مؤجج الخلافات الفرنسيّة مع الجزائر يخسر الوزارة قبل الرئاسيات

1
مؤجج الخلافات الفرنسيّة مع الجزائر يخسر الوزارة قبل الرئاسيات
مؤجج الخلافات الفرنسيّة مع الجزائر يخسر الوزارة قبل الرئاسيات

أفريقيا برس – الجزائر. في خطابه بمناسبة مراسيم تسليم، برونو روتايو، مهام وزارة الداخلية، امتد لنحو عشرين دقيقة، كانت الجزائر، الدولة الوحيدة التي جاء ذكرها على لسان زعيم حزب “الجمهوريون” اليميني. وقد حاول روتايو، من خلال ذلك تقديم حصيلة السنة التي قضاها في قصر “بوفو”، والتي لم تكن مقنعة بتاتا بالنسبة لحزبه ولأنصاره.

خليفة برونو روتايو في وزارة الداخلية، هو رئيس شرطة باريس، لوران نونيز، وقدمته التقارير على أنه قريب من جيرالد موسى دارمانان ذي الأصول الجزائرية، العائد إلى حقيبة وزارة العدل، علما أن دارمانان من الرجالات القلائل الذين يعتمد عليهم الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في تصريف مشروعه السياسي منذ عام 2017، تاريخ وصوله إلى سدة قصر الإيليزي.

ينحدر وزير الداخلية الفرنسي الجديد، من عائلة “كولون” إسبانية استوطنت وهران، قبل أن تغادر الجزائر كغيرها من الأقدام السوداء عشية الاستقلال في سنة 1962، سنتان قبل ولادته. يعتبر لوران نونيز، رجل تكنوقراط بخلفية أمنية، فقد عمل مسؤولا للشرطة في باريس، ومديرا عاما للأمن الداخلي الفرنسي، عكس روتايو الذي كان رجلا سياسيا مشحونا بإيديولوجية اليمين، ومهووسا بالعداء للجزائر.

وأبى روتايو إلا أن يذكّر بالإنجازات التي حققها طيلة سنة من تواجده في قصر “بوفو”، والمثير في الأمر هو أن الرجل ذهب وهو يحمل معه “غصة” اسمها الجزائر. ففي خطاب تسليم المهام، قال: “رغم الإغلاق (يقصد عدم استقبال المرحلين) الذي سلط علينا من قبل الجزائر، نجحنا في رفع عدد المبعدين من بلادنا، واحتلينا المرتبة الأولى من حيث عدد المبعدين في الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي”.

ومن بين ما وصفها الإنجازات التي قال إنه حققها خلال تربعه لنحو سنة على عرش وزارة الداخلية، خفض عدد أولئك الذين منحت لهم الجنسية الفرنسية من المهاجرين، بنسبة 38 بالمائة، وكذا خفض عدد المهاجرين الذين تمت تسوية وضعيتهم. وهكذا أصبحت الإنجازات في دولة مثل فرنسا التي توصف من قبل رموزها بأنها جنة الحريات وحقوق الإنسان، تقاس بمدى التضييق على المهاجرين وحرمانهم من تسوية وضعياتهم القانونية، رغم مساهماتهم الذي لا ينكرها الفرنسيون أنفسهم، في النهوض بالاقتصاد الفرنسي وبخلق الثروة.

ويشكل رحيل برونو روتايو، الحدث الأبرز في حكومة سيباستيان لوكورنو الثانية، فقد احتفظ روتايو بحقيبة وزارة الداخلية في الحكومة الأولى التي لم تدم سوى سويعات معدودات، وهو ما يعتبر برأي المراقبين، نكسة للتيار اليميني وكل الأطراف التي بلورت سياستها على معاداة الجاليات المهاجرة.

غير أن السؤال الذي يطرحه الكثير من المتابعين بعد رحيل برونو روتايو، هو إلى أي مستوى يمكن أن يتراجع منسوب التوتر بين الجزائر وفرنسا؟ على اعتبار أن روتايو كان الوزير الأكثر عداوة للجزائر ولمصالحها، وقد ساهم بدور كبير في تأجيج نار الخلافات بين البلدين خلال تربعه على قصر “بوفو”، من خلال ما أسماه “الرد التدريجي”، ردا على ما وصفه “إهانة” الجزائر لفرنسا.

تؤشر خلفية لوران نونيز التكنوقراطية، على أن الرجل سوف لن يندفع مثل سابقه في استعداء الجزائر من دون مبررات مقنعة، كما أنه سوف لن يتمرد على رئيس الوزراء أو قصر الإيليزي، مثلما كان الحال مع برونو روتايو، الذي جاء إلى الحكومة في سبتمبر 2024، في سياق تحالفات حزبية معقدة، مبنية على مصالح وأجندات سياسية وانتخابية تحسبا للانتخابات الرئاسية المرتقبة في سنة 2007.

أما الخسائر التي تكبدها روتايو بخروجه من الحكومة، فقد تكون قاصمة له ولمستقبله السياسي، فالرجل خسر الحضور الرسمي في الواجهتين السياسية والإعلامية، وقد زاد من متاعبه، فشله الذريع في إدارة الأزمة مع الجزائر، لكونه غادر قصر “بوفو”، من دون أن يتمكن من ترحيل ولو جزائري واحد خارج إرادة الدولة الجزائرية، وهذا اعتراف فرنسي رسمي.

وقد انتقل هذا الفشل إلى حزبه “الجمهوريون”، الذي يعيش على وقع أزمة انقسام حادة بينه وبين سلفه، لوران فوكيي، بشأن التعاطي مع حكومة لوكورنو الثانية. فقد انضم 6 من إطارات الحزب إلى حكومة لوكورنو رغم قرار المقاطعة الذي أعلن عنه روتايو، في أخطر أزمة يعيشها “الجمهوريون” منذ وصول وزير الداخلية السابق إلى قيادته الربيع المنصرم.

المصدر: الشروق

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here