عيد الأطفال بالرصاص والرماح والسيوف!

9
عيد الأطفال بالرصاص والرماح والسيوف!
عيد الأطفال بالرصاص والرماح والسيوف!

افريقيا برسالجزائر. خياطي: 14 بالمائة من حالات العمى عند الصغار سببها المسدسات

قوراية: ألعاب تشكل أمراضا نفسية وعدوانية لدى الأطفال

زبدي: لابد من مراقبة مقاييس تصنيع ألعاب الأطفال

مسدسات ترمي الرصاص المطاطي وأخرى تحمل سهاما حادة.. قنابل صوتية، سيوف وخناجر قاطعة وأقنعة ووحوش مخيفة.. وغيرها من ألعاب الأطفال المحرضة على العنف والمعروضة في متاجرنا وأسواقنا، لدرجة باتت الألعاب البسيطة منفرة لأطفالنا.. والظاهرة جعلت المختصين يحذّرون من خطورة هذه الألعاب العنيفة على التكوين النفسي والاجتماعي، وعلى النمو السليم للبراءة.

أضحت ألعاب الأطفال العنيفة الخيار الأول للأطفال وعائلاتهم في الآونة الأخيرة، رغم مضارّها الكبيرة سواء على السلامة الجسدية أو النفسية أو السلوكية للأطفال مستقبلا، حسب تحذير المختصين، لدرجة أن 90% من ألعاب الأطفال المعروضة في المحلات والأسواق الشعبية وعلى الأرصفة باتت تحرض على العنف.

“الشروق” تجوّلت عبر بعض متاجر بيع ألعاب الأطفال والأسواق الشعبية بالعاصمة، فمن سوق باش جراح إلى سوق ساحة الشهداء وصولا لبن عمر بالقبة، ومرورا بمتاجر حسين داي وساحة أول ماي.. نفس الألعاب العنيفة وجدناها معروضة في كل مكان، من مسدسات حاملة للرصاص المطاطي والسهام الحادة، والتي بإمكانها اختراق العيون، وتتراوح أسعارها بين 150 دج إلى 500 دج، وصولا لخناجر وسيوف حادّة، والتي رغم صنعها من مادة البلاستيك، لكنها صلبة وحادة وبإمكانها إحداث جروح حتى للكبار، فما بالك بأطفال صغار.

وكشف “نبيل” صاحب طاولة لبيع مختلف ألعاب الصغار بالسوق الشعبية لباش جراح، بأن الطلب على المسدسات “كبير جدا” من طرف الأطفال مؤكدا بأنه امتنع عن إحضار الألعاب البسيطة، من دمى البنات وكرات القدم، لضُعف الإقبال عليها من طرف الأطفال. وقال بأن غالبية الأطفال يبحثون بالخصوص عن المسدسات التي تحوي رصاصا مطاطيا، والتي يصل ثمنها أحيانا حتى 1500 دج، في حال كانت عبارة عن رشاش مزوّد ببطاريات وأصوات ورصاص مطاطي، وكأنه سلاح حقيقي.

90 % من الألعاب محرضة على العنف

وتؤكد أمهات تحدّثن معهن، أن كثيرا من أطفالهن تعرضن لإصابات بسبب ألعاب العيد، وهذا ما تؤكده كل سنة مصالح الاستعجالات بمختلف مستشفيات الوطن خلال الأسبوع الأول لعيد الفطر، فغالبية الضحايا من الأطفال المتعرضين لإصابات، خاصة بمنطقة العينين والوجه واليدين.

وأكدت لنا سيدة، أن ابنها صاحب الخمس سنوات، كاد يتسبب في أحد الأعياد في عاهة لابنة عمته الرضيعة، حيث قذفها في رقبتها برصاص مسدّس مطاطي، ومن قوة الرمية سال الدم من رقبة الصغيرة. فما كان من محدثتنا إلاّ تكسير المسدس لقطع صغيرة من شدة الصدمة، حسب تعبيرها.

أطفالنا يضعون ألعابا سامة في أفواههم

وفي هذا الصّدد، أكد رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث “فورام”، مصطفى خياطي في اتصال مع “الشروق”، أن ألعاب الأطفال، خاصة تلك العنيفة منها، مثل المُسدسات ذات الطلقات البلاستيكية والسهام الحادة، تشكل خطرا كبيرا على صحة الأطفال، وتتسبب غالبا في عاهات مستدية لهم. وكشف قائلا “14% من حوادث ضياع العيون عند الأطفال، سببها استعمال الرصاصات المطاطية للمسدسات البلاستيكية”.

وأكد محدثنا، أن المادة البلاستيكية التي تصنع منها ألعاب الأطفال “سامة وخطيرة جدا، وجميعنا يعلم بأن الأطفال يضعون الألعاب في أفواههم غالبا، لغرض التسلية، ونحن لا نملك مخابر الجودة لتحليل المواد الكيمياوية للألعاب، وهو ما يعتبر خطرا كبيرا”. وخلص أن هذه الألعاب لا فائدة مرجوة منها، غير الإضرار بالصحة وإهدار المال والتحريض على العنف.

لابد من تكثيف نشاط المعهد الوطني للتقييس قبل العيد

ومن جهته، قال رئيس منظمة حماية وإرشاد المستهلك، مصطفى زبدي لـ “الشروق”، بأنّ منظمتهم ومنذ سنوات، وهي تطالب بمراقبة عملية دخول وبيع ألعاب الأطفال في بلادنا، بسبب خطورتها الكبيرة، خاصة أنها موجهة لفئة عمرية صغيرة لا تفرق بين الضّار والنافع.

وأكد على وجود المعهد الوطني للتقييس التابع لوزارة الصناعة، والذي يقوم بوضع مقاييس لجميع المنتوجات والخدمات، لغرض السماح بتسويقها لاحقا، بعد التأكد من سلامتها على الصحة، وقال “لابد من الانتباه لخطورة ألعاب الأطفال، والتي لا يخضع كثير منها إلى مقاييس الصناعة العالمية، ما يجعلها خطرا حقيقيا على صحة أطفالنا، وخطرها يضاهي خطر الألعاب الإلكترونية، والتي تنمي شعور الانتقام والضغينة عند القصر”.

ألعاب تقود الطفل نحو أمراض نفسية خطيرة

واعتبر البروفيسور في علم الاجتماع، أحمد قورايا لـ “الشروق”، بأن التحوّل النفسي الاجتماعي للتربية تغيّر جذريا، نتيجة ما يتابعه أطفالنا في بعض الأفلام التي لا تمت بصلة للواقع، مثل أفلام “الأكشن”، والتي تروّج للعنف اللفظي والسلوكي، وغرسته بطريقة غير مباشرة في نفسية الطفل، ما جعله يبحث عن طرق تجسيد حركات هذه الأفلام في الواقع.

والأخطر، حسبه، أن الأسلحة الخطيرة المستعملة في الأفلام، تبرمج في عقول الصغار، عند متابعتهم الأفلام العدوانية، والتي تحوي أسلحة الكلاشينكوف والسكاكين الكبيرة والسيوف. والآن هي مجسّدة على شكل ألعاب، يلهو بها أبناؤنا في الشوارع.

وأكد “هناك علاقة وثيقة بين هذه الألعاب العنيفة والسلوك العدواني، والإدراكات العدوانية، والنزوع إلى العنف، فهذه الألعاب تؤثر سلبا على السلوك الاجتماعي السليم، وتقلل من التعاطف مع الآخرين وتحد من حساسية الفرد تجاه العنف”.

وأكد محدثنا، أن نفسية الطفل باتت تتلذذ وتعشق هذه الألعاب، لأنها توصله إلى الإشباع النفسي والمرضي، ولتحقيق ما شاهده من قبل من خلال الأفلام الأمريكية والهندية التي تحمل سلوكيات عنيفة، أو من خلال بعض الألعاب الإلكترونية”.

وقال إن المريض النفسي يشعر بذروة عالية وبانتصار نفسي سلبي، والنتيجة، أن أولادنا صاروا يبتعدون عن شراء اللعب البسيطة مثل الدمى والبالونات، باعتبارها ساذجة في عقولهم، ولا تحرك نفسيتهم السلبية، ولا تحقق لهم تلك المتعة، “وأنها ألعاب للأطفال الساذجين، وهذه الرؤية الخاطئة التي تزيد رغبة الطفل، في الابتعاد عن كل اللعب التي لا تؤدي به نحو العنف والتعنيف، الذي يشعر به، وبالتشويق النفسي السلبي وإشباع نفسيته، التي تُدخله لاحقا نحو أمراض نفسية مختلفة، أو تمتعه بعالم الإجرام“.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here