اللاجئون في السودان .. مخاوف التأثيرات الديمغرافية

47

بقلم/ خالد الفكى

أفريقيا برسالسودان. دون شك أن السودان يعتبر قلب أفريقيا النابض، فهذا البلد ومنذ نحو نصف قرن يشهد تدفقات كبيرة من اللاجئين من كافة دول أفريقيا دون إستثناء ليصل العدد وفقاً لاحصاءات معتمدية اللاجئين لنحو 2 مليون لاجئ، وربما هذا العدد يبعث المخاوف بشأن جملة تأثيرات تبدأ بالثقافات الوافدة والتعقيدات الديمغرافية المحتملة والإنعكاسات على الأمن القومي، وحتما كل هذا ينسحب على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في البلاد.

معلومات مهمة

بشير شاتين، مدير إدارة الولايات بمعتمدية اللاجئين

مدير إدارة الولايات بمعتمدية اللاجئين، بشير شاتين، أبلغ “أفريقيا برس”، أن حجم اللاجئين في السودان يصل لنحو 2 مليون، وأبرز مناطق تواجدهم في ولايات النيل الأبيض وكردفان ودارفور حيث التدفقات من قبل اللاجئين من دولة جنوب السودان. وكشف شاتين أن هناك لاجئين من دولة إريتريا جاءوا للسودان منذ نحو 50 عام، عددهم 300 ألف، كما أن المعتمدية تستقبل أعداد أخرى حيث أن هؤلاء منتشرين في ولايات الشرق.

ودعا السودان المجتمع الدولي للمساهمة في تقديم الخدمات التي تعين في استضافة الأعداد الكبيرة من اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين والذين يتقاسمون الموارد الشحيحة والخدمات مع المجتمعات المستضيفة.

وأضاف شاتين أن السودان يشهد منذ نوفمبر من العام الماضي تدفقات كبيرة من قبل الأثيوبين بسبب الصراع في إقليم تغراي ليصل عدد اللاجئين نحو 100 ألف. وقال لـ “أفريقيا برس”، هناك تدفقات جديدة بولاية النيل الأزرق بنحو 8 آلاف لاجئ، وفي باسندة في ولاية القضارف بنحو 1500 لاجئ، كاشفاً عن تقديم 120 من قوات حفظ السلام في منطقة أبيي بجنوب السودان لطلبات لجوء بينها 14 إمرأة.

ويشهد السودان تدفقات خاصة من ولايتي الوحدة وأعالي النيل المتاخمتين للحدود بعد اتساع دائرة القتال بجنوب السودان بعد اندلاعها في العاصمة جوبا بين الفرقاء هناك. وأضاف “تم تحويلهم لمعسكر للنظر في أمرهم ، كما نتوقع تقديم طلبات من أثيوبين آخرين مازالوا تحت قوات قوات حفظ السلام بأبيي”.

وأكد أن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين تقوم بمهام إستقطاب الدعم من المنظمات العالمية وهي التي تشرف على الخدمات، مشيراً لوجود منظمات وطنية تعمل في مجال الإغاثة والدعم كذلك.

وأفاد مدير إدارة الولايات بمعتمدية اللاجئين، بشير شاتين، بأن الدعم المقدم حالياً من قبل المنظمات الدولية والإقليمية لا يتجاوز الـ 30%، مؤكداً بأن الفاقد نحو 70% ، مناشد المنظمات بضرورة تقديم الدعم والسند لهؤلاء اللاجئين.

ووفقاً للمفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، فإن نحو 97.127 لاجئًا يعيشون في 9 مخيمات في شرق السودان. كما حذرت المفوضية من أن يؤدي تسرب 63 بالمئة من اللاجئين بشرق السودان لعمليات استغلال من قبل المهربين وتجار البشر، من جراء تسربهم من معسكرات اللجوء.

ظروف حرجة

محمد الحسن كبوشية، صحفي مهتم بقضايا القرن الأفريقي وشؤون اللاجئين

الصحفي المهتم بقضايا القرن الأفريقي، وشؤون اللاجئين، محمد حسن كبوشية، يقول أن هؤلاء اللاجئين، يعيشون ظروف معقدة وأوضاع نفسية قاسية، بحسبان أن اللجوء ليس خيارهم بل هم مرغمون. وأضاف” أعتقد أن البعض ترك ذويه وماله”. وفي معسكر الهشابة لتجميع اللاجئين الاثيوبين الفارين من الحرب ببلادهم على الحدود بولاية القضارف، هناك سيدة مازالت تنادي على زوجها وطفلها.

ونوه كبوشية خلال حديثه لـ “أفريقيا برس”، لإستمرار مُعاناة اللاجئين في المناطق الحدودية بالقلابات وحمدايت أو مناطق بولاية النيل الازرق، مُضيفاً “هناك مخيمات دائمة وأخرى مؤقتة تسمى بمخيمات الانتظار”. ووفقاً لمعلومات “أفريقيا برس”، فإن الداعمين يقف على رأسهم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين ومنظمة كوبي الإيطالية،  والمجلس النرويجي للاجئين والاتحاد الأوروبي، بجانب منظمات أخرى بينها وطنية.

وأوضح أن معظم الدعم المقدم يأتي من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، ولكنه لا يفي بالغرض مما يجعل لاجئين يبيعون المواد الايوائية المقدمة إليهم بالاسواق المحلية القريبة للمعسكرات لتوفير طلباتهم. وتابع “عدد اللاجئين الفارين من تداعيات حرب إقليم تغراي يتجاوز الـ100 ألف والعدد مرشح للزيادة مع تصاعد الاحداث بين جبهة تحرير شعب تغراي وحكومة آبي أحمد”.

وشدد كبوشية بأن تدفقات اللاجئين تلقي بظلال سالبة على الأوضاع الاقتصادية في السودان وخاصة مناطق اللجوء على سبيل المثال شرق السودان، لافتا إلى اقتسام هؤلاء اللاجئين للمواد الغذائية للمواطنيين الأصليين. وأوضح أن المنظمات العاملة في الغوث تلجأ للأسواق المحلية لتبيلة طلبات اللاجئين الغذائية والايوائية مما يؤثر على أسعار السلع ويلقي بتأثيرات على المواطن.

وكشف كبوشية أن المعسكرات الحالية غير مؤهلة ومناسبة للاجئين لافتقارهم لأبسط المقومات مما جعل الكثيرين يتسربون لداخل المدن بحثا عن وظائف لكسب العيش. وحذر من تداعيات إجتماعية تشمل تداخل الثقافات وذيوع “الدعارة وجرائم غير معروفة للمجتمع السوداني”، بجانب تداعيات صحية من بينها انتشار أمراض الايدز و فيروس كورونا.

بالمقابل المحلل السياسي شوقي عبد العظيم، يرى أن زيادة أعداد اللاجئين الإثيوبيين تشكل عبئًا كبيرًا على السودان، لكون أن حجم اللاجئين لم يعد في طاقة وامكانيات السودان. وأشار بأن السودان يعيش ظروف إنتقالية بعد الثورة وعدم إستقرار في الأوضاع الاقتصادية.

الهوية الوطنية

ربما خلال فترات سابقة تنادت أصوات بضرورة حسم ملف منح الجنسية السودانية بالتجنس والتشديد في إجراءاتها، بل شكك البعض في الهوية الوطنية لبعض المسؤولين الذين شغلوا مواقع دستورية. دون شك هناك تعقيدات تتعلق بالتغييرات الديمغرافية المحتملة للتدفقات من دول الجوار على السودان.

الدكتور عباس محمد صالح، باحث ومحلل سياسي

ويرى عباس محمد صالح، الباحث والمحلل سياسي، أن الآثار الاجتماعية المتعلقة بالهوية الوطنية والتماسك الاجتماعي، وكذلك الظواهر والممارسات الدخيلة تعتبر أقل خطورة مقارنة مع الآثار السياسية. صالح يوضح لـ’’ أفريقيا برس’’، أن السودان محاط ببلدان هشة وتعاني من عدم استقرار مزمن، كما أن حدود البلاد غير مسيطر عليها بشكل كبير. وأردف بالقول” بالتالي إحتمالات تسلل مجموعات إرهابية أو نشاط الشبكات الإجرامية العابرة للحدود يبقي أمراً مُحتملاً إلى حد كبير.

وأشار إلى أنه رغم أن الهجرة تعتبر تحدياً عالميا، ولكنه في حالة السودان يكون تحدي مركب؛ ذلك لغياب استراتيجية وطنية مُحدثة تواكب تطورات هذه الظاهرة، وضعف أجهزة الدولة، خاصة المعنية بالتعامل مع هذه الظاهرة أيضا.

هذا وشككت بعض القبائل خلال الفترة الاخيرة في الهوية الوطنية لأفراد ومجموعات سكانية تقول أنها وافدة من دول الجوار وتنفذ أجندات ضد مصلحة السودان.

الدكتور محمد ميرغني نايل، عضو مجلس إدارة التحالف الدولي للسلام وحقوق الإنسان

بالمقابل عضو مجلس إدارة التحالف الدولي للسلام وحقوق الإنسان، الدكتور محمد ميرغني نايل، يقول للاجئين الحق مثل كافة الأفراد في التمتع بالمستوى المعيشي الكافي بما في ذلك الغذاء الكافي والمأوى المناسب بالإضافة إلى الصحة البدنية والنفسية.

ويرى نايل خلال حديثه لـ ’’ افريقيا برس’’، أن الاحتياج الأساسي للاجئين هو السلامة والعيش في أمان. وأضاف” أول التزام على الدول بموجب الاتفاقية الخاصة باللاجئين هو عدم طردهم أو ردهم الى بلدان قد يتعرضون فيها لخطر، ويوصف وضع اللجوء  بأنه بديل دولي للحماية.ويعتقد أن الخطر الأكبر الذي يواجه اللاجئ الآليات القانونية المعقدة لطلب وضع اللجوء والحصول على حقوقه.

الدكتور أمين إسماعيل مجذوب، خبير في المجالات الإستراتيجية والأمنية

التدفقات الكبيرة للاجئين على السودان، يراها الخبير في المجالات الإستراتيجية والأمنية، الدكتور أمين إسماعيل مجذوب، بأن غير جديدة حيث شهد السودان خلال سبعينات القرن الماضي موجة غير مسبوقة من اللاجئين من شرق وغرب أفريقيا. ويلفت إسماعيل خلال حديثه لـ ’’ أفريقيا برس’’ لخطورة التأثيرات الديمغرافية للاجئين من خلال الاندماج في المجتمع المحلي مما يحدث خلل في التركيبة السكانية. وتابع “طبعا بعد فترة يمكنهم الحصول على الجنسية السودانية ليحق لهم مايحق للسودانيين.. وهنا ربما تكون هناك أجندات خفية لهم تتعلق بتهديدات للأمن القومي”.
وأضاف” هناك خلافات حول أصول وهويات بعض السياسين وربما تكون مشاركة في الانتخابات لنجد في مؤسسات الدولة من هم مجنسين وأصحاب أصول غير سودانية”.

وحذر الخبير في المجالات الإستراتيجية والأمنية، من تداعيات سالبة تتعلق بنشر جرائم غسل الأموال وتزييف العملة وتجارة السلاح والإتجار بالبشر، مما يضرب الأمن الاستراتيجي السوداني. ولم يتردد إسماعيل من القول أن هناك مخاوف حقيقة من تغول هؤلاء اللاجئين في المجتمع وتسربهم للعمل في منازل ربما تكون لمسؤولين مما يفتح الباب أمام شبكات التجسس والعمالة وسرق ملفات إستراتيجية تهدد الأمن السوداني القومي.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here