أفريقيا برس – الجزائر. التمس ممثل الحق العام لدى محكمة الجنح الاستئنافية بمجلس قضاء وهران، تشديد العقوبة في حق المتهمين في قضية الغش، التزوير واستعمال المزور في أوراق امتحان شهادة البكالوريا لدورة سبتمبر 2020، ويتعلق الأمر بثلاث موظفين، منهم رئيس المركز المحبوس في ملف الحال، والذي صدر في حقه حكم ابتدائي يدينه بسنتين حبسا نافذا، وعام حبسا نافذا بالنسبة لشريكيه، في انتظار صدور قرار المجلس بعد المداولة الأسبوع المقبل.
ثلاثة موظفين بغليزان بينهم مدير حاولوا “إنجاح” مترشح بالتزوير
وتعود وقائع الملف إلى سنة 2020 بمركز تجميع وإغفال أوراق مترشحي البكالوريا لولاية وهران بغليزان، أين اكتشف وجود ورقتي إجابة في امتحان اللغة الفرنسية تحملان اسم نفس المترشح الحر في شعبة التسيير والاقتصاد “ب. خ”، في حين سجل ضياع ورقة التلميذة “ب. ق” من نفس الشعبة والفئة، رغم حضورها المثبت داخل قاعة الإجراء، وبعد التحري في الموضوع اتضح للمركز أنه أمام فضيحة غش، وفي مواجهة جريمة تزوير، طالت توقيعات أساتذة حراس، وكذا أوراق إجابات نموذجية حررت خارج قاعة إجراء ونسبت باسم وإمضاء مترشح من داخلها، ما أدخل مركز التجميع في حالة استنفار امتدت إلى مديرية التربية لوهران، وديوان الامتحانات والمسابقات ووزارة القطاع، حيث كشف التحقيق في الحادثة، تورط موظفين من داخل أمانة المركز الذي امتحن فيه المترشح، بمحاولتهم إنجاحه وفق تخطيط مدروس هيئت له مسبقا كل الظروف والإمكانات لتنفيذه في إطار عمل جماعي ومنسق، ،منهم من تولى تحرير الإجابة عن كل موضوع امتحان حسب مادة التخصص، ومنهم من أسندت لهم مهمة تزوير توقيعات الأساتذة الحراس، وآخرين تيسر لهم التلاعب بما في داخل الأظرفة من أوراق إجابة المترشحين رغم ختمها وإحكام غلقها بالشريط اللاصق بعد كل امتحان، مع القيام باستبدال أوراق الأجوبة الأصلية المدونة بخط التلميذ “ب. خ” بأخرى تحمل حلولا جاهزة، إضافة إلى الطرف المؤطر والمشرف على التنسيق بين أفراد الشبكة، ناهيك عمن غض الطرف والتزم الصمت عن خروقات وقف عليها، الأمر الذي جعل التحقيق يشمل عدد كبير من المشتبه فيهم، قبل أن يستقر قرار غرفة الاتهام على إحالة ثلاثة متهمين فقط على محكمة الجنح، ويتعلق الأمر برئيس مركز الإجراء ومدير إحدى المتوسطات بوهران يدعى “ن. ب. م”، إلى جانب نائبيه الأول والثاني، وهما على التوالي المدعو “ب. ب” والمسماة “م. ي”.
مرافعة قوية لممثل الحق العام والتماس أقصى العقوبات
خلال المحاكمة، حاول المتهم الرئيسي “ن. ب. م” دفع الجرم المنسوب إليه، بزعم أنه لم يكن أصلا راغبا في رئاسة أي مركز امتحان في الدورة، وأنه طلب الإعفاء من هذه المهمة، بداعي أنه كان مريضا حينها، ومصاب بالغثيان،وهو ما اعتبره فرصة استغلها من وصفهم بالمتورطين الحقيقيين في تنفيذ خطة الغش والتزوير لصالح أحد المترشحين، فيما برر عدم تفطنه، بالقول أنه كان يقوم بعدّ أوراق إجابة المترشحين في كل ظرف، وكان في كل مرة يجدها كاملة بتعداد 20 ورقة، مثلما أنكر تردده المفرط على القاعة التي تتواجد فيها الخزانة المحصنة والمودع فيها أظرفة إجابات المترشحين،مستدلا بغياب أي دليل يثبت صحة الشهادات الصادرة ضده ،خاصة أن القاعة مزودة بكاميرات مراقبة.
واعتبر دفاع المتهم من خلال دراسة ما جاء في الملف أن الغش تم بطريقة احترافية لم يتمكن موكله – حسب قوله – من اكتشافه، موضحا أن الخطة تم تنفيذها طيلة أيام الدورة بنجاح، ولم يفتضح أمرها إلا على مستوى مركز التجميع بغليزان، أين اتضح من خلال التحقيق أن الخطأ ارتكبه الفاعل الحقيقي خلال الفترة المسائية في امتحان اللغة الفرنسية، بسبب أن المترشح المستفيد من الغش كان رقمه التسلسلي مطابقا من اليمين إلى اليسار مع الرقم التسلسلي للتلميذة الضحية، ولا يختلفان إلا عند المنتصف، وهو ما لم يميزه الفاعل في إحدى المحاولات، حيث أنه بدلا من ذهابه إلى القسم 15، الذي به ورقة المترشح المستفيد من الغش، أخطأ مساره، واتجه إلى القسم رقم 5 ليسحب الورقة الخطأ للتلميذة “ب. ق” ويعوضها بالإجابة النموذجية باسم “ب. خ”.
أما نائبا رئيس مركز الإجراء محل الجريمة، واللذان وجهت لهما تهمة المشاركة في ارتكاب جنحة، حاولا التنصل من المسؤولية الجزائية، بالقول أنهما أُبعدا من مكتب أمانة المركز طيلة أيام البكالوريا، رغم أنهما في الأصل مكلفين بالقيام بمهامهما على مستواه، مبررين إهمالهما لوظيفتهما تلك بالقول أن ذلك تم امتثالا لأوامر رئيس المركز الذي قام بتوزيع المهام على أعضاء الأمانة، منها متابعة سير البروتوكول الصحي للوقاية من كورونا.
وعن مصير الورقة الضائعة للتلميذة “ب. ق”، جاء أثناء الجلسة أن عون إدارة تسمى “ط. س” أفادت عند سماعها من طرف جهات التحقيق أنها يوم الواقعة كانت حاضرة وقت عد الأظرفة، وأنها وجدت رفقة زميلتها “م. س” الورقة الضائعة المترشحة “ب. ق” ضمن بقايا أوراق الامتحان، وعن التقرير الذي تضمن إقرار منها على أنها قامت باستبدال تلك الورقة، أوضحت أن تصريحها تم بالإكراه، وتحديدا بضغط من مسؤولها بالأمانة، أما المترشح الذي أحبطت خطة إنجاحه، تم الحديث بشأنه خلال المناقشة أن سماعه تم فقط أمام الضبطية القضائية، رغم أنه مفتاح اللغز في هذه الفضيحة، حيث صرح بأنه لا يعلم ما كان يحدث لأوراق إجاباته بعد تسليمها للأساتذة الحراس، ولا يعرف أي أحد من هؤلاء أو غيرهم من أعضاء مركز الإجراء، لتقتصر عقوبته على إجراء ردع إداري قضى بمنعه من الترشح لاجتياز امتحانات البكالوريا لمدة 10 سنوات كاملة.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس





