
أفريقيا برس – الجزائر. بقي حضور وزارة الاتصال طاغيا في مشروع قانون الإعلام الجديد بالجزائر، فهي الجهة المانحة لمختلف رخص النشاط الصحافي والمتحكمة فيه، بينما تشددت السلطات في منع ومعاقبة كل تمويل أجنبي لوسائل الإعلام الجزائرية، واستحدثت هيئات جديدة، مثل سلطة ضبط الصحافة المكتوبة التي يعود إليها السهر على ضمان الممارسة الحرة لنشاط الجرائد.
لم يخرج مشروع القانون العضوي للإعلام، الذي اطلعت عليه “القدس العربي”، في مقاربته العامة، عن دائرة المحاذير التي ظلت تؤكد عليها السلطة في السنوات الأخيرة، خاصة ما تعلق بالمساس بالدين الإسلامي والديانات الأخرى، ومكونات الهوية الوطنية، والسيادة والوحدة الوطنية ووحدة التراب الوطني، والأمن والدفاع الوطني، ورموز الدولة، والمصالح الاقتصادية للبلاد، وسرية التحقيق القضائي.
وأدرج النص شروطا للحصول على صفة الصحافي، أبرزها ضرورة حيازة المعني إما على شهادة للتعليم العالي لها علاقة مباشرة بمهنة الصحافي وخبرة مهنية لا تقل عن ثلاث سنوات في مجال الصحافة، أو شهادة في التعليم العالي في أي تخصص مع تلقي تكوين في الصحافة وخبرة مهنية لا تقل عن 5 سنوات في مجال الصحافة.
وينص القانون على إنشاء الصحف المكتوبة والمواقع الإلكترونية، بعد التصريح لدى وزير الاتصال. ويشترط التمتع بالجنسية الجزائرية حصراً بالنسبة لمالكي الصحف والمواقع. كما ينص على ضرورة أن تتوفّر في مدير النشر بالصحف المكتوبة حيازة شهادة جامعية، وخبرة لا تقل عن 15 سنة في ميدان الإعلام، وألّا يكون قد حكم عليه في قضايا فساد أو أفعال مخلّة بالشرف.
كما تضمن المشروع عدة مواد لضمان حقوق الصحافي، منها حمايته من كل أشكال العنف أو السب او الإهانة أو التهديد أثناء وبمناسبة أداء مهامه، بالإضافة إلى حمايته من التسريح التعسفي في حال تغير خط الوسيلة الإعلامية، إذ يخوّل له الحق في الاستفادة من التعويض المنصوص عليه في التشريع المعمول به، ومنحه الحق في الوصول للمعلومة، وهو إشكال ظل مطروحا في الجزائر على الرغم من تضمن القانون الحالي هذا الحق الذي يعد أساسيا في العمل الصحافي.
وبخصوص الضوابط المعتمدة، يلزم النص أي نشاط إعلامي سواء كان إنشاء خدمة اتصال سمعي بصري أو الإرسال الإذاعي المسموع أو التلفزي عبر الكابل أو عبر البث الأرضي أو عبر الأقمار الإصطناعية، الحصول أولا على رخصة مسبقة يسلمها الوزير المكلّف بالاتصال.
كما يجب الإثبات أمام الوزير المكلف بالاتصال أو السلطة الوطنية المستقلة للسمعي البصري حيازة رأس مال وطني خالص وتبيين مصدر الأموال المستثمرة وكذلك الأموال الضرورية لتسيير المشروع.
وألزمت المادة 12 من المشروع كل وسيلة إعلامية مستفيدة من دعم مادي مهما كانت طبيعته أن يكون لها ارتباط عضوي بالهيئات المانحة. ومنعت تحت طائلة العقوبات الجزائية المقررة قانونا، التمويل والدعم المادي المباشر وغير المباشر من أية جهة أجنبية.
ونص المشروع في هذا السياق، على المعاقبة بغرامة مالية قدرها 2 مليون دينار (14 ألف دولار) كل وسيلة إعلام تلقت بصفة مباشرة أو غير مباشرة دعما ماديا مهما كانت طبيعته دون أن يكون لها ارتباط عضوي بالهيئة المانحة واستفادت من تمويل وإعانات من جنسية أجنبية.
وفي جانب العقوبات عموما، تنص المادة 46 من القانون على معاقبة بغرامة مالية قد تصل إلى 500 ألف دينار جزائري (3500 دولار) كل من نشر أو بث عبر وسيلة إعلام كل معلومة او وثيقة تمس بسرية التحقيق الابتدائي والقضائي أو فحوى المناقشات القضائية التي تصدر الحكم إذا كانت جلساتها سرية أو تقرير عن المرافعات تمس بالحياة الخاصة للأشخاص.
كما يعاقب بغرامة مالية قد تصل إلى 500 ألف دينار على كل إهانة صادرة عن وسيلة إعلام بحق رؤساء الدول الأجنبية وأعضاء الهيئات الدبلوماسية والقضاة المعتمدين لدى الجزائر. كما يعاقب بغرامة قد تصل لمليون دينار (7000 دولار) كل شخص يعمل لوسيلة إعلام أجنبية دون اعتماد.
ومن الطبيعي أن كل العقوبات الواردة في مشروع القانون لا تتضمن السجن بالنظر لأن الدستور نص على عدم تطبيق العقوبة السالبة للحرية على الصحافي في مجال عمله. لكن الإشكال الذي ظل يطرحه الصحافيون، أن الصحافي عادة ما يحاكم بقانون العقوبات باستخدام تهم أخرى تعرضه للسجن، وهو ما حدث مع صحافيين توبعوا بتهمة المساس بالوحدة الوطنية أو الإضرار بالمصلحة الوطنية.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس