الجنيه البلاستيك … مصر تدخل عصر “البوليمار”

21
الجنيه البلاستيك ... مصر تدخل عصر
الجنيه البلاستيك ... مصر تدخل عصر "البوليمار"

أفريقيا برس – مصر. قبل نحو ربع قرن من الزمان زارت بعثة من البنك المركزي الأسترالي مصر، كان الهدف هو إقناع المسؤولين في البنك المركزي المصري والجهات الرقابية والقطاع المصرفي بأهمية التحول إلى عصر النقود أو العملة البلاستيكية، أي طباعة البنكنوت، أو الجنيه المصري، من مادة البوليمار البلاستيكية، وليس على أوراق مصنوعة من القطن كما جرت العادة سنوات طويلة.

أمضى الوفد الأسترالي في القاهرة مدة تقارب الأسبوعين حاول خلالها وبكل الطرق انتزاع موافقة السلطات المصرية على البدء في التحول من صناعة النقود التقليدية من القطن إلى البلاستيك، خاصة أن دولاً كثيرة يصل عددها إلى 25 دولة بدأت بالفعل ومنذ سنوات طباعة عملاتها بمادة البوليمار.

ومن بين هذه الدول استراليا، بريطانيا، البرازيل، الصين، إندونيسيا، سنغافورة، كندا، نيوزيلندا، غينيا، رومانيا، فيتنام، هونغ كونغ، سيريلانكا، تشيلي، تايلاند، الهند، ومن المنطقة العربية الكويت والسعودية، وهناك الإمارات في الطريق.

استراليا، بريطانيا، البرازيل، الصين، سنغافورة، كندا، هونغ كونغ، سيريلانكا، الهند، الكويت، السعودية من أبرز الدول التي تستخدم البوليمار

لكن الزيارة لم تحقق أي نجاح يذكر، وغادر الوفد الأسترالي القاهرة خاوي الوفاض طارحاً علامات استفهام كثيرة، أقلها: لما ترفض مصر التحول إلى العملات النظيفة قليلة التكلفة طويلة العمر والصحية حيث لا تنقل جراثيم وأوبئة كما هو الحال مع العملة المصنوعة من القطن.

ساعتها تحمست شخصيا للفكرة وكتبت عنها مرات، معدداً مزايا البوليمار خاصة على مستوى دخول مصر عصر النقود النظيفة الخالية من التلوث، والأمان العالي، وصعوبة التزوير، وتحمل الطي والثني ومقاومة الاستخدام الخاطئ والسيئ للعملة في مجتمع مثل مصر ينتشر فيه التعامل النقدي على نطاق واسع خاصة مع انتشار الأمية المصرفية وقلة عدد السكان المتعاملين مع البنوك مقارنة بعدد السكان.

رحت اسأل عدداً من المسؤولين: لماذا ترفضون فكرة النقود البلاستيكية رغم اقتناعكم بمزايا البوليمار خاصة في بلد مثل مصر يعبث الجميع بعملته الورقية، ويلوثونها بكل الطرق، ولا يحترمون ورقة البنكنوت من الأصل.

والدليل ما يحدث عند التداول في المحال والأسواق التجارية، وبين باعة الأسماك واللحوم والخضروات، بل وبين تجار المخدرات والعملة، وانتشار ظاهرة الكتابة على العملة خاصة بين شباب الجامعات.

هنا جاءت الإجابات مختلفة ما بين قائل بأن التحول إلى عصر العملات البلاستيكية يحتاج لاستثمارات ضخمة ومطابع بمليارات الجنيهات، وإن البلد لا يتحمل تكاليف جديدة في هذا التوقيت.

شائعات كثيرة رافقت مشروع طباعة النقود البلاستيكية منها التغطية على تراجع قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار

شائعات كثيرة رافقت مشروع طباعة النقود البلاستيكية منها التغطية على تراجع قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار

وقائل بأن تجربة البوليمار لا تزال محدودة الانتشار حول العالم، وأن تركزها في دول جنوب شرق أسيا لا يعني انتشارها عالميا، وأن الولايات المتحدة ودول أوروبا ودول المنطقة لا تزال تطبع عملاتها بالأسلوب التقليدي.

وقائل بأن التحول يحتاج إلى ثقافة وتوعية، وإلا قد يشهد السوق اضطرابات وانتشار شائعات نحن في غنى عنها في مثل هذا التوقيت.

ومن قائل بأن الجهات المسؤولة في مصر هي المكلفة بهذه العملية الحساسة حيث تتعاقد على استيراد الأوراق المصنوعة من مادة قطنية ويتم طباعة البنكنوت المصري عليها من الخارج، وبالتالي فإن أي قرار يتعلق بالعملة الوطنية يجب أن يصدر من أعلى مستوى وبعد دراسات متأنية.

وماتت قصة البوليمار وقتها، لكن بعد مرور كل هذه السنوات دخلت مصر رسميا هذا الأسبوع عصر البوليمار عبر طرح البنك المركزي فئة العشرة جنيهات البلاستيكية والتي تم إنتاجها بدار الطباعة الجديدة التابعة للبنك في العاصمة الإدارية.

الخطوة مهمة للعملة المصرية، إذ توفر ورقة البوليمار النقدية درجة عالية من الأمان والقوة والورقة النقدية النظيفة، وطول عمر العملة حيث يمكن غسلها بالماء وثنيها عشرات المرات.

وتتيح مادة البوليمار عمرا افتراضيا أطول للعملة يصل إلى نحو 5 أضعاف عمر الورقة المصنوعة من القطن، إلى جانب مقاومتها للتلوث، وأقل في درجة تأثرها بالأتربة والعرق، يعني صديقة للبيئة، وصعوبة عملية التزييف والتزوير لمادة البوليمار وهي الجريمة التي باتت تهدد الكثير من العملات الورقية حول العالم، إضافة إلى تخفيض تكلفة طباعة أوراق النقد خاصة للفئات الأكثر تداولا مثل العشرة والخمسة جنيهات مصرية نظرا لطول عمر الورقة.

توفر ورقة البوليمار درجة عالية من الأمان والقوة والعملة النظيفة، وطول عمر البنكنوت حيث يمكن غسلها بالماء وثنيها عشرات المرات

طرح البنك المركزي المصري عملة البوليمار في الأسواق يضع حداً للشائعات السخيفة التي روجها البعض حول النقود البلاستيكية، وأن الهدف منها ليس التحول إلى عملة نظيفة، لكن للتغطية على الضغوط الشديدة التي تتعرض لها العملة وتهاوي قيمة الجنيه، وسحب مزيد من السيولة من جيوب المصريين، وأن ورقة البوليمار تتضمن علامة مائية تحمل ألوان علم المثليين، وأن لجوء البنك المركزي لإصدار البوليمار في هذا التوقيت هي مجرد حيلة أو تمهيد لإلغاء البنكنوت الورقي، وهي الشائعات التي ثبت عدم دقتها خلال الفترة الماضية.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here