محمد مسلم
أفريقيا برس – الجزائر. ثاني تصريح تأكيدي من وزير فرنسي عن رغبة بلاده في تمويل مشاريع للنظام المغربي في الصحراء الغربية المحتلة، يؤشر على أن السلطات الفرنسية ماضية في استفزاز الجزائر، من منطلق حساسية القضية الصحراوية، التي لا تزال بين أيدي الأمم المتحدة.
وخلال زيارته للمملكة المغربية نهاية الأسبوع (الجمعة)، قال وزير الاقتصاد الفرنسي، برونو لومير: “إن الاختيار الذي تم اتخاذه واضح للغاية: وهو المشاركة في تمويل خط نقل الطاقة الخالية من الكربون بين الداخلة والدار البيضاء. لقد أكدت على جاهزيتنا”، وأضاف أمام منتدى الأعمال المغربي الفرنسي: “أعتقد أن الوقت قد حان لجعل التعاون في مجال الطاقة العمود الفقري لإعادة إطلاق علاقاتنا الفرنسية المغربية من الناحية الاقتصادية”.
كلام الوزير الفرنسي أوردته وسائل إعلام فرنسية، على غرار إذاعة فرنسا الدولية “فرانس انتر” نقلا عن مراسلتها في المملكة العلوية، كما أن هناك فيديو للمسؤول الفرنسي موجود على منصة التواصل الاجتماعي “يوتيوب”، يوثق كلامه بهذا الخصوص، والذي سبقه إليه مسؤول آخر.
ومطلع شهر أفريل الجاري، زار فرانك ريستر، وهو وزير التجارة الخارجية، المملكة المغربية، ومن عاصمتها الرباط صرح قائلا: “لقد تم الرفع الجزئي للحظر الذي يحيط بالمشاركة المالية لفرنسا في المشاريع المغربية في الصحراء الغربية”. وأشار الوزير الفرنسي إلى أن الوكالة الفرنسية للتنمية، عبر شركتها التابعة المخصصة للقطاع الخاص “بروباركو”، يمكنها تمويل مشروع خط الضغط العالي الذي سيصل بين مدينتي الدار البيضاء ومدينة الداخلة الصحراوية المحتلة.
وتعتبر مساهمة الوكالة الفرنسية للتنمية في تمويل مشروع استثماري مغربي على الأراضي الصحراوية المحتلة، الأولى من نوعها، وفق ما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية (فرانس براس) نقلا عن مصدر دبلوماسي قوله إن “هذه هي المرة الأولى التي تتمكن فيها شركة “بروباركو” من تقديم التمويل في هذه المنطقة (المحتلة)”، ما يعني وجود تغير جوهري في الموقف الفرنسي من القضية الصحراوية، وإن حاول المصدر الدبلوماسي ذاته التأكيد على عدم وجود تغير في الموقف من هذه القضية.
وقبل نحو شهرين من الآن، زار وزير الشؤون الخارجية الفرنسي، ستيفان سيجورني، المملكة العلوية بتوجيه من الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، ومن الرباط تحدث عن “دعم فرنسا الواضح والمستمر” لمخطط الحكم الذاتي الذي اقترحه النظام المغربي في العام 2007، لكنه حاول التقليل من ثقل هذا الكلام على العلاقات الثنائية مع الجزائر، من خلال التأكيد على التزام بلاده بقرارات ولوائح مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ذات الصلة.
وإن كان دعم السلطات الفرنسية للسياسة التوسعية للنظام المغربي في الصحراء الغربية المحتلة، لا يعتبر وليد زيارات المسؤولين الفرنسيين الأخيرة إلى الرباط، إلا أنها تشكل سابقة في عهد الرئيس الحالي، إيمانويل ماكرون، الذي انتهج منذ وصوله إلى سدة الرئاسة في قصر الإيليزي في العام 2017، سياسة تنزع إلى التوازن في علاقات بلاده مع الجارين اللدودين، الجزائر والنظام المغربي، ما يعني أن المواقف التي عبر عنها الوزراء الفرنسيون الذين زاروا الرباط خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، تشكل تحوّلا لافتا في مواقف إدارة ماكرون إزاء القضية الصحراوية.
وتدرك السلطات الفرنسية حساسية القضية الصحراوية بالنسبة لنظيرتها الجزائرية، التي تنظر إليها على أنها امتدادا للأمن القومي للبلاد، الأمر الذي من شأنه أن يلقي بظلالها على العلاقات الثنائية، التي عانت ولا تزال من أزمات كثيرا ما تسببت في تسميم هذه العلاقات، لاسيما وأن أجندة هذه العلاقات تتضمن زيارة مرتقبة للرئيس عبد المجيد تبون إلى فرنسا في خريف العام الجاري، فضلا عن وجود تسريبات عن زيارة لوزير الخارجية الفرنسي، ستيفان سيجورني، إلى الجزائر قريبا.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس