هذه قصة النابغة بوختاش الذي تحدّى الإعاقة ونال الدكتوراه بتفوّق

3
هذه قصة النابغة بوختاش الذي تحدّى الإعاقة ونال الدكتوراه بتفوّق
هذه قصة النابغة بوختاش الذي تحدّى الإعاقة ونال الدكتوراه بتفوّق

أفريقيا برسالجزائر. حقق النابغة الكفيف عبد المليك بوختاش المدعو “بلّة” حلمه بنيل شهادة الدكتوراه في التاريخ المعاصر بدرجة مشرف جدا، وهذا خلال مناقشة أطروحته في جامعة بسكرة تحت عنوان “مواقف الحكومات الأوروبية من الثورة الجزائرية (1954/1962)”، وبذلك يحقق عبد المليك بوختاش حلما لطالما راوده منذ الصغر، في الوقت الذي يدعو السلطات العليا في البلاد إلى تسهيل مهمته في الحصول على منصب قار كأستاذ جامعي نظير جهوده وتضحياته كواحد من البارزين من ذوي الهمم، وقام بالتدريس مجانا طيلة 7 سنوات متتالية.

يناشد الرئيس تبون توظيفه أستاذا جامعيا كواحد من ذوي الهمم

تحوّل حلم النابغة الكفيف بوختاش عبد المليك إلى حقيقة، وهذا بعد نيله شهادة الدكتوراه بتميز، حيث توجت جهوده وتضحياته طيلة السنوات الماضية بتحقيق الطموح الذي راوده منذ أيام الطفولة. تتويج وصفه العارفون بمسيرة ابن آريس بالمستحق، بناء على نجاحاته المتتالية ورفع للتحدي رغم معاناته من اليتم والفقر وفقدان البصر، إلا أن سلاحه كان رفع التحدي والبرهنة بنجاحات علمية نوعية، وهذا رغم الصعوبات الكثيرة التي واجهها في حياته، لكن لم يثن من عزيمته في رفع التحدي وتحقيق نجاحات ميدانية نوعية في مختلف مراحله الدراسية، ما جعله يكون محل إشادة أساتذته وزملائه، ناهيك عن الشعبية التي يتمتع بها بفضل ثقافته وتواضعه وخفة روحه وحسن تواصله مع الجميع.

البداية من قسنطينة وفي الزيبان كان التتويج

وقد كانت بداية عبد المليك بوختاش مع طلب العلم منتصف الثمانينيات من مدرسة المكفوفين بقسنطينة، وانتقل بعدها إلى مدرسة المكفوفين ببسكرة التي نال فيها شهادة الأهلية بنجاح، ليتحوّل عام 1993 إلى التعليم النظامي من بوابة ثانوية آريس التي توج فيها بشهادة البكالوريا عام 1996 بتقدير قريب من الجيد.

وفي الوقت الذي كان طموح عبد المليك بوختاش هو طرق أبواب المدرسة الوطنية للإدارة بحثا عن شهادة عليا وضمان الشغل بعد التخرج، إلا أنه اختار في النهاية كلية الحقوق بجامعة باتنة التي تخرج منها عام 2000 شهادة ليسانس قبل أن يدخل في فترة فراغ ناجمة عن البطالة ومتاعب مختلفة، إلا انه سرعان ما عاد إلى أجواء الدراسة من بوابة قسم التاريخ بجامعة باتنة، حيث نال شهادة الليسانس بتميز ثم شهادة الماستر بتفوق (الأول في الدفعة)، لينجح بعد ذلك في مسابقة الدكتوراه بجامعة بسكرة، وهو الأمر الذي عبّد له الطريق لتحقيق حلمه للارتقاء في مجال البحث الأكاديمي الذي مكنه في النهاية من الحصول على شهادة الدكتوراه بدرجة مشرف جدا، من طرف لجنة تشكلت من الأساتذة رقية لفضي وبلقاسم ميسوم (مشرفا ومقررا) وخميس فريح وشهرزاد سلبي وعلي آجقو وجمعة بن زروال.

يناشد الرئيس تبون توظيفه أستاذا جامعيا كواحد من ذوي الهمم

ولم يخف عبد المليك بوختاش في حديث خصّ به “الشروق” ارتياحه بعد مناقشة أطروحة الدكتوراه في التاريخ المعاصر الموسومة بـ”موقف الحكومات الأوروبية من الثورة الجزائرية 1954-1962″، مؤكدا انه وظف جميع مساعيه حتى يكون عند حسن الظن، وهذا على الرغم من قلة المراجع والمصادر الخاصة بالوثائق الأرشيفية، إلا أن ذلك لم يمنعه حسب قوله من تقديم عمل معزز بالطرق والآليات التحليلية للرفع من قيمة الجزائر التي كان لها صدى حسب قوله رغم دبلوماسيتها الحديثة، مضيفا أن هذا الإنجاز تحقق بفضل كل من وقف معه، وفي مقدمة ذلك زوجته التي رافقت هوده منذ مرحلة الليسانس دون نسيان مقربيه وأصدقائه وأساتذته الذين كانوا إلى جانبه خلال هذه المسيرة.

وقال عبد المليك بوختاش في سياق حديثه “الذي أتمناه هو توظيفي في جامعة بسكرة بمنصب قار كواحد من ذوي الهمم الذي برهن فوق الميدان، خصوصا وأن السلطات العليا قد أولت أهمية كبيرة لهذه الفئة، كما أنني اشتغلت لمدة 7 سنوات كأستاذ مؤقت دون مقابل طيلة 7 سنوات وأتمنى رد الجميل بمنصب قار حتى يتم توظيف إمكاناتي وكفاءتي بالشكل الذي يسمح بمنح الإضافة اللازمة في مجال البحث العلمي”، وهو نفس الكلام الذي ذهبت فيه زوجته التي أكدت بأن عبد المليك بوختاش كفاءة علمية وأخلاقية تستحق أن تحظى بالعناية والتوظيف في الجامعة الجزائرية حتى تستفيد منه الأجيال، أما الأستاذ علي بلدي الذي رافقه طيلة مسيرته الدراسية في جامعة بسكرة، فقد اعتبر عبد المليك بوختاش أنه رجل بأمة، مشيرا أنه رغم الإعاقة إلا أن الله رزقه قوة البصيرة والإرادة، ما جعله يتجاوز مشاكل كثيرة في سبيل تحقيق الغاية العلمية المنشودة، فكان حسب قوله مثابرا صبورا وأنيس سفره بين آريس وبسكرة.

يحب الكرة.. عمل إماما متطوّعا ويملك شعبية وسط المجتمع

وعلاوة على تميز النابغة الكفيف بوختاش عبد المليك في الشق العلمي الذي أهّله لأن يكون في مصاف الدكاترة، فإنه يتمتع بشعبية كبيرة وسط مختلف الفئات وشرائح المجتمع، بفضل ثقافته وتواضعه وخفة روحه، ناهيك عن تنوع مواهبه وميوله، بدليل نيله شهادتين في تخصصين جامعيين مختلفين (حقوق وتاريخ)، كما اشتغل إماما متطوّعا، في الوقت الذي يملك اطلاعا واسعا في شؤون الجلد المنفوخ، وعلاوة على مناصرته لمولودية باتنة منذ الطفولة فإنه يملك رؤية فنية وتنظيمية بخصوص التسيير الرياضي ناهيك عن ثقافته العالية بخصوص الرياضة العالمية، ويأمل في الوقت نفسه التألق للمنتخب الوطني في المحافل القارية والدولية، لكن ذلك لا يمنعه من منح الأولوية للعلم، مفضلا دعوة الجميع إلى المثابرة، لأن النجاح حسب قوله سهل واليأس يقتل.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here