هيئة الدفاع: رسالة كيدية فجرت قضية الوزير بوضياف

3
هيئة الدفاع: رسالة كيدية فجرت قضية الوزير بوضياف
هيئة الدفاع: رسالة كيدية فجرت قضية الوزير بوضياف


نوارة باشوش

أفريقيا برس – الجزائر. أسدل الفرع الثاني للقطب الجزائي الاقتصادي والمالي بسيدي أمحمد، ليلة الأربعاء، الستار على محاكمة الوزير الأسبق للصحة، عبد المالك بوضياف وعائلته والمدير العام بالنيابة السابق للصيدلية المركزية للمستشفيات ومن معهم، المتابعين في ملف فساد، بالتماس الجميع من هيئة المحكمة إسقاط التهم الموجهة إليهم والإقرار ببراءتهم ورد الاعتبار لهم، في حين حدد رئيس الجلسة تاريخ 4 أفريل الداخل للنطق بالأحكام.

بعد أن أعلن القاضي، غلق باب المرافعات ووفقا للقانون، نادى على المتهمين تباعا للإدلاء بكلمتهم الأخيرة قبل إدخال القضية في المداولة، حيث كان أول من أعطيت له الكلمة الأخيرة هو الوزير الأسبق للصحة عبد المالك بوضياف الذي بدا مرهقا وعلامات التعب والقلق بادية على وجهه، قبل أن يخاطب هيئة المحكمة قائلا : “سيدي الرئيس أقسم بالله العلي العظيم أنا بريء وأنكر التهم الموجه لي بشدة.. تعبت نفسيا وجسديا وربي عالم، أعطيت كل ما أملك لهذا الوطن والتاريخ سينصفني بأنني أول وزير منذ الاستقلال خفّض فاتورة استيراد الدواء من 6.2 مليار دولار إلى 2.2 مليار دولار، وما تعرضت له لا يعلمه إلى رب العرش العظيم، لأجد نفسي اليوم متابعا بالفساد، فأنا لست بخائن ولا فاسد وأثق في عدالتكم سيدي القاضي”.

وبدوره، اختصر المدير العام السابق بالنيابة للصيدلية المركزية للمستشفيات، “ع.أ” كلمته الأخيرة بالقول: “سيدي الرئيس ربي يشهد أنني عملت بإخلاص. وحققت أرباحا مذهلة للصيدلية المركزية، وحاولوا بكل الطرق إيقاعي لكن ثقتي بك سيدي القاضي تامة فأنا مظلوم”.

وعلى نفس النهج سار جميع المتهمين، الذين طالبوا جميعهم بالبراءة وإسقاط التهم الموجه إليهم، مؤكدين أنهم عانوا لشهور عدة بسبب هذه القضية.

وأجمعت هيئة الدفاع عن الوزير الأسبق للصحة والسكان وإصلاح المستشفيات عبد المالك بوضياف وعائلته على أن موكليهم راحوا ضحية رسالة “كيدية” تضمنت ما وصفوها “خزعبلات” لا أساس لها من الصحة.

واستهل المحامي عادل بوزيدي مرافعته بالقول: “منطلق قضية الحال كانت من رسالة مجهولة، بالرغم من أن تعليمة رئيس الجمهورية واضحة خلال لقاءه مع إطارات الدولة، صرح أنه يمنع منعا باتا متابعة المسؤولين بناء على رسائل مجهولة، لأن القاضي الأول للبلاد رأى أن هذه الرسائل تؤثر على السير الحسن للدولة”.

وتابع بوزيدي: “الرسالة المجهولة تضمنت وقائع على أساس أن عبد المالك بوضياف وأبنائه وزوجته لديهم شركات تنشط في مجال الأدوية، وشكوى أخرى من طرف المدعو “ك.م” (شاهد في القضية) والذي كان يشتغل عند “ج.ع” صاحب شركة لاد فارما، ولحسابات شخصية اشتكى بهذا الأخير على أساس أن لديه شركات مع ابن وزير الصحة عبد المالك بوضياف دون أن يقدم أي دليل مادي، فهي مجرد تصريحات”.

وواصل الدفاع مرافعته: “موكلي تم اتهامه على أساس إمضائه على قرارات إدارية ومنح أرض للمرقي العقاري “ن.س”، عندما كان واليا لولايتي قسنطينة ووهران، لكن سيدي الرئيس القانون واضح في هذا السياق فقرارات منح الاستفادة كانت من طرف لجنة “الكالبيراف”، والوالي يمضي على هذه القرارات، وهي نفس الوقائع التي وقعت في ملف المدير العام السابق للأمن الوطني هامل، أين استفدنا من البراءة التامة، لأن القانون واضح سيدي الرئيس”.

وانتقل المحامي بوزيدي إلى الأعباء التي جاءت في الأمر بالإحالة، والتي اعتبرها بنسخ ولصق لجميع التهم الموجه لموكله بوضياف وعائلته قائلا: “قضية أن موكلي استغل وظيفته، لتمكين أبنائه من الاستفادة من مشاريع، لكن كل شيء واضح وثابت، لأن ابنته تخرجت في 2005، أي قبل أن يتولى منصب وزير الصحة، كما أن الشراكة التي كانت بين ابن موكلي وابن المرقي العقاري كانت صدفة فهما تعرفا في الخارج، أثناء مزاولتهما لدراستهما في بريطانيا”.

أما فيما يخص قضية المسرعات الخطية والملاحق المتعلقة بتجهيز مراكز مكافحة السرطان، قال الدفاع: “عبد المالك بوضياف بصفته وزيرا لم يقم بمنح الصفقة للشركتين الأمريكية والسويدية، بل من قرر منحها هي اللجنة التقنية القطاعية وهي من لها صلاحية المصادقة على دفتر الشروط ومنح الصفقة، فموكلي لم يتدخل بتاتا في عمل هذه اللجنة ولا يدخل ذلك ضمن صلاحياته”.

وردا على الخسارة التي ذكرها وكيل الجمهورية خلال مرافعته، أوضح بوزيدي: أن لجنة الصفقات من خلال تصريحات رئيس اللجنة تبين ضرورة الإسراع في تجسيد مراكز السرطان وعلى هذا الأساس تم قبول تموين الملحقات من طرف الشركتين، وأن هذا الإجراء هو إجراء تقني بحت لا دخل لوزير الصحة بوضياف فيه.

واستغرب الدفاع التماسات النيابة التي طالبت بأقصى عقوبة في حق عبد المالك بوضياف وقال: “هذا كثير سيدي الرئيس، لقد أفنى عمره في خدمة الوطن فهل هذا هو جزاء سنمار”

أما فيما يتعلق بزوجة الوزير السابق للصحة، قال المحامي: “النيابة عابت عليها أنها لم تقدم مبررات عن مصادر أموالها، لكننا نرد عليها ونشدد على أننا قدمنا جميع الأدلة والقرائن وإشهادات أمام قاضي التحقيق عن مصدر جميع أموالها، على شاكلة عقد الإيجار المتعلق بالشقة والتي تم استئجارها بمبلغ 35 مليون سنتيم، إضافة إلى معاشها، كما قدمت أيضا كل الوثائق التي تثبت العائدات التي امتلكتها عن طريق الإرث بعد وفاة والدها”.

وحسب الدفاع، “عكس الاتهامات الموجهة لها على أنها تملك شركات تنشط في مجال الدواء، تبين من خلال التحقيق القضائي أو الابتدائي والشهادة الممنوحة لها من طرف مركز السجل التجاري، أنها لا تملك أي شركة ولم تكن شريكة في أي شركة تجارية، زد على ذلك فإن موكلتي صرحت أمام الضرائب بجميع معاملاتها، مما يعنى أن أموالها كلها مشروعة، بل أن كل الإنابات القضائية كانت سلبية وأسفرت عن عدم حيازة موكلتي للأملاك والعقارات والحسابات البنكية خارج الوطن”.

وعلى هذا الأساس، يقول الدفاع إن موكلته: “بعيدة كل البعد عن التهم الموجهة إليها وعليه نلتمس البراءة لها مع رفع الحجز عن العقارات التي تم حجزها من طرف قاضي التحقيق”.

وبخصوص نجل بوضياف، أكد المحامي بوزيدي: “أنه كان ينشط في مجال المكملات الغذائية عن طريق شركتين، وأن هاتين الشركتين لم تجنيا أرباحا عن نشاطهما، وهذا ثابت من خلال التصريح الضريبي وما توصل اليه التحقيق الابتدائي والقضائي وأنه لم يستغل سلطة والده ولم يتلق أي امتيازات من أجل دعم شركاته”.

اما فيما يتعلق بشريكه “ج.ع”، يقول الدفاع أنه “تعرف عليه من خلال دراستهما بانجلترا، وهناك تم طرح هذه الفكرة من أجل الاستثمار في الجزائر وبعد دخولهما الى الجزائر تم تجسيد الفكرة بطريقة قانونية وأنه تنازل عن حصصه في هذه الشركة بعد خلاف حول طريقة التسيير في الشركة بينهما، أما “ن.س” فهو والد صديق نجل بوضياف المدعو “ن.ي” الذي درس معه أيضا بانجلترا أين اقترح عليه تجسيد مشروع شراكة وأن سبب الشراكة هو التجربة التي يمتلكها، مشيرا إلى أن المشروع لم يتلق أي امتياز أو دعم من المتهم بوضياف عبد المالك والدليل على ذلك أن المشروع مازال لحد الآن في طور الإنجاز، بسبب وجود صعوبات لتجسيده .

وبالنسبة لابنة بوضياف، قال المحامي بوزيدي: “تحصلت على اعتماد الصيدلية في سنة 2009، وتم تعيين محل ممارسة نشاطها بمنطقة القرية بزرالدة، وهذا الحي معروف بالآفات الاجتماعية المنتشرة فيه وكان غير مطلوب من طرف الصيدليين الآخرين، وقدمت موكلتي كل مبررات عائداتها المالية بأنها كانت بطريقة مشروعة، وأن والدها لم يتدخل في استفادتها من قطعتين أرضيتين عن طريق لجنة “كالبيراف”، بعد ما استوفى ملفها جميع الشروط القانونية اللازمة”.

موكلي جعل من الصيدلية المركزية منبرا للنشاط الاقتصادي

ومن جانبه، رافع المحامي مراد خادر، المتأسس في حق المدير العام بالنيابة السابق للصيدلية المركزية للمستشفيات من أجل براءة موكله، مستعملا ما سماها أدلة وقرائن من شأنها أن تسقط عنه التهم.

واستهل خادر مرافعته بالقول: “موكلي تم إيداعه في نهاية التحقيق، أي قبل 20 يوما فقط من إحالة الملف على محكمة الحال، مما لم يسمح لنا بالدفاع عنه أمام قاضي التحقيق لكشف الحقيقة وإزالة اللبس والغموض في الوقائع المتابع فيها موكلي، وخاصة عند استقراء أمر الإحالة نجد أنه اعتمد على تقرير داخلي تم تقديمه من قبل ممثل الصيدلية المركزية للمستشفيات، بدون التحقق من صحته ومنها كان الأجدر تعيين خبرة مستقلة لتوضيح الأمور، ولهذا لا يمكن أن نكون قاضيا وطرفا في نفس الوقت طالما أن هذا الأخير تأسس طرفا مدنيا”.

وأثار الدفاع صفة “الموظف العمومي” التي أطلقت على موكله، مؤكدا أنه من الناحية القانونية فهو ليس موظفا عموميا بمفهوم المادة 2 من قانون 06/ 01 بحكم أنه يعمل مديرا بالنيابة بمؤسسة عمومية ذات طابع تجاري وصناعي.

وبالمقابل، تساءل خادر عن أي مزية غير مستحقة منحها موكله لأي كان، قائلا: “بالرجوع إلى أوراق الملف نجد أن أمر الإحالة يجعل من توظيف مواطن ولو كان من أقارب المدير مزية غير مستحقة، بالرغم من أنه اتبع جميع الإجراءات القانونية للتوظيف ومنها الاتصال بالوكالة الوطنية للتشغيل، ولهذا أين نضع المادة 66 من الدستور 2020 التي تنص بصورة واضحة على أن العمل حق وواجب، وإذا سلمنا أن منح العمل أو الوظيفة مزية غير مستحقة فإنه لا بد من إلغاء المادة 66 التي تبقى مقدسة وتعلو القانون وتعلو أي تفسير ضيق لهذه المادة”.

وفي الشق المتعلق بصفقة شراء السيارات من “سوفاك”، قال المحامي: “إنه كان يتعين على قاضي التحقيق أو ممثل الحق العام أن يستدعي مدير الموارد اللوجيستكية لتوضيح الأمور، بحكم أن العملية كانت تحت إشرافه”.

وحسبه: الصيدلية المركزية، تحصلت من مجلس الإدارة على الموافقة لشراء السيارات ومنحت 43 مليون دينار جزائري لذلك، وللحفاظ على الأموال العمومية تم بيع الحظيرة القديمة للسيارات بـ10 ملايين دينار، وإضافتها إلى ما تم تخصيصه للصفقة، ومن ثم تم شراء السيارات النفعية والسياحية من شركة “سوفاك” التي كانت تلبي حاجيات ومتطلبات المؤسسة مع شرائها حافلتين من نوع “مرسيدس” بـ9 ملايين دينار جزائري للحافلة الواحدة”.

واختتم خادر مرافعته بالتذكير بالمسار المهني لموكله، حينما قال: “موكلي كان يدير مليار دولار سنويا ولم يتم متابعته ولو بتهمة واحدة من نوع الرشوة أو الاختلاس أو التبديد.. مقابل ذلك لا بد للرأي العام أن يعلم أن عائلة موكلي تحوز على سيارة واحدة فقط.. وتم جر العديد من أفرادها في قضية الحال، فموكلي اليوم أمام عدالتكم، فأنا لا أمدحه، لكن مساره المهني يتحدث عنه، نعم هذا المدير الذي جعل الصيدلية المركزية منبرا ووعاء للنشاط الاقتصادي الوطني.. وعليه نلتمس من هيأتكم الموقرة تبرئة ساحة موكلي من جميع التهم ورد الاعتبار له ولعائلته”.

شباب لا تتجاوز أعمارهم 22 سنة عالقون في ملف فساد

وعلى درب زميله، سار المحامي مختار بن زين المتأسس في حق أفراد عائلة المدير العام بالنيابة السابق للصيدلية المركزية للمستشفيات، وقال: “هناك شباب تخرجوا من الجامعات ومختلف المعاهد يحلمون بوظيفة وتحصلوا عليها عبر قنوات رسمية، يجدون أنفسهم متابعين أمام ماذا؟ أمام محكمة القطب الاقتصادي والمالي في ملف فساد ويواجهون عقوبات تضمنها قانون مكافحة الفساد تتراوح بين 2 و10 سنوات حبسا نافذا”.

وتساءل: “هل هؤلاء الشباب لا يحملون جنسية جزائرية. هل جاءوا من بلاد أخرى.. لا سيدي الرئيس، فهم جزائريون أبا عن جد والدستور واضح وضوح الشمس، فالمادة 66 منه تضمن حق العمل للمواطن، شئنا أم أبينا وعلى هذا الأساس نطلب من هيئة المحكمة أن تبرئ ساحة هؤلاء الشبان الذين لا تتجاوز أعمارهم 22 سنة، ويطمحون لمستقبل أفضل في كنف الجزائر الجديدة”.

موكلي ترشح لجائزة نوبل

وبدورها ركزت هيئة الدفاع عن كل متهم في ملف الحال، على الرد والتفصيل في الأعباء التي تقع على موكليهم، وأجمعوا على أن الملف بدأ برسالة مجهولة ضد وزير الصحة ورجل أعمال ينشط في مجال الأدوية “ليتحول الملف إلى سيول جارفة حملت كل من كان في طريقها من شباب وإطارات وأعوان”.

وفي هذا السياق، شدد المحامي عثامنية المتأسس في حق المرقي العقاري “ن.س”، على أن: “المسؤولية الجزائية تقوم على القانون وليس على الأقوال. موكلي ترشح لجائزة نوبل وهذا يكفي..؟ فهو بدأ مساره المهني منذ سنة 1994 واليوم مدين للدولة بأزيد من 400 مليار سنتيم، كما استفاد الآلاف من الفقراء من السكنات الاجتماعية بسببه.. هذا هو المرقي العقاري”.

وتابع عثامنية: “موكلي استفاد من كل قطعة أرضية بموجب محضر لجنة (الكالبيراف)، وليس بموجب قرارات الوالي عبد المالك بوضياف.. سيدي الرئيس في ملف الحال هناك تسمية في الجرائم وليس في الأركان.. “.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here