أفريقيا برس – الجزائر. كشفت تصريحات صادرة عن وزير الداخلية الفرنسي، لوران نونييز، عن تغير في موقفه من معالجة الأزمة السياسية والدبلوماسية المتفاقمة مع الجزائر، فبعد ما كان يركز منذ وصوله إلى قصر “بوفو” قبل نحو شهرين، على تغليب مبدأ الهدوء في الحوار على خيار التصعيد، بات يتبني خطابا جديدا ينزع نحو التصعيد بشكل يقترب من مواقف سلفه برونو روتايو.
وفي حوار خص به صحيفة “لوجورنال دو ديمانش” الفرنسية الصادرة الأحد، تحدث لوران نونياز، عن وجود مفاوضات مع الجزائر، مستعملا كلمة عادة ما تقابل برد مماثل من قبل السلطات الجزائرية بسبب معناها الذي يشير إلى التعالي، وقال في رده على سؤال للصحيفة: “هل ترون أن الحوار يجب أن يكون له الأولوية على اتخاذ موقف حازم؟”، فأجاب: “يمكننا أن نكون حازمين في حوارنا.. وأؤكد أننا نجري مناقشات جادة مع السلطات الجزائرية”.
وزعم المسؤول الفرنسي أن السلطات الجزائرية لم تتجاوب بعد مع نظيرتها الفرنسية بشأن قضية الأشخاص الذين ترغب باريس في ترحيلهم، وأوضح: “ليس بعد.. نحن نواصل النقاشات حول مسائل تقنية وإجرائية، مع طموح أن تتم استعادة تدفقات الترحيل بوتيرة جيدة وأن تكون مستدامة مع مرور الوقت”. وأضاف: “لا يتعلق الأمر بالقيام بعملية ظرفية لعدد قليل من الحالات، بل بالعودة إلى وضع طبيعي”.
وكما هو واضح، فالمسؤول الفرنسي يتحدث عن ترحيل الجزائريين الذين صدرت بحقهم قرارات بمغادرة التراب الفرنسي، ويصر على تجاوب الطرف الجزائري معها، في حين يصر على تجاهل المطالب الجزائرية التي تؤكد على احترام إجراءات الترحيل، والتي تتم ضمن ترتيبات قنصلية صارمة، وهو ما حاول وزير الداخلية السابق، برونو روتايو، القفز عليه في بعض الحالات، الأمر الذي تطلب تصديا جزائريا برفض التعاون.
من جهة أخرى، فجّر وزير الداخلية الفرنسي مفاجأة بإفصاحه عن شروع الجانب الفرنسي في مراجعة اتفاقية 1968 المتعلقة بالهجرة، من جانب واحد، في تطور غير مسبوق يكشف مستوى التأزم الذي وصلت إليه العلاقات الثنائية، والتي ميزها غياب التمثيل الدبلوماسي في مستوى السفراء، منذ مغادرة السفير الفرنسي، ستيفان روماتي، سفارة بلاده في الجزائر مكرها في أفريل المنصرم في أعقاب طرد الجزائر 12 إطارا قنصليا فرنسيا في إطار مبدأ المعاملة بالمثل.
وقال لوران نونياز في هذا الصدد: “نعمل بالتوازي على مراجعة اتفاقيات سنة 1968، وفقا لتعليمات رئيس الجمهورية (الفرنسية) ورئيس الوزراء (الفرنسي). والفكرة هي التوصل إلى مواقف مشتركة حول جميع هذه القضايا”، علما أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، كان قد رفض في أكثر من مرة مطالب صادرة عن كل من برونو روتايو عندما كان وزيرا للداخلية، وكذا رئيس الوزراء السابق، فرانسوا بايرو.
وأبان المسؤول الفرنسي عن لهجة غير معهودة من قبله في التعاطي مع أزمة العلاقات الثنائية، موظفا عبارات ستزيد من دون شك، في تعقيد الوضع المأزوم أصلا، عندما قال: “يجب على الطرف الجزائري أن يقبل بالشروط التي نطرحها، فذلك بالنسبة لنا مسألة تتعلق بالأمن. والصرامة لا تتعارض مع الاحترام المتبادل”، وأشار إلى أن هذا الملف “سيحسم خلال الأسابيع المقبلة”، على حد قوله.
وكشفت التصريحات الأخيرة للوزير الفرنسي عن تغير واضح في لهجته تجاه الجزائر، مقارنة بالتصريحات التي أعقبت تكليفه بحقيبة وزارة الداخلية والتي نأى من خلالها بنفسه عن سياسة سلفه برونو روتايو تجاه الجزائر، وهي التصريحات التي تزامنت وإعلانه عن زيارة له إلى الجزائر، غير أن الأسابيع مرت ولكن من دون أن تتحقق تلك الزيارة.
ولم يشر لوران نونياز إلى تلك الزيارة، وهو ما يطرح أكثر من سؤال حول مصيرها، حيث كانت الأمينة العامة لوزارة الخارجية الفرنسية، آن ماري ديسكو، أن زارت الجزائر في نهاية نوفمبر المنصرم، ولكن من دون أن يتم تسريب أي معلومات حول نتائج تلك الزيارة، فيما رجح مراقبون فشل المسؤولة الفرنسية في تحقيق الأهداف التي جاءت من أجلها والتي من بينها تهيئة الأجواء لزيارة لوران نونياز إلى الجزائر.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس





