حديث ساويرس عن اقتصاد الجيش المصري: شراكة في خدمة النظام

26
حديث ساويرس عن اقتصاد الجيش المصري: شراكة في خدمة النظام
حديث ساويرس عن اقتصاد الجيش المصري: شراكة في خدمة النظام

أفريقيا برس – مصر. أثارت تصريحات الملياردير المصري البارز نجيب ساويرس، بشأن اقتصاد القوات المسلحة المصرية، وتدخلها في القطاعات الاقتصادية المختلفة، وانتقاده فكرة أن “الشركات المملوكة للحكومة أو التابعة للجيش لا تدفع ضرائب أو جمارك”، علامات استفهام حول مرورها مرور الكرام على النظام المصري ولجانه على مواقع التواصل الاجتماعي. وقال رجل الأعمال المصري في تصريحاته، إن “المنافسة من البداية غير عادلة”، وإنه “يجب أن تكون الدولة (المصرية) جهة تنظيمية وليست مالكة” للنشاط الاقتصادي، مضيفاً أن “الاقتصاد (المصري) تلقى دفعاً أخيراً بسبب الإنفاق الحكومي على البنية التحتية، مثل الطرق الجديدة والعاصمة الجديدة، وشركات القطاع الخاص هي التي تبني هذه المشاريع”. وإذ اعتبر أنه “لا تزال هناك منافسة من الحكومة”، لفت إلى أن “المستثمرين الأجانب خائفون بعض الشيء”. وأضاف:”أنا نفسي لا أخوض عروضاً عندما أرى شركات حكومية، لذا فإن ساحة اللعب لا تعود متكافئة”.

وفي الوقت الذي شدّد فيه النظام العقوبة على كل من يتناول شؤون الدفاع والقوات المسلحة، يتحدث ساويرس بحرّية عن شؤون الجيش وينتقد تدخله في الاقتصاد. وقالت مصادر حكومية مصرية، في تصريحات لـ”العربي الجديد”، إن “حديث ساويرس حول أهمية خروج الحكومة من المنافسة وترك المجال للقطاع الخاص، يتسق مع توجه الدولة المصرية لإشراك القطاع الخاص في ملكية الشركات التي تمتلكها الحكومة والقوات المسلحة، وهو ما أكد عليه الرئيس عبد الفتاح السيسي في أكثر من مناسبة”. ولفتت المصادر إلى أن “تصريحات ساويرس بصفته رجل أعمال بارزا، ترتبط مشاريعه في الخارج ارتباطاً وثيقاً بالنظام الاقتصادي العالمي، يمكن أن يكون لها تأثير إيجابي بالنسبة لتحسين صورة الحكومة المصرية، الملتزمة باتفاق مع صندوق النقد الدولي، من ضمن شروطه إتاحة الفرصة للشركات الخاصة داخل مصر وخارجها، للملكية والمشاركة في الاقتصاد القومي”.

وترتبط شركات رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس ارتباطاً وثيقاً بالحكومة المصرية التي تتولى تنفيذ الكثير من المشاريع الضخمة، وخصوصاً في قطاع المقاولات (مجال عمل ساويرس الرئيسي) من خلال القوات المسلحة، وتحديداً الهيئة الهندسية. ولا يكاد يخلو مشروع واحد من تلك المشاريع من اسم شركة “أوراسكوم” المملوكة لعائلة ساويرس، ذلك الاسم الذي تلمحه باستمرار مع الاقتراب من العاصمة الإدارية أو من الطرق الجديدة أو حتى مشروع “المونوريل”، وكلّها مشاريع تتولى شركة “أوراسكوم” الجزء الأكبر من تنفيذها، إلى جانب شركات مقاولات أخرى مثل “المقاولون العرب” و”حسن علام”، وأخرى أصغر.

وعلى الرغم مما يدور في الكواليس عن أن ساويرس لديه مستحقات مالية ضخمة لدى الهيئة الهندسية التابعة للقوات المسلحة والمشرفة على الكثير من المشاريع الكبرى في البلاد، على غرار أزمة المقاول الهارب إلى إسبانيا محمد علي، إلا أن المصادر الحكومية أكدت لـ”العربي الجديد” أن العلاقة مع ساويرس “أكبر وأهم” من أن تُضر بها بعض الديون، وأن ساويرس “لطالما استفاد وكوّن ثروات من خلال عمله مع الدولة، وعلى أي حال فإن تلك المستحقات سوف يتم تسديدها، ولكن على مراحل”.

ولم تقتصر علاقة نجيب ساويرس بالنظام المصري، على الشراكة الاقتصادية فقط، حيث إن الملياردير المصري كان من أشد الداعمين لذلك النظام منذ انقلاب يوليو/تموز 2013. وعن 30 يونيو، قال ساويرس: “اليوم الذي بكيت فيه من الفرح… كابوس وانزاح”. ولم يكتف ساويرس بالتعبير عن مشاعره تجاه 30 يونيو 2013، لكنه استغل شهرته العالمية ومكانته كرجل أعمال عالمي بارز، في تدعيم نظام الانقلاب على المستوى الدولي. إذ وصف 30 يونيو، بأنها “كانت قراراً مصرياً واضحاً ضد الغرب والولايات المتحدة وتصرفاتهما ودعمهما لجماعة الإخوان”. وقال في تصريحات سابقة إن “الولايات المتحدة لم تعد بوصلة اتخاذ القرار في المنطقة العربية أو في الشرق الأوسط”، مطالباً وزير الدفاع آنذاك المشير عبد الفتاح السيسي بإعلان ترشحه للرئاسة و”الاستجابة للشارع المصري”.

قيادي سابق في حزب “المصريين الأحرار”، وهو الحزب الذي أسّسه ساويرس بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، وصف علاقة نجيب ساويرس بالدولة والجيش بـ”الاستراتيجية”، مؤكداً أن تصريحات الأخير حول أهمية أن تكون الدولة “جهة تنظيمية، وليست مالكة للنشاط الاقتصادي”، لم تغضب الدولة، وتحدث السيسي عنها أكثر من مرة، وكان آخرها في أغسطس/ آب الماضي، عندما أعلن عن مخطط لـ”طرح شركة العاصمة الإدارية الجديدة في البورصة خلال الفترة المقبلة”.

وقال السيسي خلال كلمته في افتتاح عدد من المشروعات السكنية بمدينة بدر، في أغسطس الماضي: “عاملين حسابنا العاصمة تدخل البورصة في أقرب فرصة. الملاءة المالية الموجودة في صندوق الشركة 100 مليار جنيه (حوالي 6 مليارات و400 مليون دولار أميركي). نتحدث عن أموال سائلة تصل إلى 100 مليار جنيه لشركة العاصمة الإدارية”. وأضاف: “دي فكرة تانية خالص لإدارة قدراتنا ومواردنا، والدولة مش هتدفع قرش. وأتصور أنه خلال السنتين الجايين بعد طرحها في البورصة، أصول الشركة تتجاوز 3 و4 تريليون جنيه.. والكلام ده ينطبق على العلمين ومدن أخرى”.

وكان السيسي قد أكد في أكتوبر/تشرين الأول 2019، أن الدولة المصرية “تسير في خطة طرح عدد من الشركات والأصول الحكومية في البورصة المصرية منذ ثلاث سنوات”. وأضاف في كلمته حينها على هامش افتتاح مصنع الغازات الطبية والصناعية التابع لشركة النصر للكيماويات: “قولنا الطروحات اللي الدولة المصرية بتجهزها لطرحها في البورصة لا بد يكون فيه فرصة منها لشركات القوات المسلحة، لازم الشركات دي تدخل البورصة ويبقى فيه فرصة للمصريين يكون لهم أسهم في هذه الشركات، ونفتح باب المشاركة المجتمعية في هذه الشركات”. وتابع: “القطاع الخاص مرحب بيه. عايز يشارك ده متاح، وده مش كلام سياسة، أنت مش هتدخل في دراسات جدوى”.

“حديث ساويرس لم يأت بجديد ولم يختلف إطلاقاً عن تصريحات الرئيس السيسي السابقة”. هكذا قال القيادي الحزبي السابق، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، مضيفاً أن “ساويرس يقدم خدمة كبيرة للنظام، في تحسين صورته الخارجية بالحديث عن فرص الاستثمار التي تقدمها الحكومة للقطاع الخاص”. ورأى المصدر أن “حديث ساويرس في الخارج سيكون له مصداقية أكبر من مصداقية الدولة المصرية التي تتحدث عن فرص الاستثمار، بينما تسجن رجال الأعمال الذين رفضوا بيع شركاتهم للجيش”، مثل صفوان ثابت مالك شركة “جهينة” لمنتجات الألبان، ونجله سيف الدين، الذي انضم أخيراً لوالده ولرجل الأعمال الشهير سيد السويركي، صاحب سلسلة محال التوحيد والنور، المحبوسين حالياً رفقة آخرين بتهمة تمويل جماعة إرهابية والانتماء إلى تنظيم محظور بهدف قلب نظام الحكم ونشر الفوضى في البلاد.

وفي هذا السياق، قال المصدر إنه علم من مقربين من رجل الأعمال صفوان ثابت، أن “الأجهزة الأمنية تحاول إجبار رجل الأعمال المعتقل على بيع حصة تقدر بـ80 في المائة من شركة جهينة للجيش من أجل الإفراج عنه هو ونجله، لكنه أكد أنه ليس المالك الوحيد للشركة، وأن هناك مساهمين آخرين، فأخبرته الأجهزة الأمنية بأن عرضهم الأخير هو نسبة 20 في المائة، يوزعها كما يشاء بينه وبين شركائه”. وأكد المصدر أن ذلك “لا يمكن أن يحدث مع رجل أعمال مثل نجيب ساويرس، الذي يتمتع بعلاقات خارجية وداخلية قوية، إضافة إلى أنه يعرف جيداً حدود علاقته مع النظام، ويعرف كيف يناور أحياناً للحصول على مكاسب معينة، وكيف يتراجع في مواقف أخرى، وكيف يدعمهم بشكل جيّد كما فعل أخيراً بالحديث عن شركات الدولة”. وقال المصدر: “إذا كانت تصريحات ساويرس قد أغضبت الدولة فعلاً، فمن المؤكد أن وسائل الإعلام التي يتبع معظمها جهاز الاستخبارات العامة، كانت ستشن هجوماً عليه، وهو ما لم يحدث إلا في أضيق الحدود، من خلال المذيعين نشأت الديهي وأحمد موسى فقط”.

وأوضح المصدر أنه على الرغم من أن تصريحاته تبدو وكأنها هجوم على الجيش، لكن ساويرس أشاد بالحكومة بقوله إن “الاقتصاد تلقى دفعاً أخيراً بسبب الإنفاق الحكومي على البنية التحتية مثل الطرق الجديدة والعاصمة الجديدة، وهو الكلام ذاته الذي قاله رجل الأعمال ياسين منصور خلال لقاء أجراه مع الإعلامية لميس الحديدي على قناة “أون” المملوكة للاستخبارات العامة، مساء أول من الثلاثاء، عندما سألته وقالت نصاً: “عاوزين نحكي قصة الشراكة بين القطاع الدولة والقطاع الخاص، حيث إن الأولى توفر البنية التحتية بكافة الاستثمارات الضخمة، ليأتي القطاع الخاص كشريك مهم قادر بالعلم والخبرة للمشاركة في إقامة هذه المدن”. وردّ منصور، رئيس مجلس إدارة شركة “بالم هليز”، بأنه “لا يمكن تحقيق التنمية، دون بنية تحتية تقيمها الدولة وهو نفس كلام ساويرس تقريباً”، بحسب المصدر.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here