عودة التنديد باتفاقية 1968 ومخاوف من ردّ جزائري عنيف

عودة التنديد باتفاقية 1968 ومخاوف من ردّ جزائري عنيف
عودة التنديد باتفاقية 1968 ومخاوف من ردّ جزائري عنيف

أفريقيا برس – الجزائر. استعاد الفرنسيون النقاش بقوة حول “اتفاقية الهجرة 1968” مع الجزائر بعد الخلاص من قضية بوعلام صنصال، وذهب بعض الانتهازيين في باريس إلى مطالبة حكومة بلادهم بمراجعة أو حتى إسقاط الاتفاقية من جانب واحد، غير أن التوجس هيّج مخاوفهم من رد عنيف من قبل السلطات الجزائرية، والذي قد يأخذ الطابع الاقتصادي، حسبهم.

وبينما يطالب متخصصون في العلاقات الجزائرية الفرنسية، بضرورة الأخذ في الحسبان، الخصوصيات الاجتماعية التي تطبع العلاقات بين ضفتي البحر المتوسط، وهو ما ذهبت إليه مقاربات لبعض الخبراء، وفق ما جاء في مقال بصحيفة “لوموند” عدد الإثنين 17 نوفمبر 2025، فإن الرغبة تبدو جامحة في الذهاب عكس ذلك، وفق ما ورد على منصة “أوروب 1” اليمينية.

ويؤكد إيمانويل بلانشار، المؤرخ والأستاذ في معهد الدراسات السياسية في سان جيرمان أون لاي، أنه: “من الصعب استيعاب الطبيعة الفريدة للعلاقة الفرنسية الجزائرية، والتي يُمكن أن تُؤدي إلى الاعتراف بتسهيل التنقل”، والتي لا تشبهها أية مستعمرات استيطانية أخرى، باستثناء كاليدونيا الجديدة، وهو المعطى الذي يجعل من العلاقات بين الجزائر وباريس تنطوي على خصوصيات فريدة.

ومنذ منتصف القرن التاسع عشر، كان جميع سكان الجزائر فرنسيين قانونيا حتى عام 1962، وهو عام الاستقلال واتفاقية إيفيان، وقد نصت هذه الاتفاقيات، يقول إيمانويل بلانشار، على حرية تنقل الجميع، بمن فيهم الجزائريون، الذين احتفظوا بذلك بحق دخول فرنسا والاستقرار فيها من أجل العمل، وفق اتفاقيات ثنائية.

وفي الوقت الذي يأبى الفرنسيون التوقف عن الكلام عن الامتيازات التي تخصصها اتفاقية 1968، للرعايا الجزائريين، تؤكد الصحيفة ذاتها نقلا عن رئيس اتحاد المحامين الفرنسيين الجزائريين، عبد الرزاق بوجلطي، الذي يفند تلك المزاعم انطلاقا من دوره كرجل قانون وكمعاين للواقع على الأرض.

يقول بوجلطي، معلقا على الكلام الذي يردد بشأن امتيازات الجزائريين بموجب تلك الاتفاقية، “بين القانون والممارسة، هناك هوة شاسعة”، فقد عبر عن استغرابه إزاء ما وصفها بـ”الأكاذيب” المنتشرة حول اتفاقية 1968، مؤكدا بأن المحافظات (الإدارة المحلية في فرنسا) “تدوس بشكل صارخ على المزايا القليلة الباهظة للقانون العام”، مشيرا إلى أن “معظم تصاريح الإقامة الممنوحة للجزائريين تصدر تنفيذً لقرارات المحكمة”، بمعنى أن السلطات المحلية في فرنسا لا تمنح وثائق الإقامة للجزائريين إلا بعد أن تجبرهم على الذهاب إلى المحاكم الإدارية، التي تصدر بدورها أوامر للمحافظات باحترام القانون.

وتؤكد هذه الشهادة الأرقام الصادرة عن وزارة الداخلية الفرنسية خلال السنتين الأخيرتين، حيث تشير إلى أن الجزائريين الذين يفترض تمتعهم بمزايا اتفاقية 1968، كما يزعمون، يأتون في المرتبة الثانية من حيث الحصول على وثائق الإقامة، خلف الرعايا المغربيين، الذين ليس لديهم أي اتفاقية مع الجانب الفرنسي، تسهل حصولهم على وثائق الإقامة.

من جهتها، تذهب إذاعة “أوروب 1” المعروفة بتوجهاتها اليمينية، إلى ضرورة وقف العمل باتفاقية 1968، بعد إطلاق سراح بوعلام صنصال، غير أنها تتخوف من رد فعل السلطات الجزائرية، إذ كتبت الإثنين 17 نوفمبر 2025، في مقال لها تحت عنوان: “التنديد باتفاقيات 1968 مع الجزائر: احذروا من ردود الفعل العنيفة”.

وعلقت بهذا الخصوص: “إذا أُدينت اتفاقيات عام 1968، فإن باريس تعلم أنها ستواجه ردا من الجزائر. قد يكون هذا الرد اقتصاديا، مع فرض قيود محتملة على واردات فرنسا من المحروقات بقيمة خمسة مليارات أورو”.

وأضافت: “يجب على السلطة التنفيذية أن تأخذ في الاعتبار مصالح أخرى، لاسيما الاعتبارات الاقتصادية والأمنية”.

وتابعت الصحيفة: “تبلغ قيمة صادرات الشركات الفرنسية إلى الجزائر نحو خمسة مليارات أورو، وهي أيضا قد تتأثر بإجراءات انتقامية. العلاقات الأمنية في أدنى مستوياتها على الإطلاق”، مستغربة من أولئك “الذين يعتقدون أن فرنسا، سابع أكبر اقتصاد في العالم، قادرة على تبرير رفض اتفاقيات عام 1968”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here