“ترامب: مصر من حقها تدمير سد النهضة!”

3
"ترامب: مصر من حقها تدمير سد النهضة!"

محمود علام

أفريقيا برس – السودان. في عز ما الدنيا بتولع حوالينا دلوقتي، من حرب أوكرانيا لاشتعال الشرق الأوسط وأزمات وحروب الاقتصاد العالمي، فجأة ترامب طلع في مؤتمر رسمي واتكلم عن سد النهضة وكأن ده الملف الأخطر في العالم حاليًا…

وقدام الكاميرات وشاشات الإعلام، قال تصريحات غريبة ممكن للوهلة الأولى متفهمهاش.. قال ان أمريكا “غلطت” انها مولت سد النهضة، وان مصر “عندها كل الحق لتدميره إذا شاءت”!

طب ازاي التصريحات بتتغير بالشكل ده، وليه دلوقتي بالذات؟!

الحقيقة يا صديقي أبعد كتير من ما انت متخيل، والحكاية أكبر بكتير من مجرد السد… عشان اللي الإدارة الأمريكية بتهدف له دلوقتي، هو تهديد مصر ومساومتها عشان تقبل بأخطر صفقات في تاريخ الأمن القومي المصري على الإطلاق… تعالى بقى معايا نستعرض تفاصيل اللي حصل في آخر 48 ساعة، ونشوف القصة رايحة على فين..

مبدئيًا كده وعشان تبقى فاهم، سد النهضة النهاردة مش هو نفس السد اللي كنا بنتكلم عنه من عشر سنين… الوضع حاليًا مختلف تمامًا، ومرحلة الخطر اللي كانت مخوفنا خلصت من زمان…

طب ازاي؟!

السبب هو ان السد اتملى خلاص بالفعل، وعملية الملء دي تمت في أثناء وقت كان فيه النيل في مرحلة فيضان كبير وغير متوقع… ونتيجة ده ان حتى بعد ما السد اتملى، حصة مصر المائية وصلت كاملة بل وزادت لدرجة إن الزيادة تم توجيهها لمفيض توشكى اللي وصل قدر المية المتخزن جواه لمرحلة غير مسبوقة…

السد دلوقتي وصل للسعة القصوى بتاعته تقريبًا… ومبقوش عارفين يحطوا فيه أي نقطة زيادة، عشان المية هتعدي من فوق جسم السد وتنزل في مجراها بردو، وده ساعتها هيهدد سلامته… يعني مرحلة الملء اللي كانت فيها المشاكل والخلاف كله خلصت خلاص..

طيب انا بقولك ده كله ليه؟!

بقولك ده عشان تبقى فاهم ان خلاص سد النهضة مبقاش نقطة تهديد لمصر زي ما كان قبل كده… يعني خلاص مبقاش حد يقدر يستعمله كورقة ضغط ضدنا، لإننا خلاص عبرنا منطقة الخطر المحقق…

طب هل ده معناه ان السد مبقاش خطر خالص؟

لأ طبعًا… السد ما زال بيشكل خطر على مصر وعلى السودان، وخصوصًا لو في أي وقت إثيوبيا فتحت ممرات السد في فترة فيضان مثلًا، بدون تنسيق مسبق مع مصر والسودان..

في حالة زي دي الضرر هيكون محدود على مصر لإن بالفعل في مشروعات هقدر تستوعب القدر الضخم من المية ده زي مفيض توشكى وقناطر أسيوط الجديدة وسحارات السرابيوم وغيرهم… لكن في حالة السودان، هتكون كارثة حقيقة هتتسبب في غرق البلد كلها تقريبا، وهتتسبب في مئات الآلاف من الضحايا..

طيب.. يبقى القصة هنا مبقتش خلاص في خطر الجفاف أو العطش… القصة بقت في فكرة إدارة السد نفسه والتنسيق فيها عشان متحصلش مشكلة كبيرة… لكن مرحلة الخطر الفوري انتهت خلاص…

وهنا بقى، تدخل تصريحات ترامب في الصورة..

الحقيقة والمفاجأة اللي كلنا كنا عارفينها بس مكانتش مثبتة رسميًا قبل كده، هي ان أمريكا نفسها هي اللي مولد سد النهضة بشكل غير مباشر… وده حسب كلام ترامب نفسه مش كلامي أنا..

والكلام اللي هو قاله ده جاي في سياق انه قال أيه “شايف ان تمويل السد كان خطأ”، وان مصر من حقها تضربه، وانه عايز يوصل لعمل “اتفاق” بين مصر وإثيوبيا على حق مشاركة مصر في الإدارة..

الكلام للوهلة الأولى ممكن يبانلك كويس.. الراجل عداه العيب يعني وعايز يصلح غلطته ويعمل خير وسلام بين البلدين… بس اللي انت مش واخد بالك منه بقى، هو ان الكلام ده مش بيحصل دلوقتي بالذات لمجرد لله والوطن كده…

لأ خالص…

ترامب دلوقتي بيحاول يساوم مصر على انه يضغط على إثيوبيا ويخليها توقع على اتفاق قانوني يخدم المصالح المصرية… بس المقابل كبير وغالي أوي…

اللي هو عايزه، وأكيد انت خمنته دلوقتي، هو ان مصر تغيّر شوية حاجات في سياستها… أولها هو موضوع التسليح الصيني الكتير اللي بتشتريه حاليًا، وكمان مشاركتنا في مجموعة البريكس اللي بتهدف لإسقاط النظام المالي والتجاري العالمي اللي صنعته أمريكا، واستبدال الدولار بالعملات المحلية للدول الأعضاء!

طب هل ده كل اللي هو عايزه؟!

لأ طبعًا.. ده اللي فات ده هو الحاجات الصغيرة… التقيل بقى وأهم حاجة بالنسباله في الموضوع، ومش بعيد يكون سبب استثمار أمريكا من الأول في السد، هو انهم كانوا عايزين يستغلوه كورقة تفاوض في الوقت اللي احنا فيه دلوقتي بالذات…

ليه؟!

عشان يستغله في تغيير موقف مصر من غزة ورفضها تهجير الفلسطينيين، ويجبرها على الانضمام لحلف إبراهام الجديد اللي بتخططله اسرائيل لإعادة تقسيم الشرق الأوسط مرة تانية، وعمل اتفاقيات تطبيع شامل مع كامل دول المنطقة العربية، واحتلال كامل مساحة فلسطين وطرد الفلسطينيين..

يعني مش ابتزاز مباشر… هو عايز دلوقتي يجيب الموضوع في صورة مساومة مكشوفة.. بما إن الضغط المباشر مش جايب نتيجة معانا، فبيجرب أسلوب “الصفقة الشاملة”… أديكم اللي انتوا عايزينه وتتنازلوا لي في الملفات اللي انا عايزها…

غهمت بقى القصة كلها فين؟! الموضوع كله من البداية كان متخطط لوضعك في موقف ضعف ومحاصرتك بخطر يهدد أمنك القومي.. ف لما انت اتحملت وعديت منها، الموضوع اتقلب لمساومة.. ومين عارف، جايز يكون بيراوغ عشان عايز يبينلك انه موافق ومؤيد انك تضرب السد، عشان لما تضربه يطبق عليك عقوبات اقتصادية تركعك تمامًا…

طيب مصر عملت ايه؟!

مصر معملتش أي حاجة… احنا ساكتين تمامًا وسايبين الكورة في ملعبه.. مش انت عايز تحل؟! تعالى يا باشا حل…

اللي انت متعرفوش هو ان ترامب في الفترة الأخيرة مهووس بفكرة انه نفسه يفوز بجايزة نوبل للسلام.. وعشان كده بيحاول يعمل كل الحركات دي، زي انه يعمل اتفاقية وقف اطلاق نار بين إيران واسرائيل، أو يدعي انه عمل هدنة بين الهند وباكستان رغم نفي الهند، أو حتى يحاول ينهي حرب أوكرانيا أو يعمل هدنة بين اسرائيل والمقاومة…

اللي هو بيعمله مع مصر ده مؤشر تاني انه عايز يوصل للهدف اللي في دماغه ده.. وعشان كده في بيان للرئيس الصبح اتكلم على اننا مؤيدين للحلول وبنسعى ليها، وان مصر “تثق في رؤية الرئيس ترامب للحل”… ورمينا الكورة ف ملعبه…

طب يعني ملخص الكلام ده كله أيه؟!

مصر النهاردة في قضية السد مبقتش في موقف الدفاع ولا في لحظة ضعف، وخلاص السد ما بقاش خطر ولا ورقة ابتزاز… وبعد ما كانوا مستنيين اننا نتورط وندخل في حرب برا حدودنا عشان يعملوا علينا كماشة، لقونا النهارده متورطناش في أي حاجة..

ودي طبعًا مشكلة كبيرة وعائق ضخم قدام خطة التهجير بالذات، اللي هي أهم حاجة بالنسبالهم دلوقتي، وأهم حتى من الجوانب الاقتصادية التانية بتاعت البريكس…

فيا ترى ايه اللي هيحصل في الملف ده بعد التطورات دي؟ وهل ممكن فعلا نضطر للدخول في حرب بره حدودنا؟!

الله أعلم.. الزمن لوحده هو القادر على الإجابة.

محمود علام

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here