‪ ‬حزب تيار الكرامة : إعلان المبادئ أهدر حق مصر فى مياه النيل

9

قال حزب تيار الكرامة ان اعلام المبادئ الذى تم بين مصر والسودان وإثيوبيا بالخرطوم قبل نحو عامين من الان حول حفظ الحقوق المائية الدول الثلاث ، أهدر حق مصر فى مياه النيل ، وجعل اثيوبيا هو المتحكم فى حصة القاهرة من المياه ، ووجه الْحزب المعارض هجوما لاذعا على السلطة ، حيث اصدر بياناً شديد اللهجة جاء فيه :
 
« مصر هبة النيل » ليس مجرد شعاراً أطلقه أحد المؤرخين ، بل دراسة وقراءة واقعية مختصرة لأهمية نهر النيل لمصر ، فهو شريان الحياة لمصر والمصريين ، على ضفافه قامت الحضارات العظيمة ، وما زالت خيراته تتوالي على المصريين وتظل تحمل البشائر .

ولاشك أن مشروع بناء سد النهضة الأثيوبي وما صاحبه من تطورات ، بداية من إعلان أثيوبيا نيتها لبناء السد تزامنا مع أحداث ثورة الخامس والعشرين من يناير ووصولا إلي إعلان وزارة الري المصرية فشل المفاوضات مع الجانب الأثيوبي بشأن الملف ، هو أحد أهم _ إن لم يكن الأهم _ الملفات التي تشغل الرأي العام المصري ، نظراً لما يمثله هذا الملف من خطورة علي حياة المصريين التي ترتبط إرتباطاً وثيقاً ومتلازماً بمياه نهر النيل .

وإننا في «تيار الكرامة» إذ نصطف مع جموع الشعب المصري في الإحساس بالخطر والتهديد الذي بات وشيكاً بعد التقدم الذي شهدته مراحل بناء السد ، فإننا نثمن الجهود الوطنية التي حاولت الحيلولة دون التقدم في بناء السد حينما عانت مصر من الفراغ السياسي بعد أحداث ثورة الخامس والعشرين من يناير ، والتي تبلورت في وفد الدبلوماسية الشعبية الذي حمل علي عاتقه محاولة توطيد العلاقات مع دول حوض النيل ، وإقناع الجانب الأثيوبي بعدم البدء في تنفيذ بناء السد لحين تشكيل إدارة مصرية سياسية منتخبة ، ومشاركة مختصين مصريين في دراسات السد الفنية ، متعهداً بإعادة العلاقات المصرية الأفريقية الوطيدة إلي سابق عهدها ، بعد التخبط والفشل الذي اعتلي مشهدها وتسيده خلال فترة المخلوع حسني مبارك .

وبرغم هذه الجهود الشعبية وما حققته من نتائج ملموسة ، حيث مهدت لمصر الأجواء لاحتضان أبناء قارتها السمراء من جديد ، وتصحيح ما أفسده نظام مبارك في علاقته مع الدول الأفريقية بشكل عام ، ودول حوض النيل بشكل خاص ، إلا أن كل الأنظمة المتعاقبة بعد الثورة بداية من نظام الإخوان الذي فجّر الأزمة وفشل في التعامل معها ببث حوار المعزول مرسي _ الشهير _ مع ممثلي الأحزاب علي الهواء ، ووصولا إلي نظام الرئيس السيسي الذي اختار مسار التفاوض الدبلوماسي المباشر ، ومرورا بنظام الرئيس عدلي منصور المؤقت الذي جمّد الحراك في الملف بوقت حرج ، لم يعمل أحدهم علي إستغلال هذه الجهود أو تطويرها ، وهو ما أدي بالأمور إلي وضعها الحالي ، حيث تواجه مصر أشد وأخطر أزماتها عبر تاريخها ، كارثة تهديد أمنها المائي ، وما يترتب عليه من مخاطر تتعلق بتهديد حياة المصريين .

ويري الحزب أن المصريين يحصدون اليوم سبب فشل السياسات الخارجية للأنظمة المصرية المتلاحقة بداية من نظام المخلوع مبارك ، تلك السياسة التي أقصت مصر عن محيطها الأفريقي الهام ، وفتحت الباب للعدو الصهيوني وقوي إقليمية ودولية متآمرة للتحكم في أمن مصر المائي ، الذي يعد أحد أهم مصادر الأمن القومي للبلاد .

وقد أدت ركائز تلك السياسات إلي تمكن الجانب الأثيوبي من التلاعب بكل ما يخص ملف السد ، واستغلال الوقت لتصل مراحل البناء إلي أوضاع متقدمة ، ليصعب علي الجانب المصري التعامل معها ، ويكون أمام أمر واقع يضطر لقبوله ، وهو ما ظهر جلياً في طريقة تعامل الجانب الأثيوبي مع إعلان المباديء الذي سعي وحرص عليه الجانب المصري ، في الوقت الذي ظهر جلياً أن الاستراتيجية الإثيوبية كانت تستخدم اللقاءات كغطاء لاستنزاف الوقت وإظهار نفسها كطرف متعاون أمام المجتمعين الإقليمي والدولي ، مما يستوجب أن يتحمل النظام المصري مسئوليته كاملة بشأنه ، خاصة أنه اختار هذا المسار الفني والدبلوماسي منذ اللحظة الأولي عن رضا واقتناع ، رغم أنه لم يكن المسار الوحيد المطروح أو المتاح.

وإننا إذ نحمل النظام الحالي نصيبه من المسئولية السياسية والتاريخية عن ما وصلت إليه الأوضاع في هذا الملف بعد إعلانه فشل المفاوضات مع الجانب الأثيوبي ، وعدم التزام أديس بابا بما تم الاتفاق عليه في إعلان المباديء الموقع بين مصر والسودان وأثيوبيا ، والذي لم يكن سوي بالون كبير قدمت فيه مصر تنازلات دون أن تحصل على أي مقابل ، حتى البنود الخاصة بإجراء الدراسات والسياسة التشغيلية للسد والتي جاءت في صياغة مائعة تخدم الطرف الإثيوبي وتسمح له بالتنصل دون أي التزام قانوني ولم توفر لمصر الحد الآمن لحماية أمنها المائي ، فإننا نؤكد علي تمسك المصريين بحقهم التاريخي في مياه نهر النيل ، واستعدادهم التام للتضحية من أجل الحفاظ علي حقهم ، ودفاعا عن أمنهم المائي .

إن سلطات الدول على الأنظمة المائية الدولية سلطات مقيدة ، واستغلال الدول للجزء الواقع في أراضيها مشروط بعدم الإضرار بباقي دول النظام وضرورة الاتفاق على كافة شؤون الاستغلال التي تنال من حقوق الآخرين ، لذا فلا سيادة مطلقة على الموارد المائية لنهر النيل كما فرضتها إثيوبيا .

ويطالب الحزب النظام المصري بالتحرك وبشكل عاجل على المستوى الإفريقى لتوضيح الموقف المصرى وأحقيته الإنسانية والتاريخية فى مياه النيل ، ومدى رفض حكومة أديس أبابا لكافة المقترحات والحلول العملية والواقعية لضمان أمن مصر المائى بشرح وجهة النظر بالمستندات والوثائق ومدى تطابقها مع القوانين والأعراف الدولية المنظمة للأنهار العابرة للحدود ، وهو ما يساعد على خلق رأى عام افريقى موحد تجاه الأزمة ، علي أن تتضمن خطة التحرك تنفيذ استراتيجية لتعميق التعاون الاقتصادي والتجارى والزراعى بين مصر والدول الافريقية بصفة عامة وحوض النيل بصفة خاصة بشراكة ايجابية بين القطاعين العام والخاص بتلك الدول ، إضافة إلي طلب عقد جلسة طارئة للدول الأعضاء فى الاتحاد الإفريقى لمناقشة الأمر ، والتقدم بشكوي عاجلة للجنة الأمن والسلم الأفريقي لاتخاذ قرار يضمن الأمن المائي المصري .

كما يدعو الحزب إلي تنظيم حملة اعلامية دولية وتحرك دبلوماسى موسع لكشف عدم التزام حكومة أديس أبابا بالاتفاقيات والمواثيق الدولية المنظمة لعلاقات الدول فى اشارة الى اتفاق 1903 الموقع بين بريطانيا وايطاليا باعتبارهما كان يحتلان “مصر وإثيوبيا” ، واتفاق 1929 الموقع مع دول المنابع ، إضافة إلي التحرك نحو هيئات التمويل الدولية والمانحين التى تتعامل مع أثيوبيا لتوضيح حجم الأزمة التى ستنتج فى ظل التعنت الإثيوبى وتأثير ذلك على زيادة معدلات الهجرة غير الشرعية إلى الدول الأوربية التى ما زالت تعانى من تزايد معدلات هذه النوعية من الهجرة .

ويطالب الحزب النظام المصري إلي اللجوء للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي ومحكمة العدل الدولية لضمان الحفاظ علي حق مصر المائي ، والبدء في قطع العلاقات المصرية مع كل الدول أو الجهات أو الشركات التي تعمل علي دعم وتمويل بناء السد مالم يغيروا مواقفهم فوراً.

إن حق الدفاع عن النفس حق أصيل للإنسان قننته مختلف الدساتير والأعراف والمواثيق ، وتبرز أهمية إستغلاله حينما يتم تهديد حياة شعب بأكمله ، لذا فإن الحزب يؤكد أن كل الخيارات للحفاظ علي أمننا المائي لابد أن تكون متاحة ومطروحة ومعلنة ، وذلك بعد إصرار الجانب الأثيوبي علي إهدار كل الحقوق التاريخية والقانونية لمصر وشعبها في مياه النيل ، وعدم الإعتراف بها ، وتسويف كافة الجهود الدبلوماسية والسياسية التي تمت معه .

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here