الطالب الجزائري.. جهاد بالقلم والسلاح

8
الطالب الجزائري.. جهاد بالقلم والسلاح
الطالب الجزائري.. جهاد بالقلم والسلاح

أفريقيا برس – الجزائر. تعود، ذكرى يوم الطالب، حين قرّر الطلبة الجزائريون تنظيم إضراب مفتوح، والالتحاق جماعيا بالثورة التحريرية، في تحوّل لافت، أعطى الثورة زخما كبيرا، وأظهر للعالم أنها ثورة شعب كامل، بكل فئاته، من أجل تحقيق الاستقلال واسترجاع السيادة الوطنية.

وإحياء لهذا اليوم، وإسهاما، فتحت “الشروق” صفحاتها لعدد من الأكاديميين والباحثين، المشاركين في الملتقى الوطني حول “الدّور السّياسي والعسكري للطّلبة الجزائريين في الحركة الوطنية وثورة التّحرير”، الذي ينظمه مخبر الدراسات التاريخية المتوسطية عبر العصور، بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة المدية، لتناول جوانب من إسهامات الطلبة الجزائريين في معركة التحرير، سواء خلال مرحلة الحركة الوطنية أم مرحلة الثورة التحريرية.

صفحات مشرقة في مسيرة الطالب الجزائري

عرفت الجزائر بعد الحرب العالمية الأولى، عديد التحولات كان من أبرزها نشوء تنظيمات نقابية وطلابية، أعطت ملامح جديدة طفت على ساحة الحركة الطلابية بالأخص، وانتشرت بالجامعات والمعاهد، وأضحت أهم مغذي للحركة الوطنية بل أصبح لا يخلو حزب من أحزاب الحركة الوطنية إلا ووجدناه يضم ثلة من هؤلاء الطلاب، وكان دورهم لا يقل عن أي مناضل آخر، وساهموا بشكل فعال في مسار الكفاح ضد السياسة الاستعمارية، ومن هنا وفي خضم ذلك بدأت تظهر بوادر ما يسمى بالحركة السياسية المستقلة التي تظهر وجود وعي طلابي يواكب متغيرات المجتمع في مختلف المجالات يشبه إلى حد كبير ذلك الوعي الذي عرفته النقابات بأوربا.

إن مسألة ظهور التنظيمات الطلابية ليس وليد العدم بل تعود جذوره إلى العشرينيات من هذا القرن، وتزعمها الرعيل الأول للطلبة الجزائريين. وكانت البدايات الأولى لهذا النشاط في ظل أوضاع عنصرية صعبة جدا بين الطلبة الجزائريين وطلبة المعمرين، وهي الأوضاع كانت بمثابة أزمة كبيرة كان انفراجها مقرون بوجوب التأطير والتنظيم للمطالبة بالحقوق بدعوى إصلاح شؤونهم الاجتماعية والنفسية

وكان هذا تطور لافت تميزت به الحركة الطلابية الجزائرية خاصة في الأحياء الجامعية، وسرعان ما تطور الأمر إلى تأسيس جمعيات طلابية حملت لواء النضال الطلابي داخل المؤسسات الجامعية، فعمل الجزائريون على تأسيس فضاءات بسيطة وإن كانت قليلة فإنها أعطت سانحة للطلبة للتعبير عن أوضاعهم وأفكارهم وتطلعاتهم ومن أمثلة ذلك إنشاء “دار الطالب”، رغبة منهم في تحسين أوضاعهم الاجتماعية والثقافية، فضلاً على قيام جمعية الطلبة بالجزائر بإصدار دوريتها المرقومة باسم “التلميذ” سنة 1931.

إن ظهور هذه الطبقة الجديدة من نخبة الطلبة الجزائريين كان متزامنا مع ما عاشته الجزائر من محن نهاية القرن 19 والمتمثلة في سياسة استعمارية غاشمة تعمل على تجهيل الشعب الجزائري، وضرب معالم المنظومة التربوية، مما رجح بعض الانقسام من جناح غربي يفرض نفسه بالوسائل المادية والتعسفية وبين جناح يحمل مشعل الفكر العربي الإسلامي.

وهنا يمكن القول إن الانتماء الفكري للطلبة انعكس على مسار الحركة الطلابية الجزائرية، تزامنا مع مطلع النهضة الجزائرية وبداية العمل السياسي المنظم للحركة الوطنية.

رغم أن هذا المسار الطلابي لم تعط له الأهمية الكافية من قبل الباحثين والمؤرخين الجزائريين، وإدراكاً منا أن عملية البناء التاريخي لحاضرنا لن تتأتى إلا من خلال التنقيب والبحث وإخراج تضحيات من سبقنا للنور ومن بين هذه التضحيات هو نضال الطلبة الجزائريين، وهذه التضحيات لم تأتي من فراغ بل كان مساره طويل وكانت البداية من سنة 1919بتأسيس ودادية الطلاب المسلمين لشمال إفريقيا في الجزائر كأول تنظيم طلابي ظهر بعد الحرب العالمية الأولى.

والظاهر أن تأسيسها جاء بعد حلة اليأس التي وصل إليها الطلبة الجزائريين من رفض الطلبة المجنسين والطلبة الفرنسيين من السماح للطلبة الجزائريين من انتخاب ممثليهم في هياكل التنظيم وأدى هذا الرفض إلى إفراز وضعا جديداً بالنسبة للطلبة الجزائريين بحيث أصبح مطلب تأسيس تنظيم طلابي جديد مستقل عن التنظيمات الفرنسية ضروري وذلك من أجل مواجهة الظروف التي كانت تتربص بهم وكذا طلباتهم المساعدة من السلطات الفرنسية في تلك المسائل التي لا يتقاطعون فيها مع مطالب الطلبة الفرنسيين، وبنهاية الحرب العالمية الأولى خرجت الودادية إلى النور بعد أن تمكن بن حبيلس بلقاسم من تأسيسها ثم خلفه في ذلك فرحات عباس، رغم محاولات السلطات الفرنسية إقناعهم بالعدول عن الفكرة والاكتفاء بالانخراط في الجمعية العامة للطلبة الجزائريين.

وبالرجوع إلى نشاطات الودادية فإنها كانت لسان حال الطلبة الجزائريين أمام الهيئات الرسمية، وعبرت عن تطلعاتهم وأصبحت منبر لهم للمناداة بالمساواة في الحقوق والواجبات والمطالبة بحق التمثيل في الهيئات الجامعية والمطالبة بتحسين ظروفهم الإجتماعية كما سعت لجلب الدعم مع كل من يتعاطف مع الطلبة الجزائريين.

ثم ميلاد جمعية طلبة شمال أفريقيا للطلبة المسلمين بفرنسا كوسيلة لتغيير واقعه الاجتماعي والثقافي والسياسي، وكانت هذه الجمعيات هي اللبنة الأولى لنمو الفكر التوعوي الذي تطور الى حد المناداة بالاستقلال في فترة متأخرة من الحركة الوطنية، فصقلت نضالاتهم في الجانب السياسي فأصبحوا رواد في هياكل الأحزاب الوطنية بعد أن ترعرعوا في أحضان الحركة الوطنية وتعددت مساهماتهم السياسية داخل وخارج الوطن فأصبحوا صوت طلابي يصل لطلاب العالم معرفاً بالقضية الوطنية.

ومع اندلاع الثورة انخرطوا فيها وكان الإتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين أول من أعلن إضراب وطني إذاناً بالتحاق الطلبة بالكفاح المسلح فتوشح بذلك الطلبة الجزائريين فضلا عن النضال النقابي والعمل السياسي بثوب الكفاح المسلح، كما أسهموا بشكل فعال في الحفاظ على مقومات الهوية الوطنية من خلال تمسكهم باللغة العربية والإسلام والمطالبة بالاستقلال، ومما لاشك فيه أن القانون الأساسي الذي كان يسير الإتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين يتمحور حول القضايا الاجتماعية والثقافية والبيداغوجية للطلبة الجزائريين مع الحفاظ على ثوابت الأمة، لكن هذا الالتزام لم يكن بالمطلق كون أن الجزائر كانت تحت الاحتلال الفرنسي الغاشم، والإتحاد يمثل نخبة المجتمع الجزائري، وعليه فإن مراهنة الاحتلال على حياد الإتحاد تجاه ما كان يعانيه الشعب هو أمر خاسر.

جمعية طلبة شمال أفريقيا المسلمين.. الصوت القادم من وراء البحر

عمل أبناء المغرب العربي على إنشاء هيئات مختلفة لمجابهة الاستعمار الفرنسي ذات بعد نضالي مغاربي مشترك، فظهرت عدة تنظيمات طلابية كان أهمها “جمعية الطلبة المسلمين لشمال إفريقيا ” سنة 1927 بباريس، وهي نتاج محاولات قام بها بعض الشبان المغاربة من أجل إنشاء جبهة سياسية واحدة في المغرب العربي.

فقد شهدت الفترة الممتدة من نوفمبر إلى 15 ديسمبر 1927 تحركا كبيرا لمجموعة من طلبة المغرب العربي بفرنسا، إذ عقدوا العديد من الاجتماعات ناقشوا فيها ظروف الطالب المغاربي بفرنسا ومعاناته المادية وإحساسه بالغربة، واتفق رأيهم على ضرورة إيجاد تنظيم طلابي يلم شتاتهم. وفي هذا الإطار، عقدت جمعية عامة يوم 15 ديسمبر 1927، أعلن خلالها عن ميلاد الجمعية، وقد تشكل مكتبها من السادة: سالم الشاذلي (الرئيس)، الطاهر صفر (نائب الرئيس )، أحمد بن ميلاد (الكاتب العام)، أحمد العرابي (أمين المال)، الطاهر الزاوش، الشاذلي بن رمضان (أعضاء مراقبون).

أصدرت الجمعية أول نشرة سنوية سنة 1928 أعلنت من خلالها عن الأهداف والتوجهات جاء فيها: “أسست الجمعية في شهر ديسمبر 1927 لسد حاجة طلبة شمال إفريقيا المسلمين في ذلك العهد…”، ويؤكد هذا التوجه الدكتور “سالم الشاذلي” الذي ترأس جمعية الطلبة سنة 1928 حيث أوضح في كلمة ألقاها أثناء انعقاد الجمعية العامة في جانفي 1929 أن جمعية الطلبة لا تشتغل بالأمور السياسية، كما ورد في نصوص قوانينها التي بعث بها إلى السلطات الفرنسية بفرنسا وبدول المغرب العربي، غير أنه أضاف أن الجمعية لها أن تناقش القرارات الفرنسية الصادرة في حق الأهالي المغاربة وهي حرة في ذلك.

منذ تأسيس جمعية الطلبة قامت بعدة نشاطات تنظيمية هامة منها أنها أسست ناديا لها بباريس سنة 1931، اتخذته مقرا لاجتماع مجلسها الإداري واجتماع أعضائها ولإقامة الشعائر الدينية في الأعياد والمواسم، وأوجدت به مكتبة كان الغرض منها نشر الثقافة العربية القومية بين الطلبة، وكانت تقام بهذا النادي محاضرات عن تاريخ المغرب العربي.

كذلك دشنت جمعية الطلبة مطعما سنة 1931 الذي يعتبر من الأهداف الهامة المسطرة للجمعية، أرادت من خلاله سد رمق الطلبة الذين كانوا يعانون بشدة نتيجة الأوضاع المزرية، فغطت الجمعية هذا النقص بإنشاء هذا المطعم الذي لعب إلى جانب توفير الطعام دورا إضافيا تجلى في خلق ذلك الجو الثقافي بالنادي.

وقد أولت الجمعية أيضا عناية فائقة للنشاط الدعائي والإعلامي من أجل الدعاية للجمعية والتعريف بها، وكان ذلك عن طريق الاتصال بمختلف الصحف والجرائد المغاربية، فقامت بإنشاء صحيفة خاصة لها تكون لسان حالها تعرف بمختلف نشاطاتها، فكان ميلاد نشرة دورية تعرف بـ: “النشرة السنوية” وقد صدرت لها أربعة أعداد لكنها توقفت سنة 1933.

إن نشاط جمعية الطلبة لم يبقى مقتصرا على فرنسا فبعد المؤتمر التأسيس سنة 1930 نقلت الجمعية نشاطها إلى دول المغرب العربي، وتجسد هذا في عقد سلسلة من المؤتمرات خلال الثلاثينات من القرن الماضي وصل عددها إلى سبع مؤتمرات في المرحلة الأولى للجمعية، ساهمت في تعميق الوعي لدى الطالب بالظروف التي كانت تعيشها المنطقة من جراء السياسة الاستعمارية المطبقة فيها.

وما نستنتجه من خلال مؤتمرات الجمعية أنها كانت فرصة لتجسيد للعمل المشترك من أجل تحرير المغرب العربي، كما نجحت في عقد صداقات بين عناصر النخب الوطنية، وعدت محطة هامة في إحياء فكرة وحدة المغرب العربي واستطاعت التنسيق بين الحركات الوطنية الثلاث وبين نخبها وقادتها.

نشير أيضا أن نشاط جمعية الطلبة قد تجاوز مرحلة عقد المؤتمرات والنشاطات الإعلامية إلى تنظيم اجتماعات مغاربية خاصة ما حدث في باريس بفرنسا عام 1937، حيث استطاعت الجمعية أن تجتمع مع الأمير شكيب أرسلان وزعماء الحركة الوطنية المغاربية، وكانت هذه محطة هامة من محطات التقارب والتضامن المغاربي.

في المقابل ان السلطات الفرنسية أدركت خطر نشاط جمعية الطلبة في البلاد المغاربة، فعملت على عرقلة مسيرتها منذ بداية تأسيسها.

جملة القول هذه الجمعية قد جسدت وحدة العمل من اجل التحرير وبلورة فكرة وحدة المغرب العربي، وقد ساهمت مساهمة فعالة في التركيز على أهمية التعليم والثقافة العربية الإسلامية من خلال مؤتمراتها.

لهذا ان جمعية الطلبة تعتبر من أهم وأعظم المؤسسات التي وجدت في باريس في فترة الثلاثينات من القرن الماضي، لأنها كانت بمثابة المدرسة الوطنية المغاربية التي تخرج منها رجال عظماء صنعوا تاريخ المغرب العربي الحديث والمعاصر.

قصة الصّراع الإيديولوجي بيان تيارات الحركة الطلابية

إن الخناق الذي ضربته فرنسا على تعليم الجزائريين عرف طريق النور بعد صدور قانون 18 أكتوبر 1892 الذي ينص على إمكانية المدرسة الحرة ومع تزايد ضغوط ومطالب رجال الحركة الوطنية بفتح المدارس الحرة، وعجز الإدارة الفرنسية على توفير المدارس لأبناء البلاد.

لقد عرفت الجزائر مع مطلع القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين تحولات ثقافية هامة بعد الأزمة العميقة التي عرفها المشهد الثقافي الجزائري، بعد انهيار النظام التربوي والديني انهيارا جزئيا بعد إقامة نظام تربوي استعماري يقوم على تجهيل جماعي.

إن المثقفين الجدد الذين برزوا من الساحة الثقافية، خلال هذه الفترة برغم عددهم المحدود فهم العوامل المحركة لميلاد هذا النمط الثقافي الجديد، ولو أنهم كانوا منقسمين إلى توجهات متعددة بتنازعاتهم الغرب الذي يفرض نفسه بنجاحه المادي، والفكر العربي الإسلامي الذي يظل يجتذبهم لتواصل حقيقي وكان لهذه الأنتلجنسيا البرعمية الاستحقاق التاريخي لإطلاق فكرة عامة على المجتمع الجزائري.

وحسب دراسة “كولونا”، فإن عدد الطلبة الذين كانوا يقصدون جامع الأزهر فاق بكثير عدد الطلبة الذين كانوا يدرسون بمدرسة الجزائر، وحتى عدد الطلبة الذين يقصدون الجامعات الإسلامية فاق بكثير عدد الطلبة الذين يتوجهون لاستكمال دراستهم في فرنسا.

ولعل الدارس للأنتلجنسيا الجزائرية خلال القرن الماضي يجدها مقسمة في تكوينها الفكري ومشاربها الإيديولوجية إلى قسمين أساسيين، أولهما هو التيار الطلابي الذي شرب من تشبع بالمبادئ الغربية، وتعلم اللغة الفرنسية، وتأثر بمبادئ الثورة الفرنسية، والقسم الثاني يمثله التيار الطلابي المعرب الذي نهل من العلوم الدينية وتشبع بالمبادئ الإسلامية وتعرف على الحضارة العربية، ولذلك فلا غرابة من أن نجد أن الانتماء الفكري ينعكس أساسا على التنظيمات الطلابية.

والظاهر أن الاختلاف في منابع التكوين الفرنسي والمحيط الجغرافي، ترك فعلته على مسار تطور الحياة الطلابية، بل دفعتها أحيانا إلى الجنوح نحو الصراع وحتى التآكل الذاتي، وذلك ما وضحه المستشرق الفرنسي ” ستين بيرك ” في كتاباته حول النخبة في شمال إفريقيا 1946 بقوله: ” إنهم هنا يفكرون ليس من أجل التفكير وإنما ضد بعضهم البعض ”

وبعد نهاية الحرب العالمية الأولى برزت ملامح الانشطار بين صفوف هذه الكتلة ودخلت فيما بينها إلى حرب التهم والبيانات وخير مثال على ذلك كتابات الأمير خالد على صفحات جريدة الأقدام، ضد أولئك المارقين سياسيا والذين قبلوا بالتوظيف على حساب الطبقة العريضة من الجزائريين ومن بينهم الدكتور تامزالي عبد النور وصحبه.

فحاربت الإدارة الفرنسية أفكار الأمير وقامت بغلق بعض المؤسسات التعليمية الحرة وخير مثال ذلك المدرسة الحرة التي تأسست في تلمسان سنة 1920 وقد غلقتها بعد زيارة الأمير خالد إلى المنطقة وتخوفها من نشاطه.

إن معظم النخب المثقفة التي تكونت في المدارس الفرنسية وقُدر لها مستوى من التحصيل العلمي فإن ذلك لم يفقدها نهائيا انتمائها للثقافة العربية الإسلامية وبقائها على الشعائر الدينية ولو لم يكن ذلك على نفس الدرجة التي كان عليها غيرهم في المدارس والزوايا القرآنية.

وعلى نفس المنوال تقريبا نجد الطلبة الذين تكونوا في المؤسسات الدينية والمراكز الإسلامية مع أواخر القرن 19 برغم ثقافتهم هذه المستوحاة من العقيدة الإسلامية وأخذهم بالأمور السلفية فإنهم لم يدعوا في انشغالاتهم بتراث ذلك السلف وإحيائه بقدر ما كانت دعوتهم لتجديد الدين مبنية أيضا على التعايش مع الحاضر والعمل بفكر الحداثة والربط بين الأصالة والمعاصرة، ولذلك ظهرت شبه ما يكون بمدارس حركة الإصلاح والتجديد.

لقد تعايشت الحركة الطلابية في بداية تكوينها مع الحركة الطلابية الفرنسية باعتبار أن فئة الطلبة الجزائريين الذين درسوا في الجامعات الفرنسية كانوا السابقين عن غيرهم من الطلبة الجزائريين إلى العمل الطلابي، وهناك جملة من العوامل المساعدة على ميلاد الحركة الطلابية في الجزائر.

لقد كانت الحركة الطلابية الجزائرية منذ نشأتها وحتى اندلاع الثورة التحريرية مبعثرة ومنقسمة وغير موحدة، إلا أنها كانت مدرسة تعلم فيها الطلاب الجزائريون طرق النضال وأساليب الكفاح والتضحية، وبدلك لا يمكن فصل مساهمتهم في حركية بناء تاريخ الجزائر، فكان لهم دور في الحركة الوطنية وفي دعم الثورة الجزائرية، فقد توصلت في السعي للحصول على مكاسب آنية مادية ومعنوية في إطار النضال النقابي للجمعيات والولوج في عالم النضال السياسي الوطني، والتحرر التدريجي من وصاية الحركة الطلابية الفرنسية.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here