“مستقبل العلاقات الجزائرية الفرنسية مرهون بتصحيح باريس لأخطائها”

0
"مستقبل العلاقات الجزائرية الفرنسية مرهون بتصحيح باريس لأخطائها"

أفريقيا برس – الجزائر. أكد المحلل السياسي حكيم بوغرارة، أن مستقبل العلاقات الجزائرية الفرنسية مرهون بتصحيح فرنسا لأخطائها ومعالجة مشاكلها التاريخية مع الجزائر. معتبرا أنه في ظل وجود اليمين المتطرف في السلطة، سيكون من الصعب تحقيق تقارب حقيقي.

قال الدكتور حكيم بوغرارة إن مستقبل الأزمة بين الجزائر وفرنسا مفتوح على عدة زوايا وأبعاد، منها ما هو متعلق بالداخل الفرنسي، ومنها ما هو متعلق بالعلاقات الثنائية بين البلدين، بالإضافة إلى ما يرتبط بالتحولات الإقليمية.

وأضاف أن الأزمة وخلفياتها غير المعلنة ترتبط بشكل كبير بقرب إفلاس فرنسا ماليًا واقتصاديًا، وهو أحد الأسباب الرئيسية وراء هذه الأزمة.

وأوضح أن “الدوائر المظلمة في قصر الإليزيه التابع للجمهورية الخامسة الديغولية، والتي جاءت عبر انقلاب عسكري في ماي 1958، كانت تبني أمجاد فرنسا على موارد المستعمرات السابقة ومع انحسار تأثير ونفوذ باريس في شمال إفريقيا وإفريقيا وحتى في الشرق الأوسط، خسرت باريس أسواقًا وعائدات مالية سنوية تفوق 200 مليار يورو، وهذا ما جعل الدين الداخلي يرتفع بدرجات قياسية، حيث فاق 3300 مليار دولار، ليشكل 114% من الناتج المحلي الخام، مع تسجيل دين داخلي بلغ 1000 مليار دولار منذ وصول الرئيس ماكرون إلى الحكم في 2017”.

وتابع بوغرارة قائلا: “في ظل هذا الوضع لجأت دوائر الإليزيه إلى ورقة الحكم الذاتي في قضية الصحراء الغربية من أجل ضمان أسواق وصفقات مع المغرب في صيف 2024، وذلك في محاولة لإنقاذ الاقتصاد الفرنسي من الانهيار، وهذا ما دفع الجزائر إلى الردع الدبلوماسي، حيث قررت سحب سفيرها واتخاذ إجراءات تصعيدية”.

وأشار المحلل إلى أن الخطوة الفرنسية جاءت دون المرور على المؤسسات الفرنسية، وتم اعتبارها ضربا للشرعية الدولية فيما يخص القضية الصحراوية. وأضاف أن هذه الخطوة كانت مشابهة لتوجهات مدريد، التي انقلبت على موقفها التقليدي وأصبحت منحازة إلى الطروحات المغربية مقابل صفقات تجارية مع النظام المخزني.

وأوضح أن “الدافع المادي والاقتصادي وراء هذا التحول يعود إلى تأثر الدول الأوروبية بجائحة كورونا والأزمة الأوكرانية، وما نتج عنها من ارتفاع في التضخم وأسعار الطاقة ومحاولات لتغطية الخسائر الاقتصادية عبر تغيير مواقفها من الجزائر”.

وبيّن المحلل السياسي أن فرنسا تحاول التقليل من تأثيرها السلبي في قضية الصحراء الغربية، عن طريق الترويج لإمكانية الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وهو ما اعتبره محاولة لاستمالة الجزائر. ومع ذلك كشف بوغرارة أن مراوغاتها فضحت بعد أن أجّلت الاعتراف من جوان إلى سبتمبر 2025، في محاولة لتلميع صورتها، لكنه أشار إلى أن “هذه المناورات ليست قناعة حقيقية أو صحوة ضمير، بل هي خطة من اليمين واليمين المتطرف لكسب الوقت استعدادا للانتخابات الرئاسية في 2027، مع محاولات لالهاء الشعب الفرنسي بالملفات الخارجية”.

وتابع: “الخطاب المعادي للجزائر في فرنسا يعود بقوة بسبب سيطرة اليمين المتطرف على الوزارات السيادية مثل وزارة الخارجية والداخلية والعدل، هذا الخطاب يروّج لأفكار متطرفة ويزيد من تغذية كراهية الجزائر”.

وأضاف أن “وزير الداخلية الفرنسي، برونو روتايو، أصبح أداة سياسية تستخدمها الدولة العميقة في فرنسا لتسوية الأزمات الداخلية، بينما يتم استغلال الأزمات الخارجية مع الجزائر وقضايا مثل فلسطين وأوكرانيا، كوسيلة لتغطية إخفاقات الحكومة”.

الجزائر نجحت في التعامل مع الأزمة

فيما يخص الرد الجزائري، أكد بوغرارة أن الجزائر نجحت في التعامل مع هذه الأزمة عبر “الردع الدبلوماسي” ودبلوماسية التجاهل. مشيرًا إلى أن الجزائر تعكف على “علاج الأمراض النفسية” التي تظهرها دوائر اليمين المتطرف في فرنسا. وقال: “تسعى الجزائر إلى معالجة هذه العقد عبر ردود فعل حاسمة، حيث كان قرارها بتعليق اتفاق 2013 مع فرنسا بمثابة زلزال لباريس”.

وفي سياق آخر أشار إلى أن الدول الأوروبية الأخرى رفضت محاولات فرنسا لتشويه صورة الجزائر عبر تصنيفها كدولة راعية للإرهاب أو لتبييض الأموال. وقال: “زيارة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى إيطاليا، ودعوة الرئيس الألماني له لزيارة برلين، والتقارب الإسباني الجزائري، كلها عوامل جعلت فرنسا تخسر جبهة جديدة مع الجزائر”.

واختتم بوغرارة تصريحاته بالقول “إن مستقبل العلاقات الجزائرية الفرنسية مرهون بتصحيح فرنسا لأخطائها ومعالجة مشاكلها النفسية والتاريخية مع الجزائر في ظل وجود اليمين المتطرف في السلطة، سيكون من الصعب تحقيق تقارب حقيقي. قد تؤدي هذه الأوضاع إلى سيناريوهات متعددة، بما في ذلك حل الجمعية الوطنية الفرنسية وإجراء انتخابات مسبقة أو استقالة الحكومة الفرنسية بسبب الاحتقان الاجتماعي”.

وأضاف أن “محطة الأمم المتحدة في سبتمبر ستكون اختبارًا آخر لفرص التقارب بين البلدين، خصوصًا في ظل تجارب سابقة مثل إعادة بناء العلاقات بين الجزائر وإيران في عام 2000”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here