أفريقيا برس – الجزائر. في الوقت الذي يظن فيه الكثيرون أن الأمراض المعدية الخطيرة أصبحت من الماضي، يظهر مجددًا مرض الدفتيريا “الخناق” ليذكّر الجميع بأن التهاون في التلقيح والوقاية قد يكون ثمنه فقدان الأرواح، فقد سجلت ولاية سكيكدة حالة وفاة بهذا المرض، ما جعل مديريات الصحة تدعو لالتزام العائلات بجدول تلقيح أطفالها، والمسارعة لتلقيح المتأخرين منهم حتى البالغين، تفاديا لاتساع رقعة العدوى.
أعلنت وزارة الصحة، عن تسجيل خمس حالات مؤكدة للإصابة بداء الدفتيريا في ولاية سكيكدة، من بينها حالتا وفاة، حيث توفي رجل أجنبي الجنسية يبلغ من العمر 25 سنة، وطفلة تبلغ من العمر 12 سنة لم تكن ملقحة ضد هذا المرض، وبمجرد تسجيل هذه الحالات، تم تشكيل خلية أزمة على مستوى مديرية الصحة والسكان في الولاية لمتابعة الوضع الوبائي عن كثب، واتخاذ كافة الإجراءات الوقائية والعلاجية بالتنسيق مع السلطات المحلية.
تحقيقات وبائية لمحاصرة المرض
وقد باشرت المصالح الصحية المختصة تحقيقات وبائية دقيقة شملت الأشخاص الذين احتكوا بالحالات المصابة، حيث تم إخضاعهم للعلاج الوقائي (chimioprophylaxie) وتلقيحهم ضد داء الدفتيريا، بهدف منع انتشار العدوى وتفادي تسجيل حالات جديدة، وفي إطار حملة تلقيح استباقية، أشرفت الفرق الصحية المحلية على تلقيح 514 شخصًا خلال الـ48 ساعة الماضية تحت إشراف خلية الأزمة الولائية.
وأكدت وزارة الصحة أن الوضعية مستقرة، مع متابعة ميدانية دقيقة ويومية من خلال تعزيز أنشطة المراقبة الوبائية في جميع الهياكل الصحية على مستوى الولاية، بالإضافة إلى التكفل بالحالات المسجلة وفق البروتوكولات العلاجية المعتمدة، ودعت الوزارة جميع المواطنين إلى احترام رزنامة التلقيح، مشددة على أن اللقاحات هي الوسيلة الأنجع للوقاية من داء الدفتيريا وغيرها من الأمراض المعدية، ومؤكدة توفرها في مختلف المؤسسات الصحية.
أطباء يحذرون من التهاون في الوقاية
ويتهاون كثير من الأولياء في تلقيح أطفالهم الرضع، وآخرون يؤجلونه لأسباب واهية، ومنها الاستهتار بخطورة الأمراض المعدية، والتي يحسبونها “انقرضت”، ولكن مع توفر البيئة المناسبة لظهور المرض، أو وجود حالة إصابة واحدة بمرض معدي، فيمكن له الانتقال لأشخاص آخرين، وهو ما نرصده في مرض الدفتيريا.
ورغم القضاء شبه التام على الدفتيريا في الجزائر خلال العقود الماضية بفضل التلقيح، فإن الفترة الأخيرة شهدت عودة بعض الحالات والتي ينقلها غالبا بعض الأفارقة والمهاجرون غير الشرعيون، وخاصة في مناطق الجنوب. وهو ما يعرض الأطفال الجزائريين غير الملقحين للخطر.
والدفتيريا أو الخناق، حسبما يعرفه البروفيسور في طب الأطفال، مصطفى خياطي، هو مرض جرثومي خطير تسببه بكتيريا Corynebacterium diphtheriae، وتنتقل العدوى عبر الرذاذ التنفسي أو ملامسة إفرازات الشخص المصاب.
وتبدأ الأعراض غالبًا حسبه بحمى خفيفة والتهاب في الحلق وصعوبة في البلع، ثم تتطور لتشكّل غشاء رمادي في الحلق قد يسدّ مجرى التنفس “وتنتقل الديفتيريا بالسعال والعطس، وحتى بمشاركة الكأس أو المنديل مع المريض، في مناطق انتشار المرض”.
ويضيف محدثنا أن الديفتيريا،، يُشبه التهاب اللوزتين ولكن يصاحبه التهاب حلق شديد مع صعوبة بلع وحرارة متوسطة وغشاء رمادي سميك ملتصق بالحلق لا يُزال بسهولة، يدوم 7 أيام وفي غياب التطعيم والعلاج المبكر، قد يتعرض المصاب لتعقيدات قلبية وعصبية.
ويؤكد خياطي، أن اللقاح ضد الدفتيريا هو “خط الدفاع الأول والأقوى. وهو متوفر مجانًا ضمن البرنامج الوطني للتلقيح، ويُعطى في شكل جرعات خلال الطفولة مع جرعات تعزيزية لاحقًا”.
الأولياء مطالبون بالتأكد من سجلات تلقيح أطفالهم
ويناشد المتحدث، العائلات بالتطعيم الجماعي والذي يوفّر حماية مجتمعية ويمنع ظهور الأوبئة “وعلى الأولياء التأكد من سجلات التلقيح والتوجّه إلى أقرب مركز صحي عند الشك أو الاشتباه في عدم أخذه” على حد قوله.
ويعطى حاليا اللقاح ضد الديفتيريا، ضمن لقاح DTC أو DT (دفتيريا–كزاز–سعال ديكي) عند عمر شهرين، 4 أشهر، 12 شهر، 6 سنوات و12 سنة، ثم جرعات منشطة كل 10 سنوات للبالغين.
ضرورة تهوية الأقسام
ولمحاصرة انتشار أي مرض يشدد خياطي على ضرورة تكاتف جهود المجتمع المدني والمدارس والمساجد ووسائل الإعلام في نشر الوعي بخطورة الأمراض المعدية.
وينبغي حسبه تعليم الأطفال والعائلات طرق الوقاية، مثل تجنّب الاختلاط بالمصابين أو من تظهر عليهم أعراض تنفسية حادة، غسل اليدين باستمرار وعدم مشاركة الأدوات الشخصية، إضافة إلى مراجعة الطبيب فور ظهور أعراض غير عادية في الحلق أو صعوبة التنفس. والأهم هو الالتزام بالتلقيح في المواعيد المحددة.
ويشدد البروفيسور مصطفى خياطي على الأولياء، بضرورة تحذير أطفالهم المتمدرسين من خطورة استعمال أدوات الغير، والمعلمين بضرورة تهوية الأقسام، لمنع انتشار أي أمراض معدية بين التلاميذ.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس