الجزائر وباريس.. طيّ الأزمة وترقّب حذر للمستقبل

11
الجزائر وباريس.. طيّ الأزمة وترقّب حذر للمستقبل
الجزائر وباريس.. طيّ الأزمة وترقّب حذر للمستقبل


أسماء بهلولي

أفريقيا برس – الجزائر. يحمل الاتصال الهاتفي الذي جمع الرئيسين عبد المجيد تبون ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون رسائل سياسية، توحي بمحاولة فرنسية لتخفيف الاحتقان الذي ساد العلاقة بين الطرفين طيلة الأسابيع الماضية.

ويسعى “الإليزيه” المتخبّط في أزمات داخلية عديدة، زادت حدّتها بفعل تواصل احتجاجات الرافضين لنظام التقاعد في فرنسا، بكلّ السبل إلى منع أزمة جديدة مع الطرف الجزائري، وطي خلافات الماضي، ومحاولة معالجة الملفات القديمة بحكمة، وفق مراقبين.

وربط المُحلل السياسي قوي بوحنية بين الاتصال الهاتفي الذي دار بين الرئيسين، وبين محاولة فرنسية لكسب الوقت، لاسيما أن مسؤولي “الإليزيه” يدركون أنه لا مناص من التعامل مع الطرف الجزائري، خاصة أن ماكرون يعيش مرحلة عصيبة زادت تعقيدا مع حركة الشارع وكذا البرلمان الفرنسي الذي يعيش حالة من الغليان.

وأكد بوحنية أن الحالة الجزائرية بالنسبة للمسؤولين الفرنسيين تعد استثنائية، نظرا لخصوصية العلاقات بين البلدين، وهذا ما أشار إليه الرئيس تبون في آخر حوار له مع قناة الجزيرة، حين قال إن العلاقة بين الجزائر وفرنسا طالما ميزها التذبذب.

وأوضح محدثنا أن الطرف المنتهك للأعراف الدبلوماسية، في إشارة إلى قضية المدعوة بوراوي وتورط الفرنسيين في تهريبها بطريقة غير قانونية، هو من يسعى لحلحلة الأزمة وتخفيف الاحتقان بين البلدين، وهو ما استُنتج من مضمون المكالمة الهاتفية التي جرت بين الرئيس تبون ونظيره الفرنسي.

وحول مستقبل العلاقات الجزائرية الفرنسية، توقع بوحنية انتعاشها خلال المرحلة المقبلة، مع استقرار مبني على الحذر الشديد، فمن الصعوبة – حسبه- أن تصل العلاقات بين البلدين إلى القطيعة، نظرا لحجم المصالح الكبيرة التي تجمعهما.

وأضاف محدثنا أن العلاقات بين البلدين ستكون مستقبلا مضبوطة وتراعي مبدأ الندية، حيث تدرك فرنسا أن الجزائر انتقلت من مرحلة الشريك الواحد المهيمن إلى تعدد الشركاء، ما يجعلها في أريحية اقتصادية وعسكرية وحتى دبلوماسية ويدفعها أيضا لتكون عنصرا فاعلا في المنطقة خاصة بعد الأزمة التي تعيشها أوروبا.

وتابع المتحدث أن توطيد علاقات الجزائر مع روسيا والصين وإيطاليا وضعها في موقع جيد، فضلا عن كونها إحدى الدول التي تعول عليها مجموعة “بريكس” لإعادة رسم معالم نظام دولي قائم على تعدد الأقطاب، تكون الجزائر إحدى ركائزه في إفريقيا.

وفي نفس الاتجاه، يرى المُحلل السياسي، عبد الرحمان بن شريط، أن المكالمة الهاتفية التي تمت بين الرئيسين، دليل على رغبة الفرنسيين في طي صفحة الخلافات، وإعادة العلاقات إلى سابق عهدها حتى وإن كانت العلاقات بين الطرفين متوترة، إلا أنها عرفت خلال فترة حكم الرئيس تبون، مواقف صارمة قائمة على ضرورة التعامل بالمثل في كل الملفات.

كما أن الجزائر-حسب مُحدثنا- لا تريد أن تتأزم علاقتها مع فرنسا لعدة عوامل منها ملف الجالية وعدة قضايا تجمع بين البلدين، يصعب القفز عليها قائلا: “استدعاء السفير وموقف الجزائر الصارم من قضية بوراوي جعلت الطرف الفرنسي يستوعب أن المعادلة تغيرت اليوم، لذلك لابد على الطرف الفرنسي أن يعيد حساباته ويكون حريصا على استرجاع علاقته مع الجزائر نظرا للظروف الصعبة التي تتخبط فيها فرنسا اقتصاديا واجتماعيا زادتها حدة العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا”.

وبشأن مستقبل العلاقات بين البلدين، قال بن شريط إن حذرا كبيرا سيسودها مستقبلا، فالجزائر يجب أن تكون لها قراءة سليمة وعليها التمييز بين علاقات المصلحة والدبلوماسية، وعليها التعامل بحيطة مع الجانب الفرنسي، لأن قضية المدعوة بوراوي هي دليل على وجود اختلال كبير في العلاقات والجزائر من حقها اتخاذ كل الاحتياطات أيضا قبل رجوع السفير إلى باريس، إضافة إلى وجود ملفات من شأنها أن تعيق تطور العلاقات على غرار قضية الذاكرة.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here