أفريقيا برس – الجزائر. احتضنت قسنطينة، نهاية الأسبوع، اجتماع الدول الأعضاء بمجلس التعاون الإسلامي، في دورته الخمسين، بفندق ماريوت، حضره ممثلون من مختلف البلاد الإسلامية، وكانت القضية الفلسطينية هي صلب موضوع الاجتماع.
وأدان المشاركون حرب الإبادة الشاملة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني الأعزل، التي خلفت حتى الساعة دمارا واسعا لا نظير له، وعرفت أبشع الممارسات من تجويع وقتل وتهجير، رافضين في ذلك الاعتداءات الصهيونية على لبنان وكل دول المنطقة.
وحمل “بيان قسنطينة” تأكيد دول اتحاد التعاون الإسلامي على الدعم غير المشروط للشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة غير القابلة للتفاوض في إقامة دولته المستقلة ذات السيادة الوطنية، وعاصمتها القدس الشريف، وحقه المشروع في مقاومة الاحتلال، معربين عن دعمهم المطلق لمسعى تمكين الدولة الفلسطينية من العضوية الكاملة في هيئة الأمم المتحدة.
وثمّن المشاركون ما ورد في البيان الختامي للاجتماع الاستثنائي الخامس للجنة فلسطين الدائمة لدى اتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي الذي عقد حول أحداث غزة، في 10 يناير 2024 في طهران.
البيان الختامي الذي تلي بعد جلسة مغلقة لأعضاء الدول، شدّد على أنه وأمام الوضع المؤسف والمأساوي الذي يعيشه الشعب الفلسطيني، الذي يعتبر تصفية وإبادة جماعية في حقه، مُخطط ومدبر لهما مسبقا لنوايا خبيثة معروفة ومسطرة منذ القدم، شدّد على ضرورة متابعة مجرمي الحرب الصهاينة أمام المحكمة الجنائية الدولية، وضرورة وضع حد لإفلات المجرمين الصهاينة من المساءلة والعقاب، مع دعوة برلمانات الدول المشاركة في اجتماع قسنطينة إلى بذل الجهود الممكنة من أجل المرافقة القانونية لكل المساعي التي تهدف إلى متابعة الاحتلال الصهيوني ومجرميه وتوثيق جرائمه أمام القضاء الدولي، مع استخدام كافة الضغوط الاقتصادية على الكيان الصهيوني لوقف الحرب الظالمة ضد الشعب الفلسطيني، مبرزين في ذلك رفضهم القاطع لتهجير الفلسطينيين، مشددين على أن مستقبل فلسطين لا يقرره إلا الشعب الفلسطيني، مناشدين كل الهيئات البرلمانية الوطنية والإقليمية والدولية على حث دولهم لإرسال مساعدات إنسانية عاجلة لقطاع غزة.
وكان الأمين العام لمجلس التعاون الإسلامي، قد أكد في كلمته الافتتاحية قيد شكاوى المنظمات الأممية العاملة في غزة من كون العدو الصهيوني يمنعها من إغاثة السكان ويقتل العاملين فيها، مستهجنا الوضع، وأبرز أنه لا بديل عن التضامن الإسلامي الذي أمِرنا به شرعا.
وأمام وفود دول مجلس التعاون الإسلامي، أبرز الأمين العام للمجلس، أن الاجتماع يأتي اليوم والعدوان الصهيوني الهمجي متواصل على غزة الصامدة منذ أكثر من أربعة أشهر، ارتكب فيها العدو الصهيوني مجازر وجرائم لم يشهد لها التاريخ مثيلا في حق الشعب الفلسطيني، حيث سقط عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى، ودمرت غزة بكاملها، وشرد أهلها الذين يعيشون حاليا في العراء، وتحت القصف المستمر لقوات الاحتلال الآثمة.
واستنكر السكون العالمي إزاء ما وصفه بالوضع المأساوي، الذي تترك فيه آلة الحرب الصهيونية مستمرة في جرائمها التي هي جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب مكتملة الأركان، بل وإبادة جماعية لشعب عريق في التاريخ يعيش فوق أرضه.
وتوجه الأمين العام لمجلس دول التعاون الإسلامي بتقديم تشكراته للجزائر، نظير ما بذلته خلال فترة رئاستها الدورية الحالية للمجلس من جهود في سبيل تحقيق أهداف الاتحاد، وسعيها لمعالجة القضايا التي طرحت في هذه الفترة، سواء تعلق الأمر بجريمة حرق المصحف الشريف أم بتداعيات التغير المناخي والتضامن الإسلامي لمواجهته، أم الأوضاع الخطيرة في فلسطين، الناجمة عن العدوان الهمجي المستمر للكيان الصهيوني على قطاع غزة وكل الأراضي الفلسطينية، وكذلك سعيها إلى إيجاد حل للأزمة بين دولة النيجر الشقيقة والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، وما كان في الدعوة إلى التضامن مع الشعبين المغربي والليبي على إثر الإعصار المدمر في ليبيا والزلزال القوي في المغرب.
بوغالي: الإبادة الشاملة في غزة تهديد لمبادئ الأمم المتحدة
عبر رئيس المجلس الشعبي الوطني، إبراهيم بوغالي، خلال كلمته الافتتاحية التي ألقاها أمام سفراء دول منظمة التعاون الإسلامي، المجتمعين الخميس بفندق ماريوت بقسنطينة، عن استنكار الجزائر لحرب الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، معتبرا أن ما يجري من فظاعة في قطاع غزة من حرب إبادة شاملة وحصار وتجويع بات يشكل تهديدا كبيرا للمبادئ والقيم السامية التي تأسست عليها منظومة الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي الإنساني، خاصة في ظل التأييد الغربي المعلن والانحياز المفضوح إلى الكيان الصهيوني.
كما استنكر بوغالي الوضع المزري الذي يعيشه الشعب الفلسطيني الأعزل المحروم من أدنى مقومات الحياة، من ماء وغذاء ودواء ومأوى، بما وصفه وصمة العار على جبين الإنسانية كلها في ظل الاستهداف المتعمد والمتواصل للمباني السكنية والمدارس والمساجد والمستشفيات، التي عدها جرائم حرب مكتملة الأركان وجرائم ضد الإنسانية تحدث أمام أنظار الرأي العام الدولي، في تحد سافر غير مسبوق من قبل الكيان الصهيوني للقانون الدولي ولمبادئ حقوق الإنسان ولكل الأعراف والقيم.
بوغالي، الذي يترأس الدورة، نبّه إلى أن الأوضاع تزداد سوءا وتعقيدا مع ما وصفه بالعجز المخجل للمؤسسات الدولية عن تحمل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية تجاه الشعب الفلسطيني في إنهاء هذه الحرب وإدخال المساعدات الملحة إلى قطاع غزة.
وسجل بارتياح كبير قرار محكمة العدل الدولية الصادر بشأن الدعوى القضائية التي رفعتها دولة جنوب إفريقيا ضد الكيان الصهيوني عن جرائم الإبادة الجماعية، معتبرا ذلك مكسبا هاما للقضية الفلسطينية ولكل القضايا العادلة، موجها في ذلك تحية تقدير لدولة جنوب إفريقيا حكومة وشعبا، على ما وصفه بالموقف الشجاع والنبيل الذي سيسجل بأحرف من ذهب، لكونها المرة الأولى التي تتم فيها مساءلة المحتل الصهيوني ومتابعته أمام القضاء الدولي عما يقترفه من جرائم.
وسجل رئيس الغرفة السفلى للبرلمان اعتزازه بما تقوم به الجزائر في إطار عضويتها غير الدائمة بمجلس الأمن الدولي، من أجل تفعيل قرار محكمة العدل الدولية ووضع الجميع أمام مسؤولياتهم، آملا أن يكلل عملها بالنجاح، مؤكدا في ذلك على ضرورة تضافر الجهود، من أجل حمل الكيان الصهيوني على الانصياع لقرارات الشرعية الدولية، والالتزام بتطبيق التدابير المؤقتة التي أقرتها محكمة العدل الدولية والوقف الفوري لحربه الهمجية والسماح بدون قيد أو شرط بدخول المساعدات لكامل قطاع غزة.
برقية شكر إلى الرئيس تبون
وجه الأمين العام لاتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، محمد قريشي نياس، برقية شكر إلى رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، والرئيس الدوري للاتحاد رئيس المجلس الشعبي الوطني، إبراهيم بوغالي، لما لمسه من حرص في تنفيذ أهداف الاتحاد، من أجل أن تتبوأ الأمة الإسلامية المكانة اللائقة بها. ونوهت البرقية بما تشهده الجزائر من تقدم في مسيرة البناء والتطور على مختلف الأصعدة.
كما وجه الأمين العام للاتحاد أيضا، باسمه وباسم أعضاء اللجنة التنفيذية، شكره للرئيس الدوري للاتحاد، إبراهيم بوغالي، على كل ما بذله من جهود وعمل متميز خلال فترة رئاسته الدورية للاتحاد، وعلى استضافته للاجتماع، وعلى ما لقيه أعضاء الاتحاد من عناية فائقة خلال حلولهم بمدينة قسنطينة للمشاركة في هذا الحدث، كما شكر أعضاء البرلمان الجزائري بغرفتيه ووجه الشكر أيضا للشعب الجزائري الشقيق ولأهل مدينة قسنطينة بالتحديد.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس