الأزمة الليبية بين تطلعات الداخل و رغبات الخارج

99

بقلم : إدريس إحميد

أفريقيا برسليبيا. بعد سلسلة من اللقاءات والحوارات بين الاطراف الليبية في أبو زنيقة وتونس وجنيف، ولدت حكومة الوحدة الوطنية والمجلس الرئاسي والتي اختارها ملتقي الحوار السياسي الليبي في 5 فبراير 2021، بعد حصولها على 39 صوتا.
ونالت الحكومة الثقة من مجلس النواب بأغلبية 132 صوتا في 10 مارس 2021. وتشكلت الحكومة من نائبين لرئيس الوزراء و27 حقيبة وزارية، حيث قال رئيس الحكومة الدبيبة بأنه اختار حقيبة واحدة اما البقية فاختارها على أساس المحاصصة حتى تنال الثقة.
وقد حدد الاتفاق السياسي للحكومة النقاط التالية:
– الاعداد للانتخابات الرئاسية والبرلمانية في 24-12-2021
– توحيد المؤسسة العسكرية واخراج المرتزقة والقوات الاجنبية والتشكيلات المسلحة.
– العمل على تحقيق المصالحة الوطنية.
– اتخاذ اجراءات ومعالجات اقتصادية سريعة وتقديم الخدمات الصحية.
– توحيد الوزارات والمؤسسات والقطاعات الحكومية.

وقد كان لتشكيل الحكومة مبعث الآمال لدى الليبيين بعد سنوات من الانقسام السياسي والصراعات المسلحة والفوضى وانهيار الأمني والمؤسساتي.

وبعد مرور 100 يوم تواجه حكومة الوحدة الوطنية صعوبات في الايفاء بتعهداتها ، في أهم الملفات فلم تتمكن من اخراج المرتزقة، على الرغم من الزيارات التي قام بها رئيس الحكومة إلى تركيا وروسيا وايطاليا وفرنسا ، وفي ظل المطالبات الدولية من الامم المتحدة وقرارات مؤتمر برلين 1 ودعوات مجلس الامن ، والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي ، ويبدو بأن هذا الملف سوف يؤجل لما بعد الانتخابات المزمع اقامتها في موعدها ، ناهيك عن التشكيلات المسلحة المنتشرة داخل العاصمة ، والتي تعد تهديدا مباشرا للحكومة ومؤسساتها.

لازالت الحكومة في انتظار الميزانية العامة والتي قُدمت لمجلس النواب في 20 مارس 2021 وقدرها 96 مليار دينار ليبي (21.38 مليار دولار)، وهي الأضخم في تاريخ الحكومات الليبية. وتم رفضها واعيدت للحكومة للتعديل والتي قامت بدورها بإجراءات تعديلات وقدمت الاسبوع الماضي، لكن اقرارها يواجه خلافات بين النواب، وتباينت الآراء بخصوص اقرارها، حيث يربط البعض بين اعتمادها بالمناصب السيادية والتي يختلف عليها المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب في إطار المحاصصات والمصالح الشخصية والجهوية والحزبية، ويحدث ذلك والشعب ينتظر حلحلة مشاكله وتحسين الخدمات وزيادة المرتبات بعد سنوات من المعاناة.

في المقابل يرى البعض بأن اقرار الميزانية بهذه القيمة لحكومة مؤقتة ولم يتبقى من عمرها الا ستة أشهر، أمر يثير الشكوك وكيفية التصرف فيها في ظل الفساد المنتشر في البلاد.

أما فيما يتعلق بالانتخابات فقد برزت خلافات بين اعضاء الملتقى السياسي المكلف بوضع قاعدة دستورية للعملية الانتخابية ، حيث اقترح البعض ضرورة الاستفتاء على الدستور قبل اجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية ، والذي رأى فيه البعض محاولة لتعطيل اجراء الانتخابات من قبل مجلس النواب ومجلس الدولة للاستمرار في السلطة ، وبأن أحد الاطراف الذي عبر عن رفضه اجراء الانتخابات الرئاسية بانتخاب الرئيس من الشعب مباشر، بل يتم داخل مجلس النواب ويعتقد البعض بأن ذلك هو التفاف وتمرد على الاتفاق السياسي الذي نص على اجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في موعدها ، بينما طالبت الغالبية العظمى من الليبيين بضرورة التمسك باجراء الانتخابات في موعدها وعبر الاقتراع المباشر من الشعب.

وتساءل البعض من النشطاء السياسيين عن دواعي الحديث عن الدستور والذي اُحيل للهيئة العليا للانتخابات في 2007، ولماذا لم يقوم مجلس الدولة بالمصادقة عليه الا قبيل انعقاد ملتقى الحوار السياسي لوضع القاعدة الدستورية.

وقد دعت الامم المتحدة والقوى الكبرى الى ضرورة الالتزام باجراء الانتخابات في موعدها، وتهيئة الاجواء بما فيها اخراج المرتزقة والقوات الاجنبية من البلاد، وهذا يعتمد على جدية هذا الدعوات والقرارات بالخصوص.

وفي انتظار انعقاد مؤتمر برلين 2 بتاريخ 23 يونيو 2021، وما ينتج عنه من قرارات بعد اللقاءات التي تمت بين الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون والرئيس التركي رجب طيب اردوغان، والمبادرة الفرنسية لإخراج المرتزقة من ليبيا والتي قدمها ماكرون للرئيس الأمريكي جو بادين، وتم تناولها في قمة السبع وقمة الناتو وأخيرا في لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأمريكي.

ويتحمل الليبيون وحدهم مسؤولية ما حدث في البلاد طيلة السنوات العشر من انقسام واقتتال، ولعلهم استوعبوا اللعبة الدولية وطبيعة التدخلات والمصالح الدولية والتي تتقاطع مع المصلحة الوطنية.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here