أفريقيا برس – الجزائر. خلف تعيين الدبلوماسي والسفير السويسري بالجزائر، سيرج بافو، على رأس مصلحة الاستعلامات في هذا البلد، جملة من الأسئلة سبق وأن تم طرحها في وقت سابق، بسبب تسجيل تكرار حالات من هذا القبيل، وخاصة بالنسبة لبعض الدبلوماسيين الفرنسيين الذين مروا على الجزائر وعملوا بها كسفراء أيضا.
وأقدمت السلطات السويسرية على تعيين سفيرها في الجزائر مسؤولا أول على جهاز الاستخبارات بالفدرالية السويسرية، وسيتولى منصبه الجديد في الفاتح نوفمبر المقبل. وقبل ذلك، كان سيرج بافو قد تقلد العديد من المناصب الحساسة في بلاده، حيث عمل مستشارا سياسيا لمديرية سياسة الأمن، كما شغل منصب نائب رئيس قسم الحد من الأسلحة ونزع السلاح، ونائبا لرئيس مركز إدارة الأزمات.
تعيين السفير السويسري في منصب حساس ببلاده، كان قد سبقته حالات مشابهة لسفيرين لبلد أوروبي في الجزائر، وهي فرنسا، التي قامت بترقية أثنين من دبلوماسييها الذين عملوا في الجزائر ليصبحا مسؤولين على رأس جهاز المخابرات الخارجية الفرنسي.
ويتعلق الأمر بكل من بيرنار باجولي الذي عمل سفيرا في الجزائر في الفترة الممتدة ما بين 2006 و2008، حيث تولى قيادة جهاز المخابرات الخارجية من سنة 2013 إلى 2017، ليخلفه بعد ذلك سفير آخر عمل بالجزائر في الفترة الممتدة ما بين 2013 و2017، قبل أن يصبح رئيسا للجهاز ذاته لمدة سبع سنوات، في الفترة الممتدة ما بين 2017 و2024، وهي المرحلة التي عاشت فيها الجزائر على وقع تطورات استثنائية.
هل الأمر مجرد مصادفة أن يصبح ثلاثة سفراء أوروبيين مروا على الجزائر مباشرة بعد انتهاء مهامهم كسفراء، ليصبحوا مسؤولين على أجهزة أمنية حساسة في بلدانهم، أم أن الأمر له علاقة بحسابات دقيقة ومعقدة، من بينها نجاح الدبلوماسي المكلف بتحقيق أهداف معينة سطرت له خلال أدائه مهمته الدبلوماسية.
وعادة ما يعتبر نقل مسؤول من منصب إلى منصب أعلى، مكافأة أو ترقية له على نجاحه في تأدية دور طلب منه، أو قيامه بعمل جلب لبلاده مصالح في البلد الذي كان يعمل به، ولاسيما إذا كان قد شغل منصب سفير في دولة تعتبر ذات أولوية بالنسبة لبلاده من الناحية الجيوسياسية والاقتصادية والثقافية..
وفي تعليقه على هذه الظاهرة، يرى الإطار الدبلوماسي مصطفى زغلاش، “أن خلفية الدبلوماسي ليس بالضرورة أن تكون نابعة من المهمة التي كلف بها، حيث يمكن أن يكون طبيبا أو أستاذا جامعيا أو خبيرا أمنيا، كما يمكن أن يكون خريجا لكبرى المعاهد المتخصصة في الدبلوماسية”.
أما تعيين سفير دولة كان يشتغل في دولة بعينها، على رأس جهاز أمني كبير بحجم جهاز المخابرات العامة أو الخارجية، فهذا أمر يمكن أن يحدث، يقول زغلاش، لأن التعيين في المناصب الحساسة تتحكم فيه العديد من الاعتبارات السياسية أو الاقتصادية، أوّلها مصالح الدولة، كما يمكن أن تحكم هذا التعيين أيضا العلاقات بين الأشخاص وهو عامل لا يقل أهمية، كما لا يستبعد أن يكون في هذا التعيين مصلحة لطرف ثالث.
وإن لم يجزم المتحدث بأن في مثل هذا التعيين خصوصية بعينها تحيل المتابع إلى تأويل محدد، إلا أنه أشار إلى أن تكرار تعيين دبلوماسيين عملوا كسفراء في الجزائر، في مناصب حساسة في بلدانهم، يدفع المتابعين ورجال الإعلام إلى التساؤل المشروع حول خلفية ذلك.
أما المقاربة التي لا يمكن إقصاؤها في البحث عن خلفيات هذه الظاهرة، فهي أن الجزائر، وبالنظر إلى العديد من الاعتبارات، تبقى دولة ليست كغيرها من البلدان الإفريقية، بحكم موقعها الاستراتيجي وثرواتها الغزيرة، تفرض على الدول الأخرى إيلاءها أهمية أكثر من غيرها في المنطقة، وهذا يتجلى من خلال تعيين دبلوماسيين كبار كسفراء بها.
المصدر: الشروق
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس