أموال الجزائر المنهوبة… استرجاع سريع في الداخل ومتعثر في الخارج

2
أموال الجزائر المنهوبة... استرجاع سريع في الداخل ومتعثر في الخارج
أموال الجزائر المنهوبة... استرجاع سريع في الداخل ومتعثر في الخارج

حمزة كحال

أفريقيا برس – الجزائر. طوت الجزائر عامها الرابع في طريق استرجاع الأموال المنهوبة، الطويل والمعقد، حيث نجح القضاء الجزائري في استرجاع 30 مليار دولار حسب تصريحات صادرة عن الرئيس عبد المجيد تبون، قبل أيام، الجزء الأكبر منها جرى داخل البلاد، فيما يبقى امتحان استرجاع الأموال المنهوبة الموجودة خارج الدولة، قائماً وصعباً، في ظل تحول تلك الأموال إلى ورقة سياسية تلعبها العواصم الأوروبية في علاقتها بالنظام الجزائري.

ومنذ بداية محاكمات الفساد نهاية 2019، ضد ما يعرف في الجزائر بـ”العصابة”، التي ضمت رجال الأعمال ورؤساء حكومات ووزراء، سابقت الحكومات عقارب الزمن من أجل تحقيق أحد التزامات الرئيس تبون الانتخابية، وهي استرجاع الأموال المنهوبة.

وحسب الوثائق، فقد استطاع القضاء الجزائري وضع يده على جزء كبير من ثروة علي حداد، رجل الأعمال وزعيم الكارتل المالي في عهد الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة، المحكوم عليه بالسجن لمدة 12 عاماً منذ 2020.

وفي مقدمة الثروات التي صودرت، شركة الأشغال العمومية “ETRHB”، ومجموعة “وقت الجزائر” الإعلامية التي تضم جريدتين وقناة تلفزيونية، بالإضافة إلى فريق “اتحاد العاصمة” لكرة القدم، وملعبه “عمر حمادي”، وأراضٍ زراعية وصناعية، أكبرها قطعة أرض في ولاية “البيض” غرب البلاد مساحتها 50 ألف هكتار (الهكتار يعادل 10 آلاف متر مربع)، بالإضافة إلى استرجاع فندق 4 نجوم في برشلونة الإسبانية، وتجميد حسابات مصرفية في بنوك جزائرية بمبلغ إجمالي قارب 50 مليون يورو (55 مليون دولار).

المصير نفسه لاقته عائلة “الإخوة كونيناف”، المقربة من عائلة بوتفليقة، والحاملة للجنسية السويسرية، وهم المسجونون لعشر سنوات بدءاً من 2020، حيث استرجعت الحكومة الجزائرية مجمع “كو جي سي” للأشغال العمومية، ومصنعاً للزجاج في ولاية “جيجل” شرقيّ الجزائر، بالإضافة إلى استرجاع 145 مليار دينار (حوالى 900 مليون دولار)، صبت في حسابات شركة الإخوة مقابل استفادتها من 11 مشروعاً عمومياً ضخماً إلى غاية نهاية 2018.

وحسب المعلومات، تمكّن القضاء الجزائري من استرجاع مصنع تجميع السيارات من علامة “هيونداي” و”سوزوكي” المملوك لرجل الأعمال محيي الدين طاحكوت، بالإضافة إلى مجمع “TMC” الذي يسيّر المصانع والناقل الحصري للطلبة الجزائريين لقرابة 20 عاماً، بالإضافة إلى 600 سيارة فاخرة وطائرة خاصة صغيرة، وقناة تلفزيونية “نيوميديا”.

واسترجعت الحكومة أيضاً مصانع تجميع السيارات لعلامات “كيا” و”فولكسفاغن” المملوكة لرجلي الأعمال حسان عرباوي (10 سنوات سجن) ومراد علمي (12 سنة سجن)، بالإضافة إلى مصنع العصائر والمصبرات “نقاوس” المملوك لعائلة العرباوي.

واسترجع القضاء بعد محاكمة عائلة رجل الأعمال عبد المالك صحراوي (المسجون لمدة 10 سنوات)، وحسب المعلومات قرابة 4 مليارات دولار، بعد حجز 52 شركة مسجلة باسم رجل الأعمل وإخوته.

وقالت مصادر في وزارة العدل، إن القضاء استرجع 211 فيلّا، و281 بناية في طور الإنجاز، 21 عقاراً سياحياً، 596 محلاً تجارياً، 229 عقاراً فلاحياً، 23774 ملكية منقولة كطائرات خاصة وسفن استجمام، بواخر نقل سلع، و40203 مركبات بين شاحنات وحافلات، إضافة إلى 821 سيارة تجارية، 1330 آلة خاصة في الأشغال العامة، 236 عتاداً زراعياً، 7000 سيارة فاخرة، وحجز أموال في 6447 حساباً مصرفياً، منذ بداية محاكمات الفساد نهاية 2019.

وإذا كانت سرعة استرجاع الأموال المنهوبة تسير بوتيرة مرتفعة محلياً، فإن العملية تشهد تباطؤاً وربما تعثراً على الصعيد الخارجي، نظراً لتعقّد الطريق وطوله وخروجه عن مساره القانوني مع الكثير من الدول التي تحاول الضغط على الجزائر، بمنح حصانة على ممتلكات رجال الأعمال، لليّ ذراع الحكومة الجزائرية خصوصاً من باريس ومدريد، وفق مصادر جزائرية.

ومحاولةً منها لتحريك عملية استرجاع الأموال المنهوبة، توجهت اللجنة المكلفة استرجاع الأموال المنهوبة (تضم وزارات الخارجية والعدل والمالية)، إلى سويسرا، وقبلها فرنسا، من أجل التدقيق في ملكية بعض العقارات التي يُعتقد أنها تعود إلى رجال أعمال مسجونين حالياً في قضايا فساد، ومحاولة ربط الاتصالات الأولى مع الحكومات للوصول إلى الحسابات المالية التي توصلت إليها التحقيقات القضائية في الجزائر”.

وقال مصدر في اللجنة المكلفة استرجاع الأموال المنهوبة إن اللجنة تمكنت من استرجاع قرابة 40 عقاراً، بقيمة تلامس 500 مليون يورو، من بينها فندق لرجل الأعمال علي حداد بمدينة برشلونة، وشقق فاخرة في باريس وليون وليل الفرنسية، لافتاً إلى أنه توجد أكثر من 200 من الإنابات القضائية (تعاون قضائي) موجهة إلى 11 دولة هي سويسرا وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا ولوكسمبورغ وبنما وأيرلندا الشمالية والصين وأميركا وكندا والإمارات العربية المتحدة.

وأضاف المصدر أن “الوصول إلى الحسابات البنكية يبقى صعباً وأقرب للمستحيل، لتحجج الحكومات بسرية الحسابات، وهو ما يعقد عمل السفارات الجزائرية التي تسعى جاهدة لتعبيد الطرق لنا مع الإدارات والبنوك في الدول المعنية، للوصول إلى العقارات والحسابات بأوامر من القضاء الجزائري، فيما نتخوف من بيع العقارات الباقية بعدما كشفت تقارير إعلامية عن محاولات في هذا الصدد”.

وسبق أن اقترحت أحزاب سياسية جزائرية فتح باب “التفاوض” مع رموز “الكارتل المالي” القابعة في السجون الجزائرية، من أجل تقليص طرق وزمن الوصول إلى الأموال المهربة إلى خارج الجزائر، إلا أن المقترح قوبل برفضٍ قاطعٍ من الرئيس تبون، الذي يريد لجم سياسة “اللاعقاب” التي كانت تسود الجزائر لعقودٍ.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here