هذه أهم التعديلات في قانون التربية الجديد

هذه أهم التعديلات في قانون التربية الجديد
هذه أهم التعديلات في قانون التربية الجديد

أفريقيا برس – الجزائر. أفرجت وزارة التربية الوطنية، عن مسودة التعديلات المدرجة ضمن القانون الأساسي الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية، وذلك عقب جلسة عرض، جمعت الوزير محمد الصغير سعداوي، بالنقابات، الخميس الفائت، وهي المستجدات التي تأتي بعد سلسلة احتجاجات عرفها القطاع، في أعقاب الإفراج عن المرسوم التنفيذي رقم 25-54 المؤرخ في 21 جانفي 2025، المتضمن القانون الأساسي الخاص بالموظفين المنتمين للأسلاك الخاصة بالتربية الوطنية.

ولم تأت المسودة فارغة، بل حملت في طياتها مجموعة مكاسب وإيجابيات لبعض الرتب والأسلاك، وعملت بذلك على إعادة النظر في العديد من الرتب والتسميات، خاصة ما تعلق بإرجاع التسميتين القديمتين وهما “أستاذ رئيس” و”أستاذ مكون”، وحذف التسميتين الجديدتين “أستاذ قسم أول” و”أستاذ قسم ثان”، إضافة إلى إعادة إدماج رتب موظفي المصالح الاقتصادية ضمن “هيكلة” القانون الأساسي، وابتكار رتبة جديدة في سلك التفتيش وهي “مفتش رئيس” فضلا عن الإقرار بحذف أخطاء من الدرجة الرابعة، وكذا تعميم الاستفادة من المناصب المكيفة لجميع الموظفين، والاتفاق على تعميم عطلة التحرك المهني.

وإلى ذلك، فقد أقر سعداوي التعديل في “تعديلات” القانون الأساسي الجديد، بفتح النقاش حول “التحسينات” المعلن عنها، بغرض التفاوض حولها مجددا مع التنظيمات النقابية، من دون غلق أبواب الحوار والتشاور، خاصة وأن المسودة كانت موضع انتقاد واعتراض من قبل النقابات، بسبب أنها لم تكن في مستوى تطلعات الموظفين والأساتذة، نتيجة عدم الأخذ بمقترحاتها المقدمة في وقت سابق، رغم تسجيل توافق كبير حولها.

العودة إلى التسميات القديمة.. أستاذ رئيسي ومكوّن

ومن هذا المنطلق، فقد استعرضت الوزارة الوصية هذه المستجدات في أربعة محاور أساسية، الأول تضمن الترقيات، الأقدمية، تثمين الخبرة المهنية وإصلاح الرتب، حيث يشهد هذا المحور تعديلات جذرية، استجابة لمطالب طال أمدها، واعترافاً بالمسارات المهنية الطويلة للموظفين في مختلف الأسلاك، من أبرزها العودة إلى التسميتين القديمتين الأصليتين وهما “أستاذ رئيس” و”أستاذ مكون” بدل التسميتين الجديدتين “قسم 1” و”قسم 2′′، وذلك بعد سنوات من الجدل حول تقسيم الأساتذة إلى أرقام.

ورحبت بهذه الخطوة نقابات الأساتذة، كونها ساهمت في استرجاع الهوية المهنية الحقيقية لرتب التعليم، وأنهت اللبس الذي خلّفه نظام الأرقام “قسم أول” و”قسم ثان”، والذي اعتبر في كثير من الأحيان تصنيفا غير عادل على الإطلاق.

وإلى جانب ذلك، فقد حققت التعديلات مكاسب وإيجابيات أخرى، تمثلت في توسيع مسار الترقية وفق خبرة وقاعدة 15 سنة خدمة فعلية، وعليه فإن الأستاذ الرئيس يرقى إلى أستاذ مكون بعد 15 سنة، في حين يرقى الأستاذ المكون إلى أستاذ مميز بعد مرور نفس المدة، ويهدف هذا الإجراء إلى فتح آفاق مهنية واسعة، ويعمل على تثمين سنوات الخدمة الطويلة.

وبالإضافة إلى ذلك، فقد أقرت مسودة التعديلات الجديدة تخفيض شرط الأقدمية في ولايات الجنوب والجنوب الكبير، حيث تم تخفيض شرط الترقية إلى 10 سنوات فعلية فقط، وهي الخطوة التي تعد داعمة للموظفين ويرى فيها كثيرون حلاً لمشكل عدم الاستقرار وجذب الكفاءات إلى هذه المناطق.

نحو القضاء على التعيينات المؤقتة لتجسيد الاستقرار الوظيفي

أما بخصوص المحور الثاني والمتضمن المناصب والتعيينات ونهاية التعيين المؤقت وتعميم المناصب المكيفة، فقد أكدت المستجدات المرتقبة أن الوزارة تتجه نحو قدر أكبر من الاستقرار الوظيفي، من خلال إلغاء التعيين المؤقت نهائياً، لأنه كان يشكل أحد أكبر مصادر القلق والإجحاف، والتي سيتم تعويضها بتعيينات نهائية، تضمن الشرعية والاستقرار المهني.

تعميم الاستفادة من المناصب المكيفة

علاوة على ذلك، فقد تحدثت المسودة عن مسألة تعميم الاستفادة من المناصب المكيفة، حيث لم يعد هذا الامتياز حكراً على أسلاك معينة، بل سيستفيد منه جميع الموظفين، خصوصا أولئك الذين يعانون من ظروف صحية أو اجتماعية قاهرة، ما يجعل القطاع أكثر إنسانية وانفتاحا.

وفي مقابل ذلك، فقد تقرر عدم إجبارية الحركة للموظفين الجدد، وبالتالي، فإنه بعد سنتين من التوظيف سيكون بإمكان الموظف الجديد التقدم بطلب المشاركة في التنقلات السنوية، من دون أن يكون ذلك إلزاميا، الأمر الذي سيمنح هامشاً أكبر للاختيار والاستقرار الأسري.

استعادة الانضباط بالمدارس وحذف أخطاء من الدرجة الرابعة

وبالنسبة، للمحور الثالث والذي سلط الضوء على الانضباط والحياة المدرسية و كريس العلاقة التربوية وحماية التلميذ، فهو يهدف إلى استعادة الانضباط داخل المؤسسات التربوية من دون التضييق على الموظفين، من خلال تعزيز سلطات ضبط سلوك التلاميذ، خاصة وأن الوصاية قد منحت صلاحيات أكبر للأساتذة ومستشاري التربية والإداريين لضبط السلوكيات المنحرفة داخل الوسط المدرسي، مع وضع ضوابط واضحة تحمي التلميذ من دون المساس بسلطة المؤطر.

فضلا عن ذلك، فقد تقرر ضمن التعديلات مراجعة العقوبات المهنية، حيث سيتم حذف بعض الأخطاء من الدرجة الرابعة، خاصة تلك المرتبطة بالعنف اللفظي غير المؤثر، بما يسمح بتخفيف الضغط على الموظف وتقدير السياق الذي توجد فيه الحادثة، وهو الإجراء الذي يعكس نظرة أكثر واقعية للبيئة المدرسية وتحدياتها اليومية.

إعادة إدماج المقتصدين ضمن هيكلة قانون التربية

أما المحور الرابع، والخاص بفئة المديرين والمفتشين والمصالح الاقتصادية والإصلاحات المدرسة في التسميات والمهام، فقد شهد “تعديلات بنيوية”، تشمل الرتب الإدارية والتفتيشية، إضافة إلى المصالح الاقتصادية التي تم اقصاؤها في القانون السابق.

ولذلك فقد تقرر إعادة إدماج رتب المقتصد، نائب المقتصد، ونائب المقتصد المسير ضمن الهيكلة العامة القانون الأساسي، وذلك بعد فترة من الغموض والارتباك في الترتيب الهيكلي لرتب المصالح الاقتصادية.

وفي هذا الإطار، فقد تم التعديل في تسميات رتب المصالح الاقتصادية، حيث سيتم فتح واستحداث رتب جديدة للترقية، وهي رتبة “مفتش رئيس”، وهي رتبة عليا ستسند للمفتشين أصحاب الخبرة الكبيرة، وتمنحهم صلاحيات موسعة في المتابعة والتأطير والتقييم.

بالإضافة إلى ذلك، فقد جرى التغيير في تسمية مفتش التربية الوطنية إلى مفتش رئيس أو مفتش رئيسي، في تطور وصفه متابعون باللافت، مع دمج وتسوية بعض الرتب التي كانت تعاني تداخلا غير مقبول في المهام والصلاحيات والمسؤوليات.

وستعيد هذه الخطوة الاعتبار لسلك حساس ومهم، وتستجيب لمطالب طالما عبّرت عنها نقابات القطاع المستقلة، وتمنح بذلك السلك هوية أكثر وضوحا وتراتبا منسجما، ويرفع من مكانته المهنية داخل الهرم التربوي.

كما تقرر عدم التغيير في تصنيف مديري المدارس الابتدائية، إذ تم الإبقاء على التصنيف الحالي لهم، ما يضع حداً للجدل الذي رافق إمكانية تعديل هذا السلم.

الاتفاق على تعميم عطلة التحرك المهني

وبشأن، العطل والترقيات، فقد تم الاتفاق على تعميم عطلة التحرك المهني على جميع الموظفين، إلى جانب الإبقاء على الترقية في الدرجات إلى الرتب الدنيا والمتوسطة فقط.

وبناء على ما سبق، فإن هذه التعديلات تمثل خطوة محورية نحو تصحيح الاختلالات التي صاحبت القانون الأساسي الخاص بالموظفين المنتمين للأسلاك الخاصة بالتربية الوطنية، والتي تم الوقوف عليها ميدانيا، فهي لا تقتصر على تحسينات تقنية، بل تحمل رؤية واسعة لهيكلة جديدة للمسار المهني، وإعادة الاعتبار لعدة أسلاك، خاصة المقتصدين والمفتشين والأساتذة في مختلف الأطوار.

كما تؤكد المسودة ذاتها توجه الوزارة لدعم الاستقرار المهني، فضلا عن تعزيز الانضباط بعقلانية علاوة على فتح آفاق حقيقية للترقية وكذا تحسين المناخ العام داخل المؤسسات التعليمية.

لكن يبقى التحدي الأكبر هو مدى قدرة مديريات التربية والمؤسسات التعليمية على التطبيق الأمثل لهذه النصوص، وتجنب الفوضى التي قد ترافق الثغرات.

نقائص تبقى مطروحة… ومطالب بالإدماج من دون شرط

وفيما يتعلق بـ”النقائص” الواردة ضمن مسودة التعديلات، أبرز قويدر يحياوي، الأمين الوطني المكلف بالتنظيم بالنقابة الوطنية لعمال التربية، أن نقابته قد وقفت على “ثغرات” واضحة فيها، ويتعلق الأمر بعدم مراجعة نظام المنح والعلاوات، إلى جانب عدم الإزاحة في الرتب لرتب أعلى لعديد الأسلاك، علاوة على عدم نص المسودة على حماية الأستاذ وأسلاك التأطير قانونيا ومهنيا.

كما تم تسجيل الإصرار على عدم إلغاء التكوين الإجباري، فضلا عن إجبارية التكوين بين أربع وسبع سنوات، وكذا تسجيل غياب إدماج من هم أقل من أربع سنوات في الرتبة رغم حاجتهم لمسار مهني واضح، ما يجعل الترقية مبنية على الزمن فقط لا على الأداء والكفاءة.

وفي مقابل ذلك، تم الوقوف خلال عرض الوزارة لمسودة التعديلات بخصور النقابات، على نقائص أخرى تتعلق أساسا بحرمان الأساتذة الرئيسيين والمكونين الذين لم يبلغوا 15 سنة خدمة فعلية رغم كفاءتهم، في حين تم الاكتفاء بالأثر الرجعي لسنة 2025 بدل 2024، مع عدم تخفيض سن التقاعد لجميع موظفي أسلاك التربية يشرح محدثنا.

وفي هذا الإطار، عرج محدثنا على “هفوات” أخرى برزت في مسودة التعديلات، حيث أوضح في هذا الصدد أن شرط “15 سنة بصفة موظف” الذي تكرر في (المواد 84، 85، 104، 121، وغيرها) هو مصطلح “غير دقيق وواضح”، وبغياب تعريف مباشر في “نص المادة” أو شرح في “النصوص التنظيمية”، فإنه سيتحول فعلاً إلى أداة للإقصاء بدلاً من الإدماج.

وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن النص يقول “بصفة موظف”، لكنه بالمقابل لم يوضح هل تُحتسب الأقدمية المكتسبة في أسلاك أو رتب أخرى أم لا؟

كما لم يبرز ذات النص شرط “الاستمرارية”، وعليه فالسؤال المطروح هل يشترط أن تكون الـ15 سنة متصلة من دون انقطاع؟

وفي مقابل ذلك، فقد ورد النص نفسه مبهما حول تاريخ بداية احتساب الـ15 سنة، وبالتالي فهل يُحتسب من تاريخ توقيع المرسوم الحالي 54/25 لسنة (2025) أو المرسوم المعدل محل العرض من تاريخ صدوره مستقبلا في الجريدة الرسمية؟

ولذلك، لفت مسؤول التنظيم بالنقابة إلى أن المسودة لم تستوعب أيا من المطالب المتفق عليها داخل النقابات، ولم يظهر لها أثر لمخرجات العمل النقابي، وهو ما يؤكد أن “آلية التشاور ما تزال شكلية أكثر منها فعلية، مع تغييب لدور الشريك الاجتماعي”، على حد تعبيره.

وعليه، فإن عرض الوصاية لمسودة المشروع التمهيدي لتعديل القانون الأساسي الخاص، أدى إلى بروز إشكالية لا تقل أهمية عن مضمون القانون نفسه، ألا وهي منهجية “العرض”، حين وضعت بين يدي الشركاء الاجتماعيين نصاً، لكنها أغفلت السياق التبريري الذي يربط هذا النص بمخرجات اللقاءات الثنائية الماراتونية طيلة السنة الدراسية المنصرمة، مما فتح الباب واسعاً أمام التأويلات وأزمة الثقة، يضيف قويدر يحياوي.

وختاما، فقد شدد المتحدث على أنه برغم ما حملته مسودة التعديلات من مكاسب، إلا أن المطلب الرئيسي الذي لا يزال مطروحا بقوة من قبل النقابات ولم يسقط، هو إدماج جميع الموظفين وأسلاك التربية في الرتب المستحدثة من دون قيد أو شرط، بالإضافة إلى تمكين منتسبي أسلاك التربية من الاستفادة من تخفيض سن التقاعد، فضلا عن الإفراج عن نظام تعويضي يلبي تطلعات الجميع.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here