افريقيا برس – الجزائر. هناك بلدان إفريقية كثيرة بمجرد ذكر اسمها يتبادر إلى الأذهان ما تلقته من مساعدات سياسية واقتصادية من الجزائر، ولعل اسم زيمبابوي الذي يذكرنا برجالاتها الثوريين ومنهم روبير موغابي وجوشوان كومو، هو واحد من أهم البلدان التي ارتبط نضالها بدعم جزائري كبير، حتى أن هذين الرجلين ما كانا يغادران الجزائر في زمن هواري بومدين والشاذلي بن جديد إلا ليعودا إليها وكانا يعتبرانها أقرب إلى بلدهما من أي دولة أخرى في العالم.
عانت زيمبابوي من الميز العنصري تحت الاستعمار البريطاني، بمسماها القديم روديسيا الجنوبية، فقد كانت تئن لطعنات نفس النظام العنصري القائم في جنوب إفريقيا، إلى أن انتصرت في حربها وصارت مثالا لبلد قادر على التطوّر مثل الجارة جنوب إفريقيا.
تقع زيمبابوي في قلب القارة السمراء، يحيط بها عدد من البلدان الإفريقية مثل زامبيا وموزمبيق وبوتسوانا وجنوب إفريقيا، يتكلم سكانها اللغة الإنجليزية إضافة إلى عشر لغات إفريقية محلية من الدول المحيطة بها، وتواجدها في منطقة السافانا منحها جغرافيا ساحرة بتنوع نباتي وحيواني، ومن أهم ثروات هذا البلد الكبير الغابات الكثيفة التي تعيش فيها الحيوانات المفترسة ومختلف الطيور والزواحف، وقامت دولة جنوب إفريقيا في العقدين الأخيرين بنقل الكثير من الحيوانات مثل الفيلة وأقامت لها تجمعات في بلادها، وصارت عاصمة للسفاري في العالم بفضل حيوانات زيمبابوي.
قارب تعداد سكان زيمبابوي 17 مليون نسمة، يعتمد سكانها على مختلف الحرف والزراعة، وقد تمكن أهل زيمبابوي من تحويل بلادهم إلى مُصدّر للقمح والذرة والأرز والسكر إضافة إلى إنتاجها للنحاس والذهب والنيكل، كما اكتفت ذاتيا في اللحوم بكل أنواعها من أغنام وماعز وأبقار، ومن مشاكل زيمبابوي تدني الصحة فيها، حيث تتواجد في المركز الأخيرة في معدلات الحياة إذ لا تصل لدى الذكور والإناث الأربعين سنة، وأكدت دراسات أجريت في هذا الشأن على أن الإنسان الزيمبابوي لا يمتلك مناعة وهو ما يجعل أي فيروس يطرق باب البلاد بما في ذلك جائحة كورونا إلا ويكون قاتلا وضحاياه بنسبة مئوية مرتفعة جدا. يعتنق قرابة 90% من سكان زيمبابوي الدين المسيحي، ولا يكاد يزيد عدد معتنقي الإسلام في هذا البلد عن 1%، وغالبيتهم يقطنون في العاصمة هراري. وبالرغم من استقلال البلاد، فمازال يقطنها قرابة نصف مليون بريطاني ونتذكر جميعا اسم حارس مرمى سابق لنادي ليفربول أبيض البشرة، وهو غروبلير الذي رفض اللعب لمنتخب إنجلترا المشارك باستمرار في أمم أوربا وفي كأس العالم، واختار تقمّص ألوان منتخب زيمبابوي المحروم من كل المنافسات بسبب ضعفه ومنها كأس أمم إفريقيا.
من أشهر رؤساء زيمبابوي روبيرت موغابي الذي يعرفه عامة الجزائريين، فالرجل عاش فترة طويلة في الجزائر وقبل استقلال زيمبابوي كان يأتي إلى الجزائر في زمن هواري بومدين ويمكث عدة أسابيع وبقي محافظا على صداقاته مع رؤساء الجزائر من زمن الشاذلي بن جديد إلى زمن عبد العزيز بوتفليقة، إلى أن توفي خريف السنة الماضية وقد بلغ سن 95 عاما، ومن النادر في هذا البلد أن يصل رجل سن السبعين، فما بالك يقارب القرن من العمر. كما يعرف الجزائريون أيضا جوشوان كومو، الذي توفي في سنة 1999، وكان من المناضلين الذين دعمهم بقوة الرئيس هواري بومدين وجعله صديقا له، وكلا الرجلين شاركا في الجنازة الضخمة التي شيع بها الرئيس الراحل هواري بومدين في مقبرة العالية بالجزائر العاصمة.
فرطت الجزائر في السنوات الأخيرة في الكثير من الصداقات مع عديد الدول الإفريقية، وفي ثمانينيات القرن الماضي كان يوجد خط جوي بين هراري والجزائر العاصمة، وبقي الإشكال في بُعد زيمبابوي جغرافيا وأيضا اللغة الإنجليزية، لتنتهي قصة الصداقة القوية جدا التي كانت تجسدها مساعدات كثيرة تقدمها الجزائر لهذا البلد، الذي يعتبر من البلدان الإفريقية التي مسحت الجزائر مديونيتها منذ ثلاث سنوات في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.
سيلعب الجزائريون اليوم الخميس مع بلد لا تعتبر فيه كرة القدم رياضة أولى، فشعب هذا البلد يحب الهوكي والريغبي وبعض الرياضات، وهناك من لا يعرف حتى قوانين لعبة كرة القدم، وحتى الذين نجحوا في كرة القدم اتجهوا إلى بلاد أوربية عادية من أجل ممارستها بهدف العمل والحصول على بطاقة إقامة وهجرة وليس من أجل التألق وحصد الألقاب الفردية والجماعية.
ب.ع