أفريقيا برس – الجزائر. تزامنت الذكرى الأولى لوفاة الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة، مع نشر وكالة الأنباء الرسمية لبرقية تعتبر فيها طريقة تسيير مؤسسة الرئاسة خلال فترته بالعشوائية، وتؤكد بالمقابل أن الرئيس الحالي عبد المجيد تبون قد أعاد الانضباط لقصر المرادية.
وذكرت وكالة الأنباء الجزائرية التي لا تخرج تعليقاتها عن توجيه الخط الرسمي للدولة، أن الرئيس عبد المجيد تبون له الدور المحوري في تسيير شؤون الدولة، وأكدت أن تسيير شؤون قصر المرادية “لم يعد يتم في إطار مواز غير رسمي وغير منظم، مثلما كان عليه الأمر لما يزيد عن عشريتين مضت”، وهو ما يعني مباشرة فترة الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة التي امتدت لعشرين سنة.
وذكرت البرقية أن الرئيس عكف على عصرنة تسيير المؤسسة الأولى في البلاد وإضفاء الاحترافية عليها، والتقدم الهائل الذي تم إحرازه في تسيير هياكل رئاسة الجمهورية. واعتبرت أن لا شيء الآن بات يترك للصدفة، حيث وضع الرئيس تبون حسبها بصمته، لا سيما في ما يخص التحولات التي عرفها تسيير قصر المرادية.
وأشارت البرقية إلى أن الإعلان عن التعيينات التي يجريها رئيس الجمهورية، هو أفضل مثال على التغير الحاصل في نمط التسيير بالرئاسة، فلم تعد المعلومات، حسبها “تتسرب قبل نشر بيان رئاسة الجمهورية، ولا تجرؤ أي وسيلة إعلام على التكهن بأسماء المغادرين أو الوافدين”. وأضافت: “لقد ولّى عهد الإشاعات وتسريب المعلومات، صحيحة كانت أم غير ذلك، حيث كانت جريدة إلكترونية وقناة تلفزيونية معروفتان تحوزان على القائمة المرسلة من الرئاسة 48 ساعة قبل وكالة الأنباء الرسمية”.
ويشير هذا التلميح إلى قناة النهار التي يوجد مالكها محمد مقدم المدعو أنيس رحماني في السجن حاليا، والتي كانت تحوز على السبق في نشر الأخبار المتعلقة بالتعديلات الوزارية في الفترة السابقة. أما الجريدة الإلكترونية، فهي على الأرجح موقع “كل شيء عن الجزائر” الناطق بالفرنسية والذي كان من أبرز المصادر في نقل المعلومات.
وكدليل على التغير في طريقة تسيير الرئاسة، أبرزت الوكالة الرسمية أن “الحركة الأخيرة التي أجراها رئيس الجمهورية في سلك الولاة بعد ثلاثة أشهر من عمل تقييمي دقيق لمردود كل والٍ، لم تحد عن هذه القاعدة التي رسخها رئيس الجمهورية، فالمعنيون أنفسهم بهذه الحركة لم يتم إعلامهم إلا لحظات قبل الإعلان الرسمي”.
ويعود كل ذلك، حسب البرقية، إلى تحديد الرئيس تبون النهج الواجب اتباعه، وتشديده على ضرورة تحلي وزرائه بـ”السرية” و”الانضباط”، إذ يتعين عليهم السهر بشكل خاص على احترام ما يتم تداوله خلال مجلس الوزراء واجتماعات الحكومة، فالأمر متعلق بمصداقية الدولة، حسبها.
وكان الرئيس عبد المجيد تبون قد أجرى مؤخرا تعديلا وزاريا شمل ثماني حقائب، أعقبه تعديل على مستوى الولاة (المحافظين)، وهي تعيينات سبق للرئيس أن أعلن عنها في حواره الأخير على التلفزيون العمومي، مؤكدا أنه سيتم تقييم أداء كل مسؤول على حِدَةٍ وإجراء التغييرات اللازمة.
لكن بعيدا عن الشكل الذي تم به، طرح سياسيون تساؤلات حول جدوى التعديل الحكومي الأخير، وشكّك حزب العمال في بيان له حول ما إذا كان استبدال الوزراء سيصوب السياسات الاجتماعية للدولة في ظل ما وصفه بانهيار القدرة الشرائية في البلاد، وسيمكن من استعادة الشروط العادية للممارسة السياسية واحترام التعدديّة الحزبية وحريّة التنظيم النقابي والجمعيات واحترام الحريّات الديمقراطية.
وخارج تعليق وكالة الأنباء الرسمية، مرّت ذكرى وفاة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الأولى دون أن تثير أي تفاعل على مستوى الأحزاب التي ساندته خلال العشرين سنة الماضية. واعتبر بعض المعلقين أن هذا التجاهل دليل على العلاقة المبنية على المصلحة التي كانت تربطهم بشخص الرئيس الراحل والتي انقطعت مباشرة بعد الحراك الشعبي الذي أحبط العهدة الخامسة للرئيس بوتفليقة والتي كانت تحظى بمساندة الأحزاب الموالية له.
وعلى مواقع التواصل، نشرت بعض الصفحات صورة الرئيس بوتفليقة وطلبت من المتابعين استذكار ما علق في أذهانهم من فترته. وانقسمت تعليقات الجزائريين بين مترحم على الرئيس السابق ومتذكر لبعض إيجابيات فترته وبين منتقد له بشدة على طريقة تسييره والفرص التي ضاعت في عهده بسبب الانتشار الواسع للفساد. وحكم الرئيس الراحل الجزائر من سنة 1999 إلى 2019، في أربع عهدات متتالية وكان يطمح للخامسة رغم مرضه الشديد الذي أقعده على كرسي متحرك وشلّ قدرته على الكلام، إلى أن أطاح به الجزائريون في حراك شعبي عارم في فبراير 2019، أجبره على الاستقالة شهرين بعد ذلك.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس