كيف سيتعامل تبون مع دعوة منافسه؟

9

أولى المطالب بالمشاركة في حكومة الرئيس المنتخب عبد المجيد تبون، رفعتها “حركة البناء الوطني”، التي يقودها المترشح عبد القادر بن قرينة، والذي حل ثانيا في الانتخابات الرئاسية التي جرت في الثاني عشر من ديسمبر الجاري.

الحركة وفي بيان توج اجتماعا لمجلسها الشوري، عبرت عن رغبتها في خوض غمار المشاركة في الحكومة المقبلة: “نحن كجزء من الجماعة الوطنية لن نتأخر إن شاء الله، لأي مناد للوطن في إطار المصلحة الوطنية العليا الواضحة والمتعلق عليها”.

ويتضح من هذه العبارة، أن الحركة التي ولدت من رحم الحركة الأم “حمس”، لا تريد تفويت فرصة مشاركتها في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، بل تريد الاستثمار في مسعاها هذا إلى أقصى حد، كشريك سياسي اختار السير في طريق باركته السلطات الانتقالية (ما بعد بوتفليقة).

ومعلوم أن خيار الانتخابات الرئاسية كان محل معارضة من طرف بعض الاوساط السياسية، مثلما كان محل معارضة أيضا من قبل “الحراك” الذي يتظاهر أسبوعيا، ما يعني أن مسعى الانتخابات أحدث استقطابا حادا بين طرفين، فيما التزم طرف ثالث الحياد.

وحركة البناء وباعتبارها اختارت صف المشاركين في الانتخابات، وبما أن هذا الخيار وضع قطار البلاد على السكة الدستورية، فهي تريد اليوم قطف ثمار خيارها بسرعة، بعد ما تمكنت من التموقع سياسيا في الخارطة الانتخابية.

واقع حال “حركة البناء الوطني” اليوم، لا يختلف كثيرا عن وضع الحركة الأمم، حركة “حمس” في نسختها الأولى، في عام 1995، عندما شقت موقف التيار الإسلامي في ذلك الوقت، ودفعت بمرشحها الراحل، محفوظ نحناح، في رئاسيات عاصفة، لمقارعة مرشح السلطة حينها، الرئيس السبق، اليامين زروال.

وتتقاطع تلك المرحلة مع تلك التي تعيشها البلاد اليوم، فرئاسة الجمهورية حينها كانت شاغرة، وقد شغلها زروال بصفته رئيس دولة معين من طرف فعاليات الحركة الجمعوية في ندوة الوفاق الوطني، تماما مثلما كان الحال قبل رئاسيات 12 / 12، حيث كان جلوس رئيس الدولة عبد القادر بن صالح على كرسي قصر المرادية، محل انتقاد وتشكيك في دستوريته من قبل البعض، بسبب انتهاء مدة الأشهر الثلاثة الأولى التي يتحدث عنها الدستور في حال وفاة رئيس الجمهورية أو استقالته.

ومعلوم أن حزب الراحل نحناح، ومباشرة بعد مشاركته في رئاسيات 1995 وخسارته فيها، تحول إلى شريك للسلطة وحصل على بعض الحقائب الوزارية بعد ذلك، وقد أصبح ذلك تقليدا، إلى أن تم فك الارتباط بين الطرفين في عام 2012، بقرار من مجلس شورى الحركة، مدفوعا بالتطورات التي عاشتها البلاد جراء التحولات التي عرفتها بعض الدول العربية، والتي كادت أن تلحق الجزائر بدول “الربيع العربي”، لو استمرت أحداث الزيت والسكر حينها.

رد الرئيس تبون على دعوة حركة البناء الوطني تبقى مرهونة باعتبارين إثنين، الأول هو طبيعة الحكومة المقبلة، بمعنى هل ستكون سياسية أم تكنوقراطية؟ فإذا كانت الحكومة تكنوقراطية فمعنى هذا أن دعوة حزب بن قرينة ستسقط في الماء، فيما يبقى الاحتمال الثاني رهينة تجاوب تبون مع مطلب منافسه السابق في السباق الانتخابي بإشراكه في الحكومة، طالما أنه ليس هناك ما يلزمه بذلك.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here