داعش.. خطر يهدد السودان

108

بقلم : أحمد جبارة

أفريقيا برسالسودان. بينما كانت الخرطوم تراقب السجال والاتهامات المتبادلة بين المكون العسكري والمدني، أهتزت الساحة السودانية بخبر صادم يحمل في طياته “سقوط خمسة ضباط من جهاز المخابرات العامة برصاص داعش جنوب الخرطوم” ومع سقوط الضباط ضحايا الخلايا الارهابية ، تبرز أسئلة عريضة، بشأن وجود داعش في السودان؟ لماذا وكيف ومتى تسلل هذا التنظيم الى السودان؟

اهتمام متصاعد

مراقبون وأكاديميون، أشاروا إلى إن تنظيم “داعش” أصبح يعطي اهتماماً متزايداً في السودان عقب سقوط نظام البشير؛ مستدلين بحديث أبوبكر البغدادي، أمير التنظيم السابق، والذي أعتبر السودان ساحة معركة مستقبلية لهم، كذلك نقلت بعض التقارير عن مؤسسة الوفاء الموالية للتنظيم رسالة له عبر موقع التليجرام جاءت تحت عنوان “نداء إلى أهل السودان من الداخل منها وإليها”؛ دعت فيها أنصار التنظيم إلى اغتنام الفرصة لإقامة “الدولة الإسلامية” في شرق أفريقيا، وسرعان ماعمل التنظيم على إقامة ما أسماه “إمارة الحبشة”، التي تضم السودان وارتريا وكينيا.

تحذير أمريكي

على صعيد متصل، أشار تقرير الخارجية الأمريكية عام 2019 إلى وجود التنظيم في السودان وحذّر من تمدُّد نشاطه، كما رصد محاولاته تنفيذ عمليات إرهابية؛ لاسيما بعد طعن داعشي لضابط شرطة سوداني كان يحرس السفارة الأمريكية في يناير 2018، وإنقاذ امرأة شابة بعد تجنيدها من قبل داعش في يونيو 2018.

تغلغل الجماعات

عبده مختار ، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة أمدرمان الاسلامية

يقول أستاذ العلاقات الدولية بجامعة أمدرمان الاسلامية، عبده مختار لـ”أفريقيا برس”: “على الأرجح أن تجد حركات التطرف والارهاب ملاذا آمنا في السودان بسبب حالة الهشاشة التي يعيشها في هذه الفترة الانتقالية التي انشغل فيها شريكا الحكم بالصراعات والاتهامات المتبادلة وأهملا أمن الدولة وأولويات الانتقال، إضافة إلى المكايدات من المكون العسكري والتي تركزت على اضعاف الحكومة المدنية من خلال الانفلات الأمني الذي يسبب الضرر للبلاد، أكثر من تحقيق أهدافه في إفشال حكومة حمدوك ويدفع المواطن الثمن”، وأضاف مختار: “مما يرجح تغلغل هذه الجماعات في السودان هو وجود حاضنة فكرية لها امتداد لما وفرته لهم حكومة البشير من “مأوى” ودعم وتسهيلات عبور لأنشطتهم الدعوية والفكرية والسياسية.

ممر عبور

الفاتح محجوب، أستاذ العلاقات الدولية

مدير مركز الراصد المهتم بالشؤون السياسية في السودان، الفاتح محجوب، يقول خلال حوار مع “أفريقيا برس” إن حركة داعش كان لها مناصرون كثر في معظم العالم الإسلامي وبما أن السودان وسوريا كانتا من الدول التي تسمح لمواطني الدول العربية بالدخول بدون تأشيرة خاصة للمصريين والفلسطينيين والخليجيين فقد كان السودان ممر عبور لكثير من عناصر داعش الذين كانوا يتجنبون تنفيذ اي عمليات في السودان.

وأضاف محجوب: “حتى الآن لم تتضح طبيعة نوايا تلك المجموعة الارهابية اتجاه السودان، وهل كانت فعلا تريد تنفيذ عمليات فيه ام تستخدمه ممر عبور كما السابق”، وأستدرك قائلا: “ولكن استشهاد خمسة من ضباط وجهاز الأمن والمخابرات غالبا سينعكس على تعامل جهاز المخابرات مع تلك الخلايا المتطرفة، فبدلا من مراقبتها وتبادل المعلومات مع أجهزة المخابرات الأخرى على اعتبارها مجموعات عابرة،غالبا سيكون تعامل جهاز المخابرات هذه المرة حاسما مع كل تلك الخلايا المتطرفة وقد يتم الإبعاد حتى في حالة الاشتباه فقط بدلا عن الاكتفاء بالمراقبة”.

توسع داعش 

طارق محمد عمر ، خبير أمني سوداني

من جهة أخرى يرى الخبير الأمني طارق محمد عمر، أن وجود الارهابيين في أي مكان له اسباب عديدة منها عقائدية وسياسية وأطماع اقتصادية وتوسعية وشهوات سلطانية، مشيرا إلى أن كل هذه الاسباب موجودة في السودان، معتبراً أن وجود داعش في السودان لايستبعد أن يمتد نفوذه، وتعليقا على مداهمة الضباط للخلية الارهابية في السودان قال طارق محمد عمر لـ”افريقيا برس”: “إن الكشف والتنقيب عن الجماعات الإرهابية من اختصاص الشرطة الجنائية بالتنسيق مع الشرطة الدولية “الإنتربول” مستدركا: “لكن المخابرات الامريكية المتزعمة لعمليات محاربة الحركات الاسلامية التي تصنفها إرهابية تجاوزت الشرطة وأرغمت أجهزة مخابرات معظم الدول على أقحام منسوبيها في المشاركة ضمن عمليات المكافحة”، مضيفا: ” من الواضح أن عمليات المكافحة تتطلب معلومات دقيقة وتفصيلية عن التنظيمات وعضويتها ومسرح عملياتها وتحركها وجهات تمويلها وتسليحها”، مؤكدا إنه  ليس من الحكمة ان تتولى مجموعة الضباط والافراد المكلفين بتعقب خلية معينة ومداهمة “وكرها” والقبض على المتهمين بسبب أن هذا الإجراء يتم عبر قوات خاصة مدربة ومؤهلة على حرب المدن واقتحام البنايات والتعامل مع المتفجرات.

أسباب داعش في السودان

العميد ياسر أحمد الخزين، الناطق الرسمي باسم قوات السلام السودانية

الباحث في شؤون الجماعات والتيارات “الجهادية” ياسر أحمد الخزين، أرجع وجود الخلايا الإرهابية في السودان، إلى ما ورد بالوثيقة الدستورية التي تم سحب الشريعة الإسلامية منها على اعتبارها كانت مصدراً من مصادر التشريع في السودان  وهو- بحسب الخزين – الامر الذي إتخذته الجماعات المتطرفة مدخلا وشرعنة لعملياتها الإنتحارية. وقال الخزين: “بحسب رؤيتي وإلمامي كباحث في شؤون الجماعات والتيارات الإسلامية في السودان، أرى أنه سيتم استقطاب المزيد من الشباب للانضمام إلى هذه الجماعات المتطرفة والإرهابية لاسيما في ظل غياب المرجعيات الإسلامية المعتدلة عن الساحة السياسية والدينية والحملة الشعواء التي تشن على رجال الدين تذرعا بجماعة الأخوان المسلمين أو النظام السابق، مما نأى بالكثير من الشباب عن دين الإسلام ووصل بالوصول لبعضهم مرحلة الإلحاد”.

الخزين وفي تصريحات لصحيفة “الجريدة” السودانية قال: “إن غياب المرجعيات الدينية الموثوق بها سيجعل شباب السودان عرضة للاستقطاب لتيار التطرف خاصة الذين لهم عاطفة دينية دون الحصانة العلمية والفقهية أو الإلحاد نظير ممارسات وسلوك بعضا ممن يزعمون تطبيق الشريعة الذين تخالف أفعالهم أقوالهم”.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here