قضاة مصر… شكاوى من تدهور الأوضاع المالية

5
قضاة مصر... شكاوى من تدهور الأوضاع المالية
قضاة مصر... شكاوى من تدهور الأوضاع المالية

أفريقيا برس – مصر. تفرض الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها مصر، جدلاً بين السياسيين، كيانات وأفراداً، يمتد ليشمل شرائح جديدة ذات طبيعة حساسة، في مقدمتها وظائف القضاء. وهو ما استدعى تدخّل جهات تنفيذية لإعداد تصور لمعالجة هذه الأزمة ومنع تفاقم تأثيراتها في ظل أجواء سياسية واجتماعية مشحونة.

خطاب محمد عبد المحسن

وحصلت مصادر اعلامية على خطاب، أُرسل من رئيس نادي قضاة مصر المستشار محمد عبد المحسن، إلى رئيس محكمة النقض، رئيس المجلس الأعلى للقضاء السابق، المستشار محمد عيد محجوب، في أواخر أيام عمل الأخير في منصبه، قبل تقاعده الأحد الماضي لبلوغه السن القانونية، وصدور قرار جمهوري بتعيين المستشار حسني عبد اللطيف بدلاً منه.

وجاء في الخطاب أن القضاة “يعانون اقتصادياً”، ودعا إلى “ضرورة بحث الظروف الاقتصادية للقضاة، بعد تدهورها”. ورصد خطاب رئيس النادي “أزمات مالية وحالات إنسانية حرجة تعرّض لها بعض القضاة، نتيجة الظروف الاقتصادية الطاحنة التي تمر بها الدولة المصرية”.

وذكر البيان أنه “في ظل الظروف الاقتصادية التي يمر بها الوطن والعالم أجمع، ولأن القضاة يجب أن تتوافر لهم سبل الحياة الكريمة التي تعينهم على أداء رسالتهم في تحقيق العدالة الناجزة المنصفة، ومن باب أولى ألا ينتقص من حقوقهم المالية، الأمر الذي نناشد معه مجلسنا بضرورة العمل على زيادة بدل الانتقال المقرر للقضاة والذي يقدر بمبلغ 90 جنيهاً (نحو 2.9 دولار) لأعلى الدرجات وفقاً للثابت بمفردات مرتباتهم”.

وتابع عبد المحسن في خطابه مبرراً مطلبه: “تأتي مشروعية هذا الطلب بل حتميته، لعدم زيادة هذا البدل منذ آخر تعديل بقرار جمهوري عام 1985، وتماشياً مع سياسة الدولة العادلة مع الموظفين المنتدبين للعمل بالعاصمة الإدارية بمنحهم مبلغ 2000 جنيه (64.75 دولاراً) كحد أدنى بدل انتقال، فما بالنا بقضاة مصر الذين يجوبون أرجاء الوطن لأداء عملهم في ظل عدم تطبيق قاعدة التوطين”.

والغريب أن شكوى نادي القضاة، تأتي في الوقت الذي حصلت فيه مصادر اعلامية على وثائق رسمية رصد من خلالها ومن خلال مصادر قضائية بارزة، إقرار سلسلة من الزيادات في الرواتب والمكافآت المختلفة للقضاة في مصر، بدأت من عام 2014 مع تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي حكم البلاد، عقب الانتخابات التي أجريت في هذا العام.

وكشف مصدر قضائي بارز، أن “الزيادات والمكافآت المالية منذ هذا التاريخ، أي خلال 8 سنوات، كلفت ميزانية الدولة أكثر من 22 مليار جنيه (نحو 710 ملايين دولار)، وحدثت زيادات كبيرة ومضاعفة للمرتبات، حيث تمت زيادتها 6 مرات خلال السنوات الثماني الماضية، بخلاف صرف مكافآت مالية اعتيادية وتحت بند (جهود غير عادية) سنوياً”.

وحصل القضاة في مصر في عام 2014، على 3 مكافآت استثنائية، أحدها تحت بند “جهود غير عادية”، بخلاف المكافآت الاعتيادية الأخرى في المناسبات والأعياد المختلفة. وأكد القاضي السابق محمد سليمان، أن مضمون بيان نادي القضاة حول الأوضاع المتدهورة للقضاة غير صحيح، مشيراً إلى أنه في عهد السيسي حدثت زيادات متلاحقة ومتضاعفة في سنوات قليلة.

وأوضح سليمان أنه بالنسبة للمكافآت الاعتيادية التي تصرف للقضاة بشكل دوري في المناسبات كانت في أواخر عهد الرئيس الراحل حسني مبارك، قيمتها ألفا جنيه (75 دولاراً)، ومع بداية عهد السيسي قام بمضاعفتها إلى 4 آلاف جنيه (129.5 دولاراً)، وتم مضاعفتها مجدداً إلى 6 آلاف جنيه (194.3 دولاراً)، ثم زيادتها في نهاية عام 2020 إلى 8 آلاف جنيه (259 دولاراً)، ثم زادت أخيرا لتصل تقريباً إلى 10 آلاف جنيه (323.7 دولاراً).

من جهته، قال قاض شغل سابقاً منصب عضو مجلس إدارة نادي مجلس الدولة، إن القضاة “يعانون كثيراً من الشائعات التي تتحدث عن أنهم يحصلون على رواتب فلكية، لكنهم في النهاية يحصلون على رواتب أقل من موظفين كثر في الدولة، رغم أن الأصل أن يحصل القاضي على راتب لا يجعله في حاجة إلى أي دخل آخر”.

القاضي يعاني من الأزمات الاقتصادية

وأضاف القاضي: “لا يستطيع القاضي التجارة ولا المشاركة ولا يستطيع أن يمتهن مهنة أخرى غير القضاء طالما هو في وظيفته، وبالتالي يجب أن يحصل القاضي على ما يكفيه ويكفي أسرته، وهو في النهاية مثله مثل باقي المصريين يعاني من الأزمات الاقتصادية، وإن كان من حق المواطن العمل بشكل إضافي أو حتى الاستدانة من صديق، فالقاضي لا يستطيع فعل ذلك فهو من المفترض أن يبتعد عن أي شبهة قد تؤثر على أحكامه”.

وأكد القاضي أن “مطالب زيادة الرواتب عادلة، وهذا لا يمنع من أن تعدل رواتب باقي الموظفين في الدولة”. بدوره، رأى المحامي بالمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، مالك عدلي، إن “مطلب زيادة الرواتب والبدلات، مطلب إنساني وعادل، خصوصاً للموظفين أصحاب الدخول الثابتة”.

ولفت إلى أن الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها الدولة حالياً وانخفاض قيمة العملة، كان له تأثير على الجميع بمن فيهم القضاة أيضاً، فالطبيعي أن يطالبوا بزيادة البدلات والرواتب، خصوصاً أن القضاة من المفترض أنهم من الوظائف ذات الطبيعة الخاصة، فهم لا يستطيعون تحسين دخولهم بعمل إضافي مثلاً، وكذلك هم ملتزمون بسلوكيات معينة تصل إلى شكل الزي الواجب عليهم ارتداؤه”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here