«الحركة الإسلامية» في السودان تعارض تسليم البشير للجنائية الدولية

24
«الحركة الإسلامية» في السودان تعارض تسليم البشير للجنائية الدولية
«الحركة الإسلامية» في السودان تعارض تسليم البشير للجنائية الدولية

أفريقيا برسالسودان. أنهى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، زيارته للسودان، بعد أن عقد لقاءات مع أقطاب السلطة الانتقالية في مجلسي السيادة والوزراء، الذين أكدوا التعاون مع الجنائية.

وفيما أعلنت الخارجية عزم البلاد تسليم الرئيس السابق عمر البشير للمحكمة، أكد الأمين العام الحركة الإسلامية، علي كرتي (وزير الخارجية في عهد البشير) رفضه التام لهذه الخطوة.

وقال إنّ “اتجاه مجلس الوزراء لتسليم الرئيس السابق عمر البشير ورفاقه للمحكمة الجنائية الدولية، ما هو إلا سداد لفواتير العمالة، واستجابة لرغبات المنظمات المأجورة، واستحقار للقضاء السوداني، وتمزيق لما تبقى من ثوب الكرامة، وفتح باب المساءلة المبنية على أساس تسييس العدالة”.

«سدا منيعا»

وتابع في بيان أنّ الحركة الإسلامية “قد عاهدت على المضي قدما في الدفاع عن مكتسباتها وعضويتها”. وأكد أنها “ستبذل من أجل ذلك كل ما تملك، وستقف سداً منيعاً ضد قرارات حكومة النشطاء”.

وزاد أن “ما يُراد للسودان من قبل المجتمع الدولي ليس رفع العنت، وحل أزمة المعاش والاقتصاد ورد الحقوق والمظالم، بل المراد هو إذلال الشعب وانكساره ومعاقبة من يقف ضد مخططات الغرب وعملائه ويسعى لتحقيق العدالة والتنمية والاستقرار”.

وكانت وزيرة الخارجية السودانية، مريم الصادق المهدي، نقلت إلى مدعي الجنائية الدولية كريم أسد خان والوفد الذي يرافقه خلال اجتماع عقد الثلاثاء الماضي، تأكيدات بأن “مجلس الوزراء قرر تسليم المطلوبين إلى المحكمة الجنائية الدولية”.

وأوضحت أن قرار تسليم المطلوبين ومشروع قانون الانضمام لمعاهدة روما سيعرضان على الاجتماع المشترك لمجلسي السيادة والوزراء اللذين يعملان باعتبارهما برلمانا مؤقتا، للموافقة على القرار وإجازة القانون.

وأعلن خان، الخميس، توقيع مذكرة تفاهم جديدة مع حكومة السودان تشمل تسليم جميع الأفراد الذين أصدرت المحكمة أوامر بالقبض عليهم. جاء ذلك في مؤتمر صحافي عقده في مقر وزارة العدل في العاصمة الخرطوم.

وأضاف: “في مناقشاتي مع السلطات والمعنيين الآخرين طلبت من حكومة السودان مواصلة تعزيز تعاونها مع مكتبي، وشددت على ضرورة ذلك”.

وأردف: “في هذا الصدد طلبت من الحكومة الانتقالية خلال الزيارة (إلى السودان) التوقيع على مذكرة تفاهم جديدة مع مكتبي تشمل تسليم جميع الأفراد الذين أصدرت المحكمة أوامر بالقبض عليهم، ويسعدني أن أعلن أن المذكرة وقعت اليوم” .

وتابع: “نقل أي مشتبه به خطوة مهمة، ولكن ينبغي أن يسبقها ويرافقها تعاون موضوعي يتعزز باستمرار، وقد طلبت من السلطات أيضا أن تتيح الاطلاع على الأدلة فورا لما لها من أهمية حاسمة تكفل تكلل عملنا بالنجاح في قاعة المحكمة” .

وأشار إلى أنه قرر أن يتخذ فريقه في الخرطوم مقرا له “على أن يتفرغ لهذا العمل وأن يؤديه على نحو مستقل” .

وأعرب عن أمله بأن ” يتمكن هذا الفريق كذلك من العمل بالتعاون مع نظرائه السودانيين من أجل الدفاع عن حق المجني عليهم في دارفور في تحقيق العدالة” .

ودعا السودان إلى ” اغتنام هذه اللحظة الحاسمة لكي يبرهن أنه أنصت إلى صوت شعبه الذي يصبو إلى تحقيق العدالة”.

الاستعداد للتعاون

وكشف إعلام مجلس السيادة في بيانات رسمية عن لقاء خان مع رئيس المجلس عبد الفتاح البرهان، ونائبه الفريق محمد حمدان دقلو “حميدتي” الذي أبلغه، بشكل منفصل في مكتبه، بأن “اتفاقية جوبا للسلام أقرت مثول المطلوبين أمام المحكمة الجنائية”، وأكد له “استعداد السودان للتعاون مع المحكمة”، مشدداً على “ضرورة تحقيق العدالة بوصفها إحدى الركائز الأساسية التي قامت عليها ثورة ديسمبر”.

وقال خان، في تصريح صحافي، عقب لقائه البرهان، إنه أجرى “نقاشا مثمرا مع البرهان، أكد عبره مسؤوليته والتزامه بتحقيق العدالة”. وأشار إلى أن “البرهان تفهم تفويض خان الخاص بإجراء تحقيقات مستقلة حول جرائم إقليم دارفور”.

كما نقلت وكالة الأنباء السودانية عن خان قوله، عقب لقاء له مع عضوي مجلس السيادة، الطاهر حجر والهادي إدريس الموقعين على سلام جوبا / مسار دارفور إنه “مكلف، كمسؤول بالمحكمة الجنائية الدولية ووفقا للتفويض الممنوح له من مجلس الأمن الدولي، بإجراء تحقيقات مستقلة في الأحداث التي وقعت في دارفور”.

وتابع أن “هناك مذكرات توقيف، ومن مسؤوليته والمكتب الذي يقوده، مراجعة الأدلة والبراهين وإجراء تقييم حول كفاية هذه الأدلة”، مشيرا إلى أن ذلك “يتطلب تعاون ومساعدة السودانيين سواء في دارفور أو الخرطوم، حول كل الجرائم التي ارتكبت والمتمثلة في القتل الجماعي والجرائم ضد الإنسانية والجرائم الأخرى باعتبارها مسؤولية الجميع”.

واستدل خان بمعاني القرآن الكريم في تحريم قتل النفس التي تعد قتلاً للناس جميعا، وقال “إذا كنت مسلماً يجب عليك قول الحقيقة حتى ولو كانت في مواجهة أسرتك”. وأعرب عن “سعادته بوجوده كمسلم في السودان الذي يُعتبر معظم أهله من المسلمين”.

ولفت إلى أنه “يسعى لتعاون أي شخص لديه معلومات حول الأحداث في دارفور، ومذكرات التوقيف التي صدرت بأن يتصل بمكتبه”، مبينا “حرصه على التعاون مع الحكومة السودانية، ومطالباً بـ”الالتزام للمضي قدما في تحقيق المهام في القضايا التي هم بصددها”.

وحسب قوله فإن خان سيزور السودان أيضاً في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل ، وسيزور دارفور ويقدم تقريراً لمجلس الأمن الدولي في كانون الأول/ ديسمبر المقبل حول التقدم الإيجابي المحرز.

وأوضح: “سنقوم بإنجاز مهمتنا بما يحقق توقعات المجتمع الدولي خاصة فيما يتعلق بقرارات مجلس الأمن لتحقيق العدالة تجاه أبطال دارفور الضحايا والأحياء الذين هم جوعى لتحقيق العدالة ومحاسبة الذين ارتكبوا الجرائم في دارفور”، مشيرا إلى أنه “يتطلع لتعاون ومساعدة السودانيين والحكومة”، مؤكدا التزام مكتبه بتحقيق العدالة المنشودة.

«تحقيق العدالة»

كذلك استقبل رئيس مجلس الوزراء، عبد الله حمدوك، خان والوفد المرافق له، أول الأربعاء، وأكد خلال اللقاء، حسب بيان صادر عن مكتبه “التزام الحكومة بتحقيق العدالة كأحد شعارات ثورة ديسمبر المجيدة”، مضيفاً في هذا الصدد أن “التزام السودان بتحقيق العدالة ليس من باب الالتزامات الدولية فحسب، وإنما يأتي استجابةً للمطالبات الشعبية بإقامة العدالة وتنفيذ شعارات الثورة المجيدة”.

وأشار إلى أن “زيارة وفد المحكمة الجنائية تُعتبر شهادة على التغيير الذي تُحدثه عمليات الإصلاح الشامل في السودان الجديد”.

ووفق عمر قمر الدين، مستشار رئيس الوزراء للشراكات الدولية، فإن “المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية تحدث خلال لقائه مع رئيس الوزراء، حول أهداف زيارته للبلاد، وذلك بهدف تقديم خدمات عدلية لضحايا النزاعات في السودان”.

الزيارة «المعجزة»

وبيّن أن “المدعي العام أشار لرئيس الوزراء بأن زيارتهم للسودان تعتبر معجزة، لأنه لم يكن ذلك متاحا في عهد النظام السابق، وأنه أمر مهم جدا ليس فقط لضحايا النزاعات، وإنما إظهارا للعالم التغيير الذي حدث في السودان”، لافتاً إلى أن ذلك “ليس تغييرا ظاهرياً وإنما هو تغيير مؤسسي”.

وقدّم خان حسب المصدر نفسه “شرحاً لرئيس مجلس الوزراء حول ظروف طلب المحكمة الجنائية بتسليم بعض المتهمين، والذين من ضمنهم الرئيس المخلوع عمر البشير والذين لم يسلموا”، لافتاً إلى أن “محاكمة على كوشيب سوف تبدأ قريبا بعد أن قررت المحكمة ما يفيد بوجود أدلة كافية لتقديمه للمحاكمة في بعض الجرائم”.

وأشار قمر الدين في هذا الخصوص إلى أن “المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية طلب من رئيس الوزراء بأن تسرع الحكومة في خطوات افتتاح مكتب للمحكمة الجنائية الدولية في البلاد، وانه سيعود إلى السودان بعد تقديم تقريره لمجلس الأمن الدولي في ديسمبر من هذا العام”.

وزاد أن “رئيس الوزراء أوضح للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أن حكومة السودان ستتعاون مع المحكمة بكل شفافية، وأن السودان بصدد التوقيع والمصادقة على ميثاق روما قريباً”.

عامل ردع

وقال الصحافي السوداني الأمريكي، واصل علي، المقيم في نيويورك والمهتم بقضايا المحكمة الجنائية، إن “انضمام السودان إلى المحكمة، هو عامل ردع لأي طرف في الدولة السودانية يحاول استخدام العنف ضد المدنيين. مثلا جريمة فض الاعتصام ما كانت لتكون تحت ولاية المحكمة لو كان السودان عضوا وكانت التحقيقات ستكون أكثر جدية”.

وتابع لموقع “الجزيرة نت”، “الخرطوم ربما ستعمد إلى تسليم المطلوبين باستثناء البشير؛ الذي قال إن “وضعه محاط ببعض الصعوبات، ومن بينها منصبه العسكري الرفيع وهو ما يجعل موافقة زملائه العسكريين على التسليم أمرا قاسيا بعض الشيء، علاوة على التعلل بمواجهته بقضايا داخلية”.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here