أفريقيا برس – الجزائر. يثير مشروع قانون المالية الفرنسي الجديد لعام 2026، الذي أودعته حكومة سيباستيان لوكورنو لدى الجمعية الوطنية، وهي الغرفة السفلى للبرلمان، تساؤلات كثيرة في أوساط المتقاعدين الجزائريين المستفيدين من معاشات فرنسية، حول مدى تأثرهم بالإصلاحات الضريبية والاجتماعية التي تضمنها النص، خصوصا في شقه المتعلق بالتقاعد.
والقانون، إلغاء التخفيض النسبي القديم بنسبة 10 بالمائة على معاشات التقاعد، واستبداله بخصم مالي ثابت لفائدة جميع المتقاعدين، تحت مسمى “خصم جزافي”، وهو إجراء تقدمه باريس كوسيلة لتحقيق ما تصفه حكومة لوكورنو بـ”عدالة اجتماعية أكبر”.
وتتيح هذه التعديلات الواردة في مشروع الموازنة الفرنسي، إن تمت المصادقة عليها، ارتفاعا طفيفا في صافي معاشات الجزائريين المقيمين بفرنسا بفضل هذا الإجراء الضريبي الجديد، الذي سيتيح خصم 2000 يورو سنويا من معاشاتهم الخاضعة للضريبة على الدخل.
بالمقابل، ستبقى معاشات المقيمين في الجزائر على حالها، بحكم اتفاقية 1982 بين الجزائر وفرنسا التي تعفيهم من الضريبة الفرنسية على الدخل.
ويؤكد نص المادة السادسة من المشروع أن الخصم الجديد يبلغ 2000 يورو سنويا، ويطبق على الدخل الخاضع للضريبة لفائدة جميع المتقاعدين المقيمين في فرنسا، في خطوة تهدف إلى تبسيط النظام الجبائي وضمان عدالة أكبر بين الفئات، بعد ما كان التخفيض النسبي السابق يفيد أكثر أصحاب المعاشات المرتفعة.
ورغم أن الإجراء الجبائي الجديد لا يغير طريقة احتساب المعاشات نفسها، إلا أنه يُلغي نهائيا نسبة الـ10 بالمائة التي كانت تخصم من المبلغ الخاضع للضريبة، ليُعوّضها بخصم مالي ثابت يمنح امتيازا أكبر للمتقاعدين ذوي الدخل المحدود، في حين يدفع أصحاب المعاشات المرتفعة ضرائب أعلى نسبيا.
أما بالنسبة للجزائريين الذين يتقاضون معاشاتهم من فرنسا ويقيمون في الجزائر، فإن أوضاعهم ستبقى على حالها، كون المعاشات التي تُحوَّل إليهم تخضع لأحكام الاتفاقية الجبائية الثنائية الموقعة بين الجزائر وفرنسا سنة 1982، والتي تنص على أن المعاشات والتعويضات المماثلة تخضع للضريبة فقط في بلد الإقامة.
ومع ذلك، تتضمن وثيقة قانون المالية الفرنسي مواد أخرى، قد يكون لها تأثير غير مباشر على المتقاعدين الجزائريين، إذ يسعى النص إلى تقليص مساهمة الدولة في تمويل صناديق التقاعد وإجبارها على تحقيق توازنها الذاتي، ما قد يؤدي إلى بطء في تحويل المعاشات إلى الخارج أو إلى مراجعة نسب الزيادات السنوية التي تُحدّد عادة وفق الوضع المالي للصناديق.
كما يشير المشروع إلى توجه الحكومة نحو رقمنة شاملة في إدارة الملفات الاجتماعية والإدارية، بما في ذلك ملفات المتقاعدين، وهو ما قد يفرض على المقيمين في الجزائر مستقبلا إجراءات إلكترونية جديدة لتحديث وضعياتهم الدورية.
ويُنتظر أن يناقَش مشروع قانون المالية الفرنسي في البرلمان خلال الأسابيع المقبلة قبل اعتماده النهائي، وسط جدل متزايد حول كلفته الاجتماعية ومدى تأثيره على القدرة الشرائية للفئات الهشة، في وقت تحاول فيه الحكومة الفرنسية احتواء عجزها المالي وضمان تمويل نظام التقاعد في السنوات القادمة.
وحسب تقرير سابق لمجلس الشيوخ (السينا)، وهو الغرفة العليا للبرلمان الفرنسي نشر في نوفمبر 2023، فإن الجزائر تعتبر أكبر وجهة لمعاشات التقاعد الفرنسية، من خلال 347 ألف مستفيد بتاريخ 31 ديسمبر 2021، بمتوسط منحة شهرية زهيدة تقدر بـ249 يورو، ما يمثل مليار و41 مليون يورو سنويا.
من جانب آخر، أشار تقرير لمجلس المحاسبة الفرنسي، صدر في ماي 2025، إلى تعليق السلطات الفرنسية معاشات 15 ألف متقاعد جزائري يتلقون هذه الأموال من صناديق هذا البلد الأوربي في العام الجاري، في حين أن 50 ألفا منهم سيكونون معنيين باستدعاء التحقق من الحياة عبر إجراءات مختلفة، و60 ألفا كل عام وعلى مدار السنوات الخمس المقبلة، في إطار ما تقول باريس إنها مساع لتقليص حالات الغش والتحايل.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس