محمد مسلم
أفريقيا برس – الجزائر. أطلقت السلطات الفرنسية العنان لإعلامها العمومي كي يهاجم الجزائر، بعد الاستعراض العسكري المخلد للذكرى السبعين لاندلاع حرب إنهاء الوجود الفرنسي في بلادنا، وهي المحطة التي تجرد فيها قسم من الإعلام الفرنسي من أخلاقياته حتى في أبسط صورها، والمتمثلة في عدم الحجر على الرأي الآخر.
هذا المشهد جسدته قناة “فرانس 24” في نسختها الناطقة باللغة العربية، التابعة لوزارة الخارجية الفرنسية، حيث خصصت ليلة الإثنين إلى الثلاثاء برنامجا تلفزيونيا لمهاجمة الجزائر، انطلاقا من بوابة الاستعراض العسكري الذي انتظم الجمعة الأخير، بحيث غاب تماما الرأي الذي يفترض أن يكون مخالفا، في برنامج اعتاد أن يكون فيه رأيان متباينان على الأقل.
الحصة التي اعتاد على تنشيطها الصحفي التونسي حكيم بالطيفة، دعي إليها محللان لبنانيان وكان موقفهما نسخة طبق الأصل لبعضهما البعض، الأول هو أنطوان بصبوص، مدير ما يسمى “مرصد الدول العربية”، والثاني يعرف بـ”باسم سالم”، وهو محامي مختص في قضايا الهجرة، وكانت الحصة تتمحور حول “الأسباب الحقيقية” التي دفعت الجزائر إلى تنظيم هذا الاستعراض.
وعلى الرغم من أن الاستعراضات العسكرية عادة ما تكون رسائلها موجهة للأعداء في الخارج، لاسيما وأن الاستعراض الأخير تم خلاله عرض أسلحة جديدة، إلا أن المحلل اللبناني الذي يحمل رتبة دكتور، راح يزعم بأن هذا الاستعراض كان “يهدف أساساً إلى تخويف المعارضة داخليا”، في مقاربة أبعد ما تكون عن الحقيقة ولا تمت بصلة للواقع، ما زاد من ضحالة مضمون البرنامج.
وفي مثل الظروف التي تحيط بالجزائر، ولاسيما في ظل جلب النظام المغربي الكيان الصهيوني الغاصب لإقامة قواعد عسكرية على الحدود الغربية للبلاد، إلا أن الدكتور اللبناني قال إن الجزائر ليست بحاجة إلى إظهار قوتها النارية، لأنه لا توجد دولة أجنبية تهدد سلامة أراضيها، متجاهلا تماما الاستفزازات المغربية المتتالية منذ نحو أزيد من أربع سنوات، والتي تهدد السلامة الترابية للبلاد.
ولم يختلف، باسم سالم، ضيف “فرانس 24” الثاني عن الأول، الذي راح يتحدث باستخفاف عن طبيعة السلاح الذي تم استعراضه، مشككا في فعاليته، وهو الذي لا صلة له بهذا الموضوع، باعتباره مختصا في قضايا الهجرة والمهاجرين، في خط منسجم مع المحلل الآخر، بشكل جعل من البرنامج التلفزيوني يسير في اتجاه واحد، فاقدا للقيمة الإعلامية التي كان يتعين أن تكون حاضرة، تماشيا على الأقل مع القيم التي تدعيها فرنسا، مثل قيم حرية التعبير والرأي والرأي الآخر.
وعادة ما يكون توجه الإعلام الفرنسي انعكاسا للموقف الفرنسي من الجزائر، فعندما تكون العلاقات الثنائية مستقرة، يخف انتقاد الإعلام الفرنسي للوضع في الجزائر، أما عندما يكون التوتر سيد الموقف، كما هو الوضع حاليا، يطلق العنان لوسائل الإعلام الفرنسية كي تهاجم الجزائر بسبب أو بدونه، ويتضح الأمر بجلاء هنا في البرنامج التلفزيوني الأخير، والذي افتقد لأبسط المقومات الأخلاقية.
ومما يزيد من منسوب نظرية المؤامرة، هو أن القناة المذكورة، تابعة رأسا لوزارة الخارجية الفرنسية، وليست مستقلة كما هو الحال بالنسبة لقنوات وصحف ومواقع الكترونية أخرى.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس