هذا ما يقترحه “ميثاق بروكسل” للشراكة مع الجزائر!

هذا ما يقترحه “ميثاق بروكسل” للشراكة مع الجزائر!
هذا ما يقترحه “ميثاق بروكسل” للشراكة مع الجزائر!

أفريقيا برس – الجزائر. يقترح الاتحاد الأوروبي، ضمن ميثاقه الجديد من أجل البحر الأبيض المتوسط، حزمة واسعة من الإجراءات والتدابير للشراكة مع الجزائر ودول الجنوب المتوسطي، اللافت فيها استمرار مقاربة بروكسل القائمة على أساس تعزيز التعاون في مجال مكافحة الهجرة غير النظامية، مقابل إفساح طرق محدودة للهجرة القانونية، ما يعني رغبة التكتل القاري الأوروبي في جعل الشركاء بمثابة شرطي أو دركي لحماية الحدود من تدفقات المهاجرين.

وجاء الكشف عن تفاصيل هذا الميثاق الجديد عبر تصريح مشترك للمفوضية الأوروبية والممثل الأعلى للشؤون الخارجية للتكتل القاري، صدر في 16 أكتوبر 2025.

وتكشف القراءة الدقيقة لوثيقة الميثاق، أن خلف اللغة الدبلوماسية التي أعلنت بها بروكسل عن المبادرة، تختفي معادلة أوروبية قديمة بوجه جديد تقوم على نوع من الابتزاز الذي يشترط التعاون في وقف تدفقات المهاجرين مقابل تسهيلات محدودة في منح التأشيرات وتمويلات مشروطة.

وجاء في الوثيقة بهذا الخصوص ما يلي “سيتبع الاتحاد الأوروبي مقاربة متوازنة بشأن الهجرة مع شركائه في جنوب المتوسط، تجمع بين تعزيز التعاون في منع الهجرة غير النظامية ومكافحة التهريب، وبين توسيع فرص الهجرة القانونية. وستعتمد هذه الشراكة على التزامات متبادلة: تعزيز إدارة الحدود والتعاون في عمليات العودة من جهة، وزيادة فرص التنقل وبرامج هجرة اليد العاملة من جهة أخرى”.

وحسب الوثيقة، فإن الدول الجنوبية بما فيها الجزائر طبعا، مطالبة بتعزيز المراقبة على الحدود البرية والبحرية، ومنع انطلاق قوارب المهاجرين نحو أوروبا، والتعاون الوثيق مع وكالة “فرونتكس” لتبادل المعلومات وتنفيذ عمليات مراقبة مشتركة، إضافة إلى قبول ترحيل المهاجرين غير النظاميين.

في المقابل، لا يقدّم الاتحاد سوى حوافز رمزية وانتقائية، تتمثل في تسهيلات محدودة لمنح التأشيرات لفئات معينة كالطلبة، الباحثين، العمال المهرة ضمن ما يسمى شراكات المواهب، إلى جانب تمويلات مشروطة لبرامج العودة الطوعية للمهاجرين غير النظاميين.

ويكرس هذا الطرح عمليا منطق الأمن مقابل التأشيرات، حيث تتحمل دول الجنوب أعباء ضبط الحدود واحتواء المهاجرين مقابل وعود بفتح قنوات هجرة قانونية محدودة.

كما يقترح الاتحاد إنشاء منصة متوسطية للوظائف، تهدف إلى ربط أرباب العمل الأوروبيين بالعمال المؤهلين من دول الجنوب، وهي آلية تسمح لأوروبا بانتقاء الكفاءات التي تحتاجها، في حين تُغلق أبوابها أمام باقي الفئات.

وتتحدث الوثيقة أيضا عن دعم العودة الطوعية عبر تمويل مشاريع صغرى للمهاجرين في بلدانهم الأصلية، وتدريبهم على إعادة الاندماج المهني والاجتماعي.

وبين سطور الميثاق، يظهر بوضوح أن الدعم المالي الأوروبي مشروط بالتعاون في مراقبة الحدود ومكافحة شبكات التهريب، إذ تخصص الوثيقة تمويلات لتطوير أنظمة المراقبة الإلكترونية والتجهيزات التقنية لحرس الحدود في دول الجنوب، بما يحول هذه البلدان إلى خط دفاع أول عن أوروبا في مواجهة تدفقات الهجرة، ويجعل منها “شرطي” أو “دركي” أوروبا.

وتدرج الوثيقة أيضا مشروع الخدمة المدنية المتوسطية، الذي يسمح للشباب بالتطوع في مشاريع اجتماعية وتنموية عبر دول المنطقة، في محاولة لتقديم واجهة إنسانية لمقاربة أمنية صارمة، كما تدعو إلى حملات توعية مشتركة حول مخاطر الهجرة غير النظامية،.

ويتضمن الميثاق تفاصيل الشراكة في الجانب الاقتصادي الذي لا يقل أهمية، إذ يقترح الاتحاد ما يصفه بالتحول النموذجي للعلاقات مع الجزائر ودول جنوب الحوض، من خلال دعم انتقالها نحو اقتصاد نظيف ومنتج ومتكامل مع السوق الأوروبية.

في هذا الإطار، يطرح الاتحاد مبادرة ضخمة تحت اسم الطاقة النظيفة والتقنيات الخضراء عبر المتوسط (T-MED)، هدفها إنشاء منصة استثمارية كبرى تجمع المؤسسات الأوروبية والبنوك والقطاع الخاص لتمويل مشاريع إنتاج الكهرباء من الشمس والرياح، وتطوير شبكات النقل الكهربائي وربطها بالضفة الشمالية.

كما يقترح الميثاق دعما لدول جنوب الحوض المتوسطي في إصلاح الإطار التنظيمي للطاقة، لتسهيل تصدير الكهرباء والهيدروجين الأخضر نحو أوروبا، مع ضمان استفادة الاقتصاد المحلي من نقل التكنولوجيا وتكوين اليد العاملة.

وتقترح الوثيقة في هذا السياق آليات لتكوين الكفاءات التقنية وتنمية الصناعات المحلية المرتبطة بالطاقات المتجددة، وتضاف إلى ذلك مبادرة StartUp4Med المخصصة لدعم المؤسسات الناشئة والصغيرة والمتوسطة، وتسهيل حصولها على التمويل والمرافقة الإدارية، خصوصا لفائدة النساء والشباب.

كما يولي الميثاق الذي أعلنت عنه بروكسل أهمية كبيرة للتحول الرقمي عبر ربط الجزائر ودول الجنوب بشبكات الألياف البحرية مثل MedusaوBlue-Raman، وتطوير مراكز بيانات، كما يشمل ذلك التعاون في مجالات الأمن السيبراني والحكومة الإلكترونية لتأمين المعاملات وتعزيز الشفافية الإدارية.

وفي الجانب البيئي، يعرض الاتحاد خطة شاملة للانتقال الأخضر تشمل معالجة المياه وإدارة النفايات ومكافحة التلوث البلاستيكي ودعم مشاريع الاقتصاد الدائري، إلى جانب شراكات المياه لمواجهة الجفاف وضمان الأمن المائي في بلدان الجنوب.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here