أفريقيا برس – الجزائر. باتت العلاقات الجزائرية الفرنسية، المتأزمة منذ أكثر من عام، أمام اختبار جديد يُعدّ بمثابة صداع متجدد يزيد من تصعيد التوترات.
فمنذ يوم الجمعة 1 أوت 2025، أصبح الجزائري بوعلام بن سعيد، المحكوم عليه بالسجن المؤبد، على خلفية تفجيرات أنفاق الميترو والقطارات بباريس عام 1995، قابلا للإفراج عنه، وقد يعود إلى الجزائر إذا حصل على ترخيص قنصلي.
وفي هذا السياق، وجّهت إذاعة “فرانس إنتر”، أمس، سؤالا إلى وزير الخارجية، جان نويل بارو، بشأن مدى استعداد الجزائر لاستعادة بن سعيد، فأجاب: “أتمنى ذلك بشدة، فهذا واجب يقع على عاتق السلطات الجزائرية”، مشيرا إلى أن الجزائر لم تُبد موافقتها بعد.
ويفهم من ذلك أن السلطات الفرنسية قد طلبت تصريحا من الشبكة القنصلية الجزائرية في باريس يتيح ترحيله، لكن هذا الطلب لم يُقبل، أو أن السلطات الفرنسية لم تتلقَّ ردا حتى الآن، في أفضل الأحوال.
وأضاف جان نويل بارو: “في هذه الحالة الخاصة، أعتقد أن الجزائر ستُظهر حسّها بالمسؤولية من خلال استعادتها لمواطنها”، لافتا إلى أن العلاقات بين البلدين “في حالة جمود” في الوقت الحالي.
من جهتها، عنونت مجلة “لوبوان” موضوعها حول القضية، بصيغة الاستفهام: “الإرهابي بوعلام بن سعيد محور شدّ حبل بين باريس والجزائر؟”. وقالت: “تتوقف حياة بوعلام بن سعيد على ورقة واحدة تزن بقدر ما تزن العلاقات الفرنسية الجزائرية اليوم: ترخيص قنصلي. هذه الوثيقة هي التي تحدد مستقبله. فإما أن يعود إلى الجزائر، حيث وُعد بوظيفة في مطبعة، أو يبقى في زنزانته بسجن إنسيسهايم المركزي في إقليم الراين الأعلى (شرقي فرنسا)، حيث يُسجن منذ سنوات”.
وكانت محكمة الاستئناف في باريس أيّدت في 10 جويلية 2025، طلب الإفراج عن بن سعيد (58 سنة)، بشرط ترحيله إلى الجزائر، كونه يحمل جنسيتها.
ويُعتبر بن سعيد، وهو من مواليد العاصمة الجزائرية، أحد المتورطين في الهجمات الدامية التي هزّت العاصمة الفرنسية صيف عام 1995، أبرزها تفجير قنبلة بـ”محطة قطار سان ميشال” يوم 25 جويلية من تلك السنة، والذي أودى بحياة 8 أشخاص، وتسبب في إصابة 10 آخرين.
كما يتهم بن سعيد بالمشاركة في تفجير “محطة ميترو ميزون بلانش” (الدائرة 13 بباريس) يوم 6 أكتوبر، والمساهمة في هجوم على “محطة ميترو متحف أورساي” بالعاصمة في 17 أكتوبر من العام ذاته، وهي هجمات تبنتها “الجماعة الإسلامية المسلحة” المعروفة اختصارا بـ”الجيا”.
وقد اعتُقل بن سعيد في نهاية عام 1995، وظل رهن الحبس إلى غاية الحكم عليه بالسجن المؤبد عام 2002. وثبتت محكمة الاستئناف الحكم سنة 2003.
وخلال مراحل التحقيق والمحاكمة، نفى أي صلة له بتلك التفجيرات، كما أنكر انتماءه إلى الجماعة الإسلامية المسلحة، التي ظهرت في الجزائر سنة 1992، عقب إلغاء نتائج الانتخابات التشريعية.
ودخلت الأزمة السياسية بين الجزائر وفرنسا، مع مطلع هذا الشهر، عامها الثاني، بعد أن اندلعت في أعقاب إعلان فرنسا دعمها لخطة الحكم الذاتي المغربية بشأن الصحراء الغربية، في نهاية جويلية 2024.
وقد شهدت الأزمة تصعيدا تدريجيا، خصوصا بعد رفض الجزائر استقبال رعاياها صدرت بحقهم أوامر ترحيل من قبل وزير الداخلية الفرنسي، برونو ريتايو، الذي أصبح في صلب التوترات بين البلدين.
وبلغ التصعيد ذروته في أفريل الماضي، عقب سجن موظف قنصلي جزائري بتهمة خطف واحتجاز أمير بوخرص، المطلوب من قبل القضاء الجزائري.
المصدر: الخبر
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس