أفريقيا برس – الجزائر. شدد رئيس الحكومة الأسبق، عبد العزيز بلخادم، على ضرورة مراجعة اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، وأكد أن الوضع الاقتصادي والإنتاجي للبلاد تغير جذريا منذ توقيع الاتفاق سنة 2002، لافتا أن الجزائر باتت اليوم تمتلك قدرات إنتاجية ومؤسساتية تمكّنها من المنافسة في العديد من القطاعات.
وقال بلخادم، في حلقة جديدة من بودكاست “للتاريخ” على قناة “الخبر” الإلكترونية، إن “اتفاق الشراكة يجب أن يراجع لأن الجزائر سنة 2002 لم تكن تنتج بالشكل الكافي ولم تكن تملك الكفاءات التعليمية والتكنولوجية الحالية التي تسمح لها بمنافسة الاتحاد الأوروبي لكن الوضع تغير اليوم.”
وأشار المتحدث إلى أن الجزائر تستطيع اليوم المنافسة في القطاعات الفلاحية والغذائية بفضل ما تمتلكه من شمس وتربة ومياه، قائلا: “لا يمكننا منافسة أوروبا في صناعة السيارات أو الأجهزة الكهرومنزلية، لكن يمكننا منافستها في الفواكه والخضروات كالبرتقال والطماطم، لأننا نملك مقومات طبيعية كبيرة وسوقا إقليمية واسعة”.
“الاتفاق يجب أن يقرأ في سياقه الزمني”
ورد رئيس الحكومة الأسبق على الانتقادات التي وجهت إلى السياسة الخارجية خلال العهدة الأولى للرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة، التي رأت أن الجزائر قدّمت تنازلات للأجانب وقبلت باتفاقيات تمسّ بسيادتها الوطنية، مثل اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي. وقال بلخادم في هذا السياق: “الجزائر لم تقدّم أي تنازلات تمسّ بسيادتها، ويجب أن يقرأ التوقيع على اتفاق الشراكة في سياقه الزمني، لا بعيون سنة 2025. فعندما نحكم على حدث، ينبغي أن نضعه في ظروفه آنذاك قبل إصدار الحكم”.
وأوضح أن الجزائر في تلك المرحلة كانت تعيش عزلة دولية وحصارا اقتصاديا، مضيفا: “لا تنسوا أن الجزائر كانت من آخر دول الضفة الجنوبية للمتوسط التي وقعت اتفاق شراكة مع الاتحاد الأوروبي، في وقت كانت خمس عشرة دولة متوسطية قد سبقتها إلى ذلك”.
وتحدث بلخادم عن خلفية المفاوضات، مذكّرا بأن الجزائر كانت حاضرة في الاجتماع التأسيسي لمنظمة التجارة العالمية عام 1993، بمراكش، غير أن تغييرا حكوميا حينها جعلها تتأخر عن التوقيع. وقال: “الوزير الذي حضر الاجتماع سحب قبل نهاية الأشغال وخلفه لم يلتحق في الوقت المناسب، وبالتالي الدول التي وقعت في تلك اللحظة دخلت المنظمة فورا، بينما نحن بقينا في المفاوضات إلى اليوم”.
وتابع قائلا: “هناك فرص تُغتنم في وقتها وتكون كلفتها أقل من تأجيل القرار”، في إشارة إلى اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي.
وأضاف أن “وزير الخارجية يوقع بالأحرف الأولى، لكن الوفد المفاوض متعدد القطاعات يضم ممثلين عن عدة وزارات وهيئات. الوزير يرأس الوفد سياسيا، لكن المفاوضات التقنية تتولاها فرق متخصصة في التجارة والاقتصاد والمالية والصناعة”.
“فترة السماح” لإعادة التأهيل
بيّن بلخادم أن جوهر اتفاق الشراكة يقوم على تبادل تجاري معفى من الضرائب والرسوم بعد فترة سماح، قائلا: “فترة السماح ضرورية لأننا لم نكن في نفس المستوى مع الدول الأوروبية. لم يكن ممكنا أن ننافسهم في الصناعة الثقيلة أو التكنولوجيا، لذلك خصصت هذه المدة لإعادة تأهيل مؤسساتنا حتى تكون قادرة على المنافسة لاحقا”.
وردا على الانتقادات التي اعتبرت أن الاتفاق أغرق السوق الجزائرية بالسلع الأوروبية، أوضح بلخادم أن “الجزائر في تلك الفترة كانت تستورد كل شيء تقريبا”، مضيفا: “يجب أن نتذكر أننا مررنا في الثمانينيات بإعادة هيكلة صناعية وبأزمة ديون خانقة بسبب انخفاض أسعار النفط، ثم جاءت التسعينيات التي اتسمت بانعدام الأمن وشح الموارد المالية. كنا تحت وصاية صندوق النقد الدولي وشروطه القاسية وكان لابد من كسر الحصار الاقتصادي والسياسي وفتح جسور مع الخارج، من بينها الاتحاد الأوروبي”.
بين استفادة المواطن وتضرر الخزينة
وفي تقييمه لحصيلة اتفاق الشراكة، قال بلخادم إن الجزائر “استفادت من بعض الجوانب وخسرت من أخرى”. وأوضح أن “الخسارة كانت في تراجع مداخيل الضرائب والرسوم الجمركية، ما أثر على الخزينة العمومية، لكن في المقابل استفاد المواطن كمستهلك من انخفاض أسعار السلع المستوردة بفضل تقليص الرسوم والضرائب”.
وأضاف: “هنا تكمن المفارقة بين مصلحة الفرد ومصلحة الدولة. المواطن استفاد من سلع أرخص، لكن الخزينة فقدت موارد مالية مهمة، لذلك يجب أن نأخذ هذه المعايير كلها بعين الاعتبار عند تقييم الاتفاق”.
وختم بلخادم بالقول إن اتفاق 2002 يتضمن بنودا واضحة تتيح لأي طرف متضرر إعادة النظر فيه، مؤكدا أن الوقت قد حان لتفعيل تلك البنود بما يتناسب مع واقع الجزائر الجديد، الذي أصبح أكثر قوة واستعدادا للمنافسة في الأسواق العالمية.
المصدر: الخبر
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس





