أفريقيا برس – الجزائر. تعرف المدن الجزائرية الكبرى في هذه الأيام، إنزالا أمنيا كثيفا، في سياق تنفيذ مخطط أمني صارم يهم استهداف النقاط السوداء من أجل التصدي لكافة أشكال الجريمة، وأعلن في عدد من ولايات الجمهورية، عن بدء تفعيل خارطة أمنية جديدة من بينها تشكيل دوريات راجلة تجوب الأحياء الشعبية، وإيقاف الأشخاص المشتبه فيهم أو هم موضوع مذكرات توقيف صادرة عن السلطات القضائية أو الأمنية، بتهم المتاجرة واستيراد المخدرات أو حيازتها، أو محل أوامر بحث لضلوعهم في قضايا سرقات متعمدة.
لوحظ خلال العمليات المذكورة، اقتحام قوات الشرطة القضائية المتنقلة أو فرق التدخل السريع مرفقة بعناصر البحث والتدخل التابعة للمصالح الولائية للشرطة القضائية، نقاط مشتبهة بتواجد عصابات الشباب المدججة بالأسلحة البيضاء المحظورة “سيوف، خناجر” بها، والتي تستوطن الأحياء الشعبية أو ما يعرف بـ”عصابات الأحياء” التي ينسب إليها الاتهام بترويج هذا النوع من السموم .
وأعلنت مديريات أمن ولايات عديدة عبر صفحاتها الرسمية، دخول هذا المخطط الأمني الجديد، حيز العمل منذ 3 أكتوبر الجاري، وأسفر عن عدة تدخلات ناجحة، ما مكن من خفض معدلات الجريمة وعودة الأمن للاستتباب من جديد في عدة أحياء شعبية، وتطويق بؤر الجريمة وإيقاف عشرات الأشخاص المبحوث عنهم قضايا وأمنيا .
وكشفت مصالح أمن ولاية تلمسان، عن إيقاف 3 تجار مخدرات في كل من بني بوسعيد، الزوية ومغنية الحدودية على الشريط الفاصل بين المغرب والجزائر، أحدهم أوقفته قوات الشرطة القضائية في بني بوسعيد وهو محل بحث طبقا لأمرين بالقبض عليه صادرين عن الجهات القضائية منذ سنة 2019 عن جناية استيراد المخدرات ونقل وتهريب الكيف المعالج، والانخراط في جماعة إجرامية دولية، وذلك بفضل تفعيل استراتيجية استهداف “معاقل الجريمة”، كما أعلن عن وضع اليد على نحو 8320 قرص مهلوس في ظرف يقل عن 6 أيام في عدة مناطق بالولاية .
على هذا النحو، نظمت مصالح أمن ولاية وهران، عملية شرطة واسعة النطاق في اليومين الماضيين، مست كافة النقاط المشبوهة والبؤر السوداء، من أجل محاصرة شبكات الاتجار في الحبوب المؤثرة، من خلال تكثيف السدود الأمنية على مستوى 17 نقطة حيوية، وأفضت العملية التي يشرف عليها رئيس أمن الولاية حسبما أشير إليه، لضبط أكثر من 19800 وحدة من مخدر “اكستازي” و”بريغابالين” في ثلاث عمليات منفصلة، مع حجز أموال بالعملتين الوطنية والصعبة يشتبه في كونها من عائدات هذا النشاط الإجرامي، مع حجز 4 مركبات كانت توظفها عصابات مفككة لنقل وتخزين السموم الكاشطة للعقول .
كما أعلن عن تفكيك ثلاث شبكات إجرامية مختصة في تعويم شباب ولاية عين الدفلى بالمؤثرات العقلية، وضبط أكثر من 3200 وحدة من الأقراص المهلوسة التي كان يعرضها تجار التقسيط على شباب في مدن الخميس، مليانة، عين الدفلى والعطاف، وذلك بعد تشديد الخناق على ذات العصابات الناشطة في هذا المجال الإجرامي .
ويرى مسؤولون أمنيون في عين الدفلى، أن نشاط تسويق “الإكستازي” في معظم مناطق الولاية، تراجع في الشهرين الأخيرين، بخلاف ما كان يعلن عنه في الشهور الماضية، بفضل قدرة المصالح الأمنية “أمن ودرك” على تجفيف وتنقية الأحياء المشبوهة والنقاط السوداء من ترويج “السموم”.
استهداف منابع الجريمة
وتستهدف الحملة الواسعة لقوات الأمن وفق معطيات حصلت عليها “الشروق”، تحت إشراف مباشر لرؤساء أمن الولايات، بقوة، المنابع الخطيرة للجريمة، والتي تزود كافة المدن بهذه الأقراص المهدئة، بحيث لوحظ تحرك غير مسبوق لقوات الشرطة في عدد من الولايات التي عاشت قبل أيام قلائل، عمليات الإطاحة بكارتيلات الاتجار في المخدرات على غرار، تلمسان، وهران، أم البواقي، الشلف، بشار، عين الدفلى، البليدة، الجزائر العاصمة، إضافة إلى مناطق حساسة في الجنوب الجزائري، بعد نجاح قوات الشرطة في تجفيف الأسواق الكبرى على غرار غرداية، اليزي وورقلة وحجز أكثر من 12 ألف قرص في ثلاث ولايات جنوبية وإنهاء مغامرات 9 مروجين .
وبرأي ملاحظين أمنيين يشتغلون على هذا المخطط الأمني النوعي، فإن هذه العمليات الهامة، تندرج ضمن الجهود المتواصلة التي تبذلها المصالح الأمنية من أجل تجفيف منابع جلب وترويج المخدرات والمؤثرات العقلية على الصعيد الوطني، ولاحظ أحد المسؤولين، أن الأمور بدأت تتغير نحو الأفضل في بعض المدن الكبرى، في ظل التراجع الكبير لكميات الأقراص المهلوسة “حبوب الهلوسة الحمراء، ريتروفيل، ترانكيمازين” التي يعرضها تجار التقسيط في معظم الأحياء الشهيرة بهذه التجارة غير القانونية، مع وجود متابعة أمنية لصيقة لأي نشاط مشبوه .
وتجلت أولى الانعكاسات الأمنية لذات المخطط الأمني الواسع، لملاحقة تجار ومروجي الأقراص المهلوسة، في تراجع الكميات المروجة وارتفاع أسعارها، وهو ما حذا بالعديد من المجرمين إلى التخلي عن تسويق هذا الأنواع المسمومة مخافة وقوعهم في شراك الأمن، وبحسب الكثير من المسؤولين الأمنيين، فإن الحملة الأمنية الواسعة مستمرة وستهم الكثير من النقاط السوداء وفق مخطط متناسق ومدروس، وأنها ستؤتي أكلها في نهاية المطاف.