصارم بالمبادئ الدستورية، لاسيما في ظل الظروف الإقليمية والدولية التي تستدعي توازنا دقيقا بين ضرورات الأمن القومي والحفاظ على الحقوق والحريات.
من جانب آخر، أشار بعض أعضاء مجلس الأمة إلى مسألة تسخير الممتلكات الخاصة خلال فترة التعبئة العامة، متسائلين عن الضوابط القانونية التي تحكم هذه العملية، والإجراءات المقررة لتعويض المواطنين عن الأملاك المسخرة، مؤكدين على أهمية أن يتضمن النص ضمانات واضحة.
وزير العدل: هو نص عادي لم يُقترح في سياق استثنائي
بالمقابل، ثمّن وزير العدل حافظ الأختام، لطفي بوجمعة، في مستهل رده على مداخلات أعضاء اللجنة، عمق المواضيع التي أثيرت ودقة النقاط المطروحة، معتبرا أن ذلك يعكس وعيا من أعضاء مجلس الأمة على استقرار الوطن وتعزيز سيادته.
وأكد أن هذه المداخلات تجسد انخراط المؤسسة التشريعية في دعم الخيارات الاستراتيجية للدولة، ولاسيما في مجال الدفاع الوطني، مشددا على أن مشروع القانون المتعلق بالتعبئة العامة ليس مجرد أداة ظرفية، بل يُترجم رؤية استباقية لتعزيز قدرات الدولة في مواجهة التهديدات، في إطار احترام الدستور وضمان الحقوق الأساسية للمواطن.
وفي السياق ذاته، أوضح ممثل الحكومة أن مشروع القانون هو نص عادي لم يُقترح في سياق استثنائي، بل يأتي ضمن مسار متكامل لتحيين المنظومة التشريعية، بما ينسجم مع أحكام دستور الفاتح نوفمبر 2020، الذي بادر به رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، والذي نص صراحة على مبدأ التعبئة العامة ضمن مبادئه العامة، واعتبر أن هذا النص يمثل خطوة عملية لتحويل تلك المبادئ الدستورية إلى قواعد وإجراءات قانونية قابلة للتطبيق عند الحاجة.
وأشار الوزير إلى أن الحالات الاستثنائية محددة بدقة في الدستور، وتشمل حالة الطوارئ، الحصار، التعبئة العامة وحالة الحرب، مبرزا أن تقدير خطورة الوضع وتفعيل حالة التعبئة يندرج ضمن صلاحيات رئيس الجمهورية، بالتشاور مع الهيئات الدستورية ومجلس الوزراء.
وفيما يتعلق بحماية الحقوق، أكد ممثل الحكومة أن مشروع القانون يضمن للمواطن المتضرر من تسخير ممتلكاته خلال التعبئة العامة الحق في تعويض عادل ومنصف، مع إمكانية اللجوء إلى القضاء في حال عدم الرضا.
وفيما يخص الأحكام الجزائية، بيّن ممثل الحكومة أن المادة 50 تشكل الإطار المرجعي للعقوبات، والتي تختلف بحسب طبيعة الأفعال المرتكبة، حيث يميز النص بين المخالفات البسيطة والأفعال الخطيرة كالتجسس أو الخيانة العظمى، التي تبقى من اختصاص قانون العقوبات، بما يضمن تدرج الردع وتكامل المنظومة القانونية.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس