أفريقيا برس – الجزائر. في خطوة من شأنها أن تخلق المزيد من التوترات بين الجزائر وباريس، وتعقّد مستقبل الشركات الفرنسية العاملة في الجزائر، قرّرت حركة رجال الأعمال الفرنسيين، عقد اجتماع لها مع نظيرتها المغربية الاتحاد العام لمقاولات المغرب، في مدينة الداخلة الصحراوية المحتلة.
وينعقد هذا الاجتماع، الخميس التاسع من أكتوبر 2025، في قرار يبدو سياسيا أكثر منه اقتصاديا، لكون الطرف الفرنسي على دراية تامة بأن اختيار هذا المكان يشكل استفزازا للجزائر، والتي تطالب المجموعة الدولية باحترام حقوق الشعب الصحراوي وإنهاء الاحتلال المغربي، استنادا إلى قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
ووفق ما جاء في بيان “ميداف”، على موقعها على الأنترنيت، فإن “هذا الحدث يأتي في أعقاب زيارة الدولة التي قام بها رئيس الجمهورية الفرنسية، إيمانويل ماكرون، بدعوة من الملك المغربي محمد السادس، والتي أعلن خلالها (ماكرون) أن حاضر ومستقبل الصحراء (الغربية) جزء من السيادة المغربية (المزعومة)”.
وحاول بيان حركة رجال الأعمال الفرنسيين تبرير اختيار المكان المثير للجدل، غير أن هذا التبرير سوف لن يساهم في تبديد الغضب الجزائري المتوقع، لكونه يقدم خطابا دعائيا لصالح النظام المغربي وطموحاته التوسعية في الصحراء الغربية، ويبدو كأنه تم تحريره من قبل الخارجية المغربية، ومما جاء فيه أن “اختيار مدينة الداخلة يحمل أبعادا استراتيجية واقتصادية”.
والأكثر إثارة في البيان أنه يتحدث عن اعتزام الشركات الفرنسية الاستثمار في الأراضي الصحراوية المحتلة، في توجه يناقض قرارات ولوائح هيئة الأمم المتحدة ذات الصلة، وكذا قرارات محكمة العدل الأوروبية، والتي حسمت بأن الأراضي الصحراوية ليست جزءا من السيادة المغربية، وفق ما جاء في قرار الرابع من أكتوبر 2024، والذي أسقط اتفاق الصيد والزراعة الموقع بين الاتحاد الأوروبي والنظام المغربي.
هذا التطور المستفز من شأنه أن يعرض مستقبل الشركات والمصالح الفرنسية برمتها في الجزائر للخطر، يقول سعد لعناني، النائب عن الجالية الوطنية بفرنسا المنطقة الثانية، في تعليق حول هذه القضية.
وأوضح أن “إقدام حركة رجال الأعمال الفرنسيين (ميداف) على هذه الخطوة يعتبر تصعيدا خطيرا في العلاقات الجزائرية الفرنسية التي تعيش أزمة غير مسبوقة”.
وصرّح النائب عن الجالية بفرنسا، أن “هذه الخطوة تعبر مرة أخرى، على أن فرنسا توجد في قبضة اليمين المتطرف، وأن النظرة الاستعمارية لحكومة ورئاسة ماكرون لا تزال مستحكمة”.
وشدد سعد لعناني على أن زيارة “ميداف” الأراضي الصحراوية المحتلة ولقائهم بنظرائهم المغربيين هناك، “تعتبر خطوة في اتجاه تأزيم العلاقات مع الجزائر ما يؤدي إلى ضياع المصالح الفرنسية في الجزائر، بما يترتب عن ذلك من أضرار ستطال من دون شك مصالح الشعب الفرنسي، الذي يخرج في كل مرة، في تظاهرات تنديدا بسياسيات حكومة بلادهم”.
وكانت زيارة الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إلى المغرب قبل نحو سنة، قد أججت نار الخلافات بين الجزائر وباريس، بسبب التصريحات التي صدرت منه هناك، والتي من بين ما جاء فيها أن “حاضر ومستقبل الصحراء يندرجان في إطار السيادة المغربية (المزعومة)”، وهو امتداد لتصريح سابق للرئيس الفرنسي في نهاية جويلية من السنة ذاتها، ومنذ ذلك التاريخ دخلت العلاقات الجزائرية الفرنسية نفقا مظلما.
وبرأي النائب عن الجالية بفرنسا، فإن اجتماع “الميداف” في الداخلة الصحراوية المحتلة، “إفلاس في سياسة حكومة اليمين المتطرف تجاه الجزائر، وهي سياسية مبنية على عقلية استعلائية استعمارية ولا تراعي مصالح الشعب الفرنسي، الذي يعيش حقيقة ضائقة اقتصادية ومالية حادة من شأنها أن تؤدي إلى خلخلة المجتمع الفرنسي وزعزعة كيانه، والتسبب في حدوث اضطرابات حادة من حين لآخر”.
ويختم سعد لعناني: “كلما استبشرنا خيرا بحدوث هدوء في العلاقات الثنائية بين البلدين، إلا وشهدنا تصعيدا خطيرا من قبل أطراف تريد استهداف الجزائر والإضرار بمصالحها الحيوية والجيوسياسية ومحاولة زعزعة استقرارها من جميع الجوانب”.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس